مثقفو الحركة الشعبية والتعامي عن رؤية الحقيقة

حملت الأسافير الاجتماعية تقريرا اخباريا عن لقاء جمع د.أبكر آدم إسماعيل ود.ياسر حمودة من الحركة الشعبية (جناح الحلو) ومنظمة البان افريكانز بالمملكة المتحدة (International Decate for People of African Decent) والتى تعرف اختصارا ( IDPAD) وترجمتها منظمة العقد العالمى للشعوب ذات الأصول الأفريقية وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة تاسست عام 2013م.
اللقاء المشار اليه بحسب التقرير بحضور Mr.GlenroyWatson السكرتير العام لGlopal African Congres
مايهمنا فى هذا التقرير الاخبارى هو مناقشة ما قدمه ممثلا الحركة الشعبية من أطروحات ورؤى في اطار محدد متعلق بوحدة االسودان وهويته وانتماؤه وسنقوم بعرض الأفكار ونقدها بهدف الحوار الجاد لا بغرض نفى التفكير وشيطنته متوخين انطلاقنا وهم من منصة وحدة الوطن ومصالحه.
قدم د.أبكر آدم إسماعيل بحسب التقرير شرح لأهداف الحركة الشعبية وتلاقيها مع أهداف المنظمة، من ناحية أخرى أشار د.أبكر الى جذور المشكلة السودانية منذ الاستقلال ذاكرا أن مشروع السودان الجديد هو الحل وضمان الحفاظ على الثقافة والهوية الأفريقية والعنصر الأفريقي وقد أشار الى تعرضهما لخطر حقيقى!
فى سياق آخر قال بأن السودان ليس به أصل عربي من الناحية العرقية وإنما هم أفارقة تم استلابهم وتعريبهم وهم أكثر حوجة للتغيير للتصالح مع هويتهم الأفريقية أما د.ياسر حمودة فقد أشار بحسب التقرير الى العملية الممنهجة لمحو الأفريقية فى السودان والتي جعلت من السودان منصة الانطلاق لغزو القارة ولولا الحركة الشعبية ونضالها الممتد لتمدد المد! ودعا في حديثه الأفارقة لمقاومة هذا المشروع بشكل جاد.
ابتداءا من حق الحركة الشعبية أن تؤسس لعلاقاتها السياسية وفوق السياسية مع من ترى من منظمات وأحزاب وحركات تماثلها ذات الأشواق والتطلعات أو تتعاطف معها ولسنا فى معرض الاعتراض على ذلك ولكن لا ينبغى لحركة سياسية وثورية مسلحة وتدعي حمل مشروع تغيير لصالح الانسان السودانى ان تقفز فوق حقائق الواقع التأريخى وتشوه مسيرة التعايش الوطني بالتعامي عن جوهره تارة بالتزييف وتارة أخرى بالتعميم النظرى المخل.
قطعا لا يفوت على د.أبكر إن الأفريقية التي يتدثر عباءتها هى ليست ثقافة وليست هوية حيث لا توجد ثقافة موحدة لأفريقيا ولا لغة موحدة وقد كانت هذه المعضلة إحدى ورطات دعاة الأفريقية والزنوجة فى ستينات القرن الماضى، أفريقيا بها آلاف اللغات والثقافات فى محيطات مجتمعاتها المتنوعة شمال وجنوب الصحراء وخط الاستواء، واذا جاز لدكتور أبكر تسمية هذه الفسيفساء بالثقافة الواحدة والهوية الواحدة لصح ذلك على آسيا واوروبا والأمريكتين . . الخ، وهنا يجب أن لا نخلط بين مفاهيم الانتماء القارى ومحدداته ومحاولة الباسه توصيفة غير صفته والباسه ثوبا أضيق من جسمه لا هو يشكل غطاءا ولايستر عريا.
يدعي د.أبكر فى مفارقة غريبة أن مشروع السودان الجديد هو الحل للحفاظ على العنصر الأفريقى متجاهلاً أو متعامياً عن عدم وجود جزر سلالى واحد للأفارقة وإن هذه النظرية القائمة على فكرة العرق والنقاء قد تجاوزها العلم ومنطق العصر وهى تعبر عن نظرة عنصرية محضة مقيتة، ومن ناحية أخرى متى بدأ مشروع السودان الجديد؟ والى اين وصل؟ فاذا كان المشروع المعني الذي بدأ بتأسيس الحركة الشعبية في العام 83 قد فشل في الحفاظ على وحدة السودان وانتهى الى مشروع انفصالى بامتياز عام 2011م فكيف يمكن له أن يشكل حلاً للحفاظ على العنصر الأفريقى والهوية المٌدعاة وهو هنا يشكل واجهة متناغمة مع مشروع الاسلام السياسي ونزعته الانفصالية القديمة التي تعتبر الجنوب إحدى مهددات نموه والمنطلق من الأفق الديني العاطفي متجاوزاً للانتماءات الوطنية وفوق الوطنية.
من ناحية أخرى كيف يمكن للحركة الشعبية التي فشل مشروعها في الجنوب الذي تأسس على ذات المزاعم التي يتبناها د.أبكر وحركته والتي فشلت في وحدتها الداخلية والتي انتهت خلافاتها مع الجناح الآخر (عقار) الى قتال الهامش ضد الهامش ففاقد الشيء لا يعطيه، في الوقت الذي تقف فيه الحركة الشعبية التي يمثلها د.أبكر وزميله عند شعار تقرير المصير، ذات الشعار الذي أفضى الى انفصال الجنوب وهزيمة مشروع السودان الجديد بشعاراته الوحدوية البراقة ما قادهم الى تصنيفهم من قبل غرمائهم الآخرين في الجناح الآخر (عقار) الى دعاة عنصرية وتقسيم.
إن محاولة التسطيح العاطفي في إن الأفريقانية في السودان تتعرض للخطر ولمحاولات الطمس والاستلاب تعتبر محاولة لتفخيخ التعايش بين مكونات المجتمع السوداني وضرب نسيجه الإجتماعى وقفز بالزانة فوق الحقيقة المتمثلة في فشل الدولة الوطنية والنخب التي حكمت البلاد في ادارة التنوع لصالح وحدة الوطن وتنميته وتقدمه بل قاد هذا الفشل الى أن يصبح السودان كله فى مهب الريح.
في توصيلة أخرى يشير د.أبكر الى أن السودان ليس به أصل عربي من الناحية العرقية ولنا أن نسأل د.أبكر هل العرق هو من يحدد الانتماءات والهويات؟ وأين يوجد نقاء عنصري أو عرقي في عالم اليوم؟ ثم لماذا نبذ العالم كله في أربعينيات القرن الماضي النازية ومفاهيمها حول سيادة الجنس الآري،
السودان امتزجت فيه العروبة كثقافة وقومية بالمكونات الحضارية والتأريخية لشعوب السودان القديمة في اطار عملية طويلة قادت الى تحول السودانيين نحو الثقافة العربية بالرغم من بقاء بعض مكونات التكوين السابق للاستعراب فى لهجات وانماط ثقافية محلية وعادات وغيرها وهي ذات العملية التي تمت عبر الهجرات فى بلاد الشام والرافدين ووادي النيل وشمال أفريقيا حيث لم يكن حداتها قوى استعمار وانما حملة ثقافة ودين سماوي وهذا ما جعلهم يمتزجون ويتصاهرون ويؤثروا ويتاثروا ما جعل لخصائص التكوين القومي سمات محلية بائنة.
إن التكوين العروبي -الاسلامي في السودان كان نتيجة طبيعية للهجرات العربية قبل وبعد الاسلام بالرغم من أن الهجرات الحاسمة التي خلقت التحول هي ما بعد الاسلام لارتباطها ببعد آخر ذو تأثير كبير وهو العقيدة الدينية وقد تم ذلك على أنقاض ممالك دينية كبيرة فى السودان (علوة -المقرة -سوبا) ولديها لغاتها وثقافتها وكانت ذات تأثير كبير فى محيطها وقد مهد دخول العرب المسلمين لشمال السودان اتفاقية شهيرة عرفت باتفاقية البقط ومن هنا يجب أن نفهم بأن العرب لم يدخلوا البلاد كقوة استعمارية ذات أهداف سياسية واقتصادية مثلما حدث لاحقاً وإنما مهاجرين وما أهلهم لإنجاز هذا التحول عوامل محددة تمثلت بدءا في ضعف الدويلات المسيحية وانقسامها وتشتتها أولا وثانيا دخول العرب حملة رسالة وثقافة كان لها عظيم الأثر في ثقافة السكان المحليين وثالثا دخول العرب كرجال أتاح لهم فرصة التزاوج مع الأقوام السودانية المختلفة وهذا كان عاملا حاسما فى التحول الاستعرابي وبذات القدر ينفي صفة العنصرية التي ينشد على أوتارها دعاة العنصرية المضادة الحديثة، ومما يجدر ذكره هنا إن السودان لاحقا تعرض لموجات استعمارية وغزو كولنيالى (الاتراك -والانجليز ) ولكنها لم تكن ذات تأثير ثقافي حاسم على مستوى المجتمع برغم إن الأتراك كانوا يتدثرون عباءة الخلافة الإسلامية فالحكم التركي دحرته الثورة المهدية والحكم الانجليزي دحرته الحركة الوطنية السودانية، وفق هذا التسلسل لم يكن العرب في السودان ضمن الحلقة الاستعمارية لكي يأتى العنصريون الجدد ليتحدثوا عن غزو عربي لأفريقيا، يا لغرابة المفهوم لا سيما في ظل وضع عربي يعتبر الأسوأ في تاريخ الأمة.
لم يكن د.أبكر منصفا في هذا الجانب وهو يقرر بكل بساطة ان هؤلاء أفارقة تم استلابهم وتعريبهم متناسيا أو متعامياً عن الأهداف الاستعمارية الأوربية في القارة المتمثلة فى سياسات الطمس الثقافي (الفرنسة) وسياسات فرق تسد (الانجليزية) التي استهدفت وحدة شعوب القارة وتفكيك مجتمعاتها وابقائها في دائرة التخلف ونهب ثرواتها وجعلها مستودعاً للمواد الخام.
إن هذه النظرة الانتقائية في تفسير التاريخ بعيداً عن رؤية الحقيقة التاريخية لا يجعلها تتوكأ مصداقية تستند عليها،
يشير د.ياسر حمودة في مشاركته الى ما أسماه بالعملية الممنهجة لمحو الثقافة الأفريقية في السودان وقد سبق أن فندنا ادعاءات صفة الإفريقية كثقافة وهوية وما يطرحه في هذا الجانب أشبه بادعاءات البارونة كوكس حول استهداف المسيحية في السودان ابان الحرب الأهلية في جنوب السودان وهي دعاوى أقل ما توصف به إنها تشكل غطاءا هشاً للتدخل الأجنبي في قضايا النضال الوطني بأبعاده المعروفة السياسية والاجتماعية والذي تدور رحاه منذ الاستقلال حول عناوين الديمقراطية والسيادة والوحدة ونظام الحكم.
يشير د.ياسر في جانب آخر الى إنه لولا نضال الحركة الشعبية لتمدد المد العروبي والاسلامي الى عموم أفريقيا ولنا أن نتساءل اذا كان المشروع العروبي الاسلامي مشروعا ثقافيا وليس استعماريا كما اشرنا فماذا قدمت الحركة الشعبية في جبهة نضالها الثقافي في مواجهة هذا المشروع والذي تمتد تاثيراته في عمق دولة الحركة الشعبية باستمرار العربية كلغة تواصل مشتركة بين قبائل الجنوب منذ زمن بعيد وحتى الآن وامتداد تاثيرات هذه الثقافة كما يقرر هو نفسه الى العمق الأفريقى غرباً وشرقا، لا يعدو هكذا تفكير إلا أن يشكل نوعاً من النزغ والنزوع العاطفي الذي لا تسنده حقيقة.
إن حركة العالم المعاصر لا مكان فيها إلا لثقافة ذات محمول حضاري وتراث تاريخي فمن الخطل الحديث عن مواجهة مد عروبي أو خلافه يستهدف القارة الأفريقية فالراهن يشير الي أهمية تلاقح وانفتاح الثقافات واللغات وازالة كل الحواجز في عالم كوني صغير فكيف يمكن قبول دعوة د.ياسر الى أن على أفريقيا أن تواجه هذا المد الاسلامي العروبي بشكل جاد! هل أنت جادي يادكتور؟
إن التعامي المقصود الذي يحاول الربط بين سياسات النظام القائم في السودان وبين العروبة والاسلام كثقافة وتكوين والذين أساء اليهما النظام ايما إساءة بل تشير الحقائق الى إن حركة الاسلام السياسي بمختلف تكويناتها كانت تكن العداء السافر للعروبة كقومية وثقافة وخاضت صراعا شرسا ضد كل قوى الثورة العربية (ناصريين -بعثيين -قوميين) وصلت حد تكفيرهم.
من المهم النظر الى مسالة التنوع الإثني والثقافي في السودان ضمن اطارها الصحيح كعامل اغناء وتوحد لا انقسام اذا ما توفر لها جو تفاعل صحي وديمقراطي يؤمن الحقوق الثقافية والدستورية والسياسية لجميع المكونات الاجتماعية السودانية ضمن نظام اداري يستوعب ممكنات التنوع وادارته.
خلاصة الأمر لا تخلو القضية من خلط مفاهيمي متعمد أم متعامى عليه وقد يكون الانفعال وردود الأفعال هي من تقف وراء هذه التعمية وتسييس حقائق الواقع التأريخي التي لا تقبل هذه التفسيرات غير المنطقية الساكنة في عقل النخب والبعيدة عن قاعدة المجتمع.

تعليق واحد

  1. أولا هي Decade وليس Decate والأهم إنها ليست منظمة بل إعلان أطلقته الأمم المتحدة بتكريس العقد الحالي كعقد خاص بصيانة حقوق إنسان البشر المتحدرين من أصول إفريقية، وضمن هذا الإعلان تتم بعض الفعاليات من ضمنها هذه الفعالية.
    أما ترجمتك IDPAD كـ(منظمة العقد العالمى للشعوب ذات الأصول الأفريقية وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة تاسست عام 2013م) فهذا هجص وجهل عميم. والبان أفريكانيزم قصة مختلفة ولا علاقة لها بالأمم المتحدة بل يوصف بعض من شارك في ندوة لندن الأخيرة أنهم ممثلين للبان أفريكانيزم… فهمت
    يعني انت الموضوع ده ما فاهم أي شيء حوله الوداك تكتب عنه شنو ولا الحكاية صلبطة أو مجرد شتيمة لبعض الأشخاص

  2. أولا هي Decade وليس Decate والأهم إنها ليست منظمة بل إعلان أطلقته الأمم المتحدة بتكريس العقد الحالي كعقد خاص بصيانة حقوق إنسان البشر المتحدرين من أصول إفريقية، وضمن هذا الإعلان تتم بعض الفعاليات من ضمنها هذه الفعالية.
    أما ترجمتك IDPAD كـ(منظمة العقد العالمى للشعوب ذات الأصول الأفريقية وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة تاسست عام 2013م) فهذا هجص وجهل عميم. والبان أفريكانيزم قصة مختلفة ولا علاقة لها بالأمم المتحدة بل يوصف بعض من شارك في ندوة لندن الأخيرة أنهم ممثلين للبان أفريكانيزم… فهمت
    يعني انت الموضوع ده ما فاهم أي شيء حوله الوداك تكتب عنه شنو ولا الحكاية صلبطة أو مجرد شتيمة لبعض الأشخاص

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..