خلف فاسق لسلف نبيل!

حفلت طفولتنا بكثير من الاحاجي والقصص الشيقة وان كانت اغلبها من محض خيال “الحبوبات” ولا تمت “الواقع الفعلي للاشياء”بصلة، الا انها اثرت حياتنا الطفولية وغذتها بأنبل القيم والموروثات الاخلاقية التي يزخر بها كريم عاداتنا وتقالدينا المتأصلة منذ القدم، بعيدا كل البعد عن (فلسفة الاديان السماوية) التي يعتبرها الكثيرين مرجعا للقيم والاخلاق، وأبسط صورة لنبل هذه العادات الموروثة انها تعترف بحق الحياة لنا ولغيرنا.
ومن بين الاحاجي المطبوعة في الذاكرة، والعهدة على ذمة (الحبوبات) يقال ان حشرة (ابو جعران) المعروفة بكرشها الكبير ولونها الاسود هي المسؤولة عن خاصية الشبع لدينا، والفراشات الملونة التى تدور حول الذهور هي من تأمر الاشجار كي تثمر ، والضفادع التي نراها تحت زير الماء في منازلنا هي وحدها من يستجيب السماء لندائها عندما تطلب هطول المطر فيهطل، اي كل “مخلوق مسالم” تقريبا قيل لنا بطريقة ما انه به سر يخدم مصلحتنا، وقتله يعني فقداننا لخدماته التى لا تعوض، ولاننا كنا نتلقى تلك الحكاوي من أحب الناس الي قلوبنا وموضع ثقتنا! اخذنا كل شيء على محمل الجد، وانعكس ذلك في سلوكنا اليومي وفي تعاملنا مع المخلوقات التى حولنا، فكنا نهتم لأمر الحشرات اهتمام يصل حد الرعاية، لم نكن نؤذيها او نعترض اسلوب حياتها على الاطلاق، بل كنا الاقرب لها من بني جنسها في تقديم المساعدة ومد يد العون عند الحاجة.
كبرنا وادركنا حقيقة الاشياء وطبيعتها على غير ذلك، غير اننا لم ناخذ على “الجدات” كذبهن علينا بقدرما ابهرنا ذكاءهن في ترسيخ مبادىء وقيم ما كانت لتستوعبها عقولنا المحدودة.
ويعلم القاصي والداني ان الاطفال من اكثر فئات المجتمع احتكاكا بهذه المخلوقات الصغيرة التي تتواجد في بيئته، ويمكنهم وضع حد لحياة الكثير منها وهم يعبثون، وهذا ينتهك حق آخرين في الحياة الذي اقره كريم الاعراف والمعتقدات، وعليه كانت لهذه الحكاوي ضرورة قصوى.
اين موقع قادة الحرب في بلادنا من هذه القيم؟ واقصد (فرقاء السلطة) الذين اختزلوا حياتنا كلها بين “قاتل ومقتول”، وقدموا صورة سيئة وقبيحة ومشوهة للقيم وكريم الاعراف التي تربينا عليها.
هل يعلمون بانهم اسوأ خلف لسلف مشهود له بالنبل وحسن الخلق والاخلاق؟
هل يعلمون بان بطشهم وطيش اخلاقهم الذي طال الحشر والشجر قبل البشر هو اسوأ كارثة عرفتها هذه الارض الطيبة بعد “طوفان نوح” الذي قرأنا عنه في الكتب السماوية؟
شخصياً اجزم انهم لا يعلمون، وقيل قديما، من لا يعلم او من لا يدري، ولا يدري انه لا يدري! فذلك أحمق فاجتنبوه، وفي (رواية آخرى) فذلك فاسق فاجتنبوه، وعلى الشعب الجنوبي اجتناب هؤلاء.
ألقاكم.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. قدوال اخي سايمون
    نحن ايضا بالشمال اثرت حكاوي الحبوبات فينا كثيرا والى الان عقلنا الباطن يستجلب هذه الحكاوي بمواقف معينه وفعلا لو كان قادتنا بالوطن السودان الكبير قد تخلوا باخلاق ابطال هذه الحكايات لما اشتعلت الحروب بالبلاد ولما تشرزمت ولما قتل الاخ اخاه ولكن رغم هذا نرجو ان يظهر قائد له رؤية ويضع النهاية لهذة الحروب التي تنتفع منها قلة لا يهمها سوى الاغتناء ببيع الاخرين

  2. ياكاتب ياعظيم والله بحبك وبحب زوقك النبيل وروحك الحلوة ومنعول ابو الانفصال الفرق بيننا..اخوك عبدالمنعم

  3. حيّاك الله الأستاذ سايمون.
    لا فضّ فوك يارجل…!
    والله من أجمل ماقرأت مؤخرا…!
    وياليت قومى يسمعون…
    لا أسكت الله لك حسا…

  4. قدوال اخي سايمون
    نحن ايضا بالشمال اثرت حكاوي الحبوبات فينا كثيرا والى الان عقلنا الباطن يستجلب هذه الحكاوي بمواقف معينه وفعلا لو كان قادتنا بالوطن السودان الكبير قد تخلوا باخلاق ابطال هذه الحكايات لما اشتعلت الحروب بالبلاد ولما تشرزمت ولما قتل الاخ اخاه ولكن رغم هذا نرجو ان يظهر قائد له رؤية ويضع النهاية لهذة الحروب التي تنتفع منها قلة لا يهمها سوى الاغتناء ببيع الاخرين

  5. ياكاتب ياعظيم والله بحبك وبحب زوقك النبيل وروحك الحلوة ومنعول ابو الانفصال الفرق بيننا..اخوك عبدالمنعم

  6. حيّاك الله الأستاذ سايمون.
    لا فضّ فوك يارجل…!
    والله من أجمل ماقرأت مؤخرا…!
    وياليت قومى يسمعون…
    لا أسكت الله لك حسا…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..