منهج الكذب، والنفاق !

نصف الكوب
كدنا نُسلِمْ أن النُبل والصفات الحميدة كالصدق ، والامانة ، ومحاسبة الذات وغيرها من الأشياء التي أصبحت تستحق الإحتفاء ، وباتت الصحف والوسائط تتبارى في نقل خبر يتعلق بأمانة سائق مركبة أجرة ، أو فيديو الراعي السوداني بالسعودية ( هذا على سبيل المثال ) وهو امر يوضح بجلاء الوضع السيئ الذي نحن عليه ، وكذلك تجد أحدنا يروي العديد من القصص التي تُحدث عن صفة الصدق والامانة عند الغربيين ، أو أصحاب الديانات الاخرى ، وننسى أو نتناسى أنه الأصـــل ( أي أن الأصل في الشخص يجب أن يكون حقانيآ وصادقآ وأمينآ مهما يكن وضعه ، أوديانته ) ، لكنه للأسف بات إستثناء أو شئ نادر يستحق الإحتفاء ! .
ويبدو أننا إقتربنا من وضع ( منهجية ) للكذب والنفاق ؛ ومؤكد أن التأثير يبدأ من المؤسسات والمجموعات التي تؤثر في المجتمع مثل المساجد والمدارس ، والمدراء بالمؤسسات … فهل الخطيب في المسجد يؤمن ويعمل بما يقول ؟ ، وهل يعرف الحق ويعمل به ، وهل يتحدث عن الظلم ويصوب سهامه للظالم ( الصهيوني ) كما الوطني ؟ ( مجرد مثال ) .
أيضآ الكثير منا إرتبك ، أو استقبل بغرابة تصرف مدير مدرسته ، والأساتذة عندما ياتي الموجهين ، فتجد المدير قبل يوم من وصولهم يُشدد على الطلاب/ التلاميذ بضرورة الإنضباط في المظهر والسلوك ، والقيام بالنظافة ليوم غدِ ( ويقصد يوم وصول الموجهين ) … ومن الجانب الآخر يكلف معلم حصة التوجيه أحد الطلاب أو التلاميذ بالإعتنا جيدآ بالسبورة ويقدم درس ( تشاهد غدآ ) حتى يضمن إستيعاب ومشاركة جميع الطلاب ؛ وفي اليوم التالي يكون من الواضح جدآ أن كل شئ على غير العادة لدرجة تجعلك تتمنى ان تكون كل أيام الدراسة مثله ، وستلاحظ أيضآ أن المعلم على غير عادتة اثناء الدرس ، ويركز على الطلاب المشاركين وكذلك يهتم بكتابة التاريخ الهجري والميلادي وغير ذلك … وهذا بالتأكيد سيترك عندك إنطباع غير جيد من مؤسسة تعليمية تربوية ، والأمر نفسه تجده في بعض المؤسسات أو إحدى الإدارات عندما يزور الرئيس مرؤسيه ، ولعلكم تلاحظون الجيئة والذهاب في الزيارات المبرمجة لمؤسسة الرئاسة للولايات أو لأي من مؤسسات الدولة يبدأ الأمر بلجنة عليا ، وينتهي بتركيز العمل والنظافة في الطرقات والأماكن التي يزورها او يعبر بها الرئيس أو نائبيه ( فقط ) والقيام بتجميل كل شئ ، وهذا يكلف الدولة ميزانية ضخمة ( بإعتبار أن كل الأمور على غير العادة ) وكذلك الخطابات والأحاديث لدرجة أن أحدهم يفوض نفسه أثناء الخطاب ويقدم المبايعات والتعهدات بإسم الجميع ! .
يُفترض إصدار توجيه رئاسي للجميع بالإكتفاء بمكاتب التنسيق فقط ، وعدم تكوين لجان عليا للإستقبال ، وهذا يحقق فائدتين ( توفير المال العام ، ورؤية الأشياء على حقيقتها من غير تجميل ) .
وكذلك دعوني أدعوا المؤسسات التعليمية ، وقياداتها ومعلميها بضرب مثل جيد للطلاب والتلاميذ في الصدق والأمانة ، ومحاسبة الذات والإعتراف بالأخطاء بشجاعة .
أخيرآ يجب أن يكون الكبير دومآ منضبطآ ، ويتصف بصفات الخير والصلاح ( والكبير هذا قد يكون الوالد ، المعلم ، المدير ، الرئيس ) ؛ وحتى لا تكن شيمة الجميع الرقص والطرب ! .
وأختم بأبيات تُحِدث عن تأثر الصغار بفعائل الكبار :
– ” مشى الطاؤوس يومآ بإختيالٍ
– فقلد شكل مشيته بنوه .
– فقال : علامَ تختالون ؟
– قالوا : أنت بدأت به ونحن مقلدوه
– أمَا تدري أبانا كلُّ فرعٍ … يجاري بالخُطى من أدبوه؟.
– وينشئ ناشئ الفتيان منا ؛ على ما كان عوده أبوه ” .