حرب الفضاء

الساعة 25
خرج أمس من السجن الصحفيان أشرف عبد العزيز وحسن وراق بعد أن جمعت حملة (جنيه الكرامة) الغرامة المالية التي قضت بها محكمة الصحافة وأمر القاضي بإطلاق سراحهما، بعد أن قبعا في السجن (4) أيام، وقال صحفيون إن الغرامة تم سدادها عبر حملة جنيه الكرامة حيث تم توريد المبلغ أمس بمحكمة الصحافة وأمر القاضي بإطلاق سراحهما. وكانت محكمة الصحافة أدانت الخميس الماضي، رئيس تحرير صحيفة الجريدة أشرف عبد العزيز والكاتب الصحفي حسن وراق بدفع غرامة 35 ألف جنيه، لنشر الجريدة مقالا للأخير يتعلق بفساد أراضي بمحلية الحصاحيصا في ولاية الجزيرة لكن أشرف ووراق رفضا دفع الغرامة وفضلا الذهاب إلى السجن.
بالرجوع الى العقوبة التي اوقعتها محكمة الصحافة والمطبوعات على الزميلين أشرف عبد العزيز وحسن وراق ـ نموزجا وليست سابقة.. بالرجوع الى العقوبة يبرز السؤال : ماهي مشروعية هذه المحكمة؟ ويجب ان نقرأ ذلك مقرونا بـ(المواثيق الدولية التي كفلت للإنسان الحق في حرية التعبير كحق أساسي في عدد من الاتفاقيات الدولية وتعتبر المادة 19/2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الإطار القانوني الذي يقنن هذا الحق والتي تقرأ “لكل إنسان الحق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعاملات والأفكار وتلقيها ونقلها الى آخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها” ومعروف عنالجمعية العامة للأمم المتحدة إعتمادها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 16 كانون الأول/ديسمبر 1966 والسودان أحد الدول الأطراف في العهد وقد بلغ عدد هذه الدول 165 في نيسان/أبريل 2010 وقد انضم السودان إلى العهد في 18 آذار/مارس 1986. ووفقا للمادة 27 من الدستور الانتقالي للسودان لعام 2005 فإن كل الحقوق والحريات المضمنة في هذا العهد تعد جزءا لا يتجزأ من الدستور، والعقوبة ـ موضوعنا تعد خرقا وحنثا بينا لما صادق عليه السودان من مواثيق دولية ملزمة النفاذ،
لاشك إن الحق في حرية التعبير حق أساسي يشكل احدي الدعائم الجوهرية للمجتمع الديمقراطي ولكن يجب أن لا يمتد ذلك للتعبير عن آراء تحض على الكراهية من منظور عرقي أو ديني أو خلافه ، وبالتالي حرية حق التعبير يجب أن لا تكون مطلقة, ، ويبقى تحقيق ذلك هو الجوهر ، مثال ـ المادة 4/أ من اتفاقية القضاء على التمييز العنصري ألزمت الدول بضرورة منع التعبير عن الآراء التي تحض على التمييز والعنف والكراهية.
الدستورية والقانونية ذات الصلة مع الاسترشاد ببعض الأحكام القضائية كنماذج ثم الختام والتوصيات . لحرية التعبير مضارها ان ترك الحبل على الغارب، كما الحد منه فيه سلب للحريات المنصوص بالدستور والمواثيق الدولية… في النموزج ـ اشرف/ وراق، فالواضح ان المدعي يرى ضررا في النشر، بينما أجزم ان الزميل حسن وراق وهو اسم صحفي معروف اجزم بانه اعتمد على مستندات تعضد التجاوزات المنشورة، كذلك اجزم بان الاخ أشرف عبد العزيز بكل خبرته الصحفية وبوصفه رئيسا للتحرير والمسؤول الاول عن كل ما ينشر بصحيفته ، ما كان ليجيز مادة صحفية للنشر تقود الى مساءلة قانونية، إذا وحسب منطوق الحكم يتضح ان ثمة خلل ما بمكان ما!عليه يجب وضع الامور في نصابها بترك الخبز لخبازينه ـ “القضاء”… وإستقلالية القضاء السوداني يشهد أول من يشهد لها صحافة الخرطوم، قضية صحيفة التيارـ نموزجا، لا حصرا، ثم ان في التضييق على الصحافة ما لم ولن تحتمله السلطة عبر حرية تتيحها ذات المواثيق الدولية المصادقة عليها البلاد وفي حال مضي السلطات في تضييقها على الصحافة، فالناتج لا محالة هو لواذ الأمة بالفضاء الشاسع ،وليس بمقدورهاـ “السلطة” في هذه الحالة الوقوف في وجه الشبكة العنكبوتية ويجب الاحتكام الى صوت العقل
فما فشلت فيه خلال محاربتها للدولار بالقوة لا برفع قدرات الجنيه ، بغية إنعاش الاقتصاد العليل، حتما هو مفشلها في محاربة الصحافة والاعلام، فلا بد من توازن في القوة ونوعية السلاح… أبحثوا عن العقل حيث الحل كامن.
وحسبنا الله ونعم الوكيل