دروس نسائية في مارس

يصر هذا الشهر مارس أن يكون شهرا نسائيا بامتياز، فهو يبدأ باليوم العالمي للمرأة في الثامن منه وينتهي بيوم الأم في الحادي والعشرين. ولعل هذا الإنحياز الكبير من هذا الشهر للنساء لتخليد ذكري بعضهن.
فها هي الأنباء تفجعنا بمقتل إحدى ماجدات الحركة النسائية في العالم مارييل فرانكو الناشطة في مجال حقوق الإنسان والعضو في مجلس بلدية ريو دي جانيرو في البرازيل إثر هجوم مسلح استهدف سيارتها وأصابت أربع رصاصات جسدها النحيل الذي أرهقه النضال الطويل. وكانت فرانكو قد نددت بعنف الشرطة في المدينة في تصريح أدلت به عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي.
وعقب مقتل فرانكو تدفق الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع في ريو دي جانيرو ونظموا مظاهرات احتجاجية تنديدا بهذه الجريمة وتخليدا لذكرى الراحلة، امتزجت فيها الهتافات بالدموع التي ذرفها الآلاف لرحيل فرانكو.
وفي ذات القارة اللاتينية تعالت أصوات الهتاف ممتزجة بالدموع أيضا في مشهد قل أن تشاهده أو تسمع به وذلك لوداع رئيسة جمهورية تشيلي ميشيل باشيليت المرأة التي برهنت أن بمقدور النساء إسعاد العالم وتحقيق الرفاه والعدالة والمساواة وتحقيق الرضا التام للشعوب.
قبل انتهاء ولايتها اقترحت رئيسة تشيلي، وضع دستور جديد للبلاد، ليس لتمديد فترة توليها للرئاسة كما يفعل الكثيرون من الرؤساء في العالم ولكن كي يضمن المساواة في الأجور بين الرجل والمرأة فضلا عن تعزيز ضمانات حق الإضراب.
وكانت باشيليت قد أرسلت المقترح إلى الجهات التشريعية المختصة، قبل خمسة أيام من تركها لمنصبها. وكان المقترح يدعو أيضا لتحسين الرعاية الصحية والتعليم والضمان الاجتماعي، مع العلم أن باشيليت تنقصها الأغلبية في البرلمان التشيلي، إلا أن موقفها من عدم تعديل الدستور والتمديد لها زاد من عدد مناصريها حتى من الكتل الأخرى.
المواقف الداخلية لباتشليت وجدت الإكبار والإحترام والمناصرة من الشعب الشيلي وكذلك تلك التي اتخذتها تجاه الشعوب الأخرى فقد أكدت ميشيل إبان فترة توليها الرئاسة دعمها للقضية الفلسطينية، ورفضها قرار الولايات المتحدة الأمريكية بنقل السفارة إلى القدس، مجددة دعمها لحل الدولتين، بوصفه الحل الأجدر لتحقيق السلام.
كل هذه المواقف وأخرى لا يسع المجال لذكرها تجد منا الإشادة والتقريظ والاعتزاز بالنساء أمثال السيدتين ميشيل ومارييل.
وفي إفريقيا برزت رئيسة ليبيريا السابقة إلين جونسون سيرليف بعد فوزها المستحق بجائزة مو إبراهيم للإنجاز في القيادة الأفريقية لعام 2017م، والتي تهدف إلى تحسين نوعية القيادة السياسية في القارة، بعد أن سلمت السلطة في أول انتقال ديمقراطي سلمي للسلطة في بلادها منذ سبعة عقود. وتركت جونسون سيرليف، الحائزة على جائزة نوبل للسلام وأول سيدة تنتخب رئيسة دولة في أفريقيا، منصب الرئاسة في ليبيريا الشهر الماضي مفسحة الطريق أمام نجم كرة القدم الدولي السابق جورج ويا.
ختاما: يبقى باب الحب والأمل مشرعا تفتحه على مصراعيه النساء وكذلك وتبقى التساؤلات مطروحة ألا يوجد من الرؤساء الرجال من يحذو هذا الحذو النسائي المشرف فرئيس الصين الذي أرسل مبعوثا خاصا لحضور تنصيب رئيس شيلي الجديد في مفارقة تامة للنهج الديمقراطي يعدل الدستور الصيني ليصبح رئيسا مدى الحياة. وعلى ذات الطريق يسير الرئيس السوداني عمر البشير والذي لم يذق شعبه إلا الويلات وسوء الصنيع.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..