الصحافة السودانية (الحيطة القصيرة)!!

كلما تعثرت السلطة ولازمها ثوب الفشل في أي مشروع أوقرار،تنظر ذات اليمين وذات اليسار بحثاً عن متهم أو (شماعّة) في كثير من المواقف كانت الصحافة ( المسكينة) هي ( الحيطة القصيرة) ، والسلطة تُريد صحافة تُلّمع وتنقل أخبار وزراء الحكومة في حلهم وترحالهم ، وتنشر الأرقام الرسمية حتي لوكانت مجافية للواقع والمنطق ،وذات الحكومة التي تطلب من الصحافة نقل أخبار (الحكومة) ، تُكبل الصحافة السودانية وتمنعها من أداء واجبها علي الوجه الأكمل وتضع أمامها قيود وعراقيل لاحصر لها ، قوانين تُقّيد عمل الصحفيين ومجالس وهيئات رسمية معنية بتطوير بيئة العمل الصحفي ولكنها عملياً بلا أي فائدة تُذكر.. تدخلات سافرة في الممارسة الصحفية بشتي الصور – تدخلات مباشرة وغير مباشرة ? وإستخدام أسلحة مختلفة ومتعددة ضد الصحافة والصحفيين ومن هذه الأسلحة سلاح ( الإعلان الحكومي) وحتي إعلان الشركات الكبيرة الخاصة تقع تحت سيطرة ذات الجهات الرسمية التي تخصصت في مراقبة وملاحقة الصحفيين.. وهذه الصحافة المُكبلة بالقيود والمحاصرة بكل أدوات ( الترغيب والترهيب) مطلوب منها أن تنال إعجاب الحكومة وأن تكون صوتاً لمن لا صوت لهم وأن تُسلط الضوء علي كل ملفات الفساد وهي في الغالب ملفات رسمية ومحمية بإمكانات السلطة ، والسُلطة تعمل ليل نهار علي تكسير الأقلام ، السلطات أزالت معظم (أكشاك الصحف) في الخرطوم، وتفرض علي المؤسسات الصحفية ضرائب وأتاوات مُتعددة ومتنوعّة تُرهق ميزانيات الصحف المُنهكة أصلاً وبل الضعيفة.. في دول قريبة الحكومات تدّعم الحصافة وتقدم لها العون والتسهيلات ، هنا كل المطلوب أن ترفع الحكومة (يدها) عن الصحافة، وأن تُزيل العراقيل والعقبات.
كل القيود التي ذكرناها لم تعد كافية في نظر الحكومة وفكرت في قانون جديد يقضي علي كل هامش أو مساحة للحريات الصحفية وعندما واجه الوسط الصحفي مشروع القانون بالرفض القاطع لجأت السلطة إلي (تكتيات) أخري ولازال مشروع القانون المرفوض يشُكل تهديداُ إضافياً مع جملة التحديات الكبيرة والشائكة التي تواجه الصحافة السودانية ، والتي أصبحت مُهددة بالغياب التام والنهائي، رغم أنها بتاريخها العريق قاومت كل أشكال التهديد والمنع والمصادرة ولكن في هذه المرة تبدو التحديات كبيرة والمشاكل والعقبات كثيرة ومتعددة.
الأزمة الاقتصادية الماثلة الآن والإرتفاع الجنوني في مدخلات الإنتاج وتُحكم ذات الجهات التي تقف في صف (خنق الصحافة) في صناعة الصحافة ? المطابع والأوراق وغيرها ? تُشكل تهديداً خطيراً لمسيرة الصحافة السودانية ، وتُمهد الطريق أمام الحكومة لتنفيذ ( الرغبة القديمة) في دمج الصحف وتفصيل قانون علي مقاس هموم وتطلعات السلطة وخصماً من رصيد الحريات وصناعة صحافة تُلبي رغبات وأماني من بيدهم ( القلم) ولكن الصحافة ( المصنوعة) بعناية السلطان لن لم تُفيد الحكومة ولن تحجب (الحقيقة).

حسن بركية
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..