أيها المعلمون: انفضوا أيديكم عن نقابات السجم واتحادات الرماد

لم تكن نقابات هذا العهد واتحاداته، يوما، بالمستوي الذي يؤهلها للدفاع عن قضايا المعلم، ولم تكن الا معولا تستغله جهات – علموا بها ام جهلوا – لهدم جدار التعليم وإحداث الصدع والخراب المتعمد فيه، حتى يتمكنوا من السيطرة عليه، ذلك عندما “ابتدعت” (نقابة المنشأة) التي تضم فئة غير متجانسة من العاملين (لحم راس)، حتى تضيع قضاياهم هباء و(يتفرق دمها بين القبائل) ويذهب نضالهم سدى. والانكى من ذلك أن هذه النقابات المزعومة تقف موقف المتفرج، بل، في موقف الجلاد، نفسه، في كثير من الأحيان، ضد الضحية التي تدعي تمثيلها.. فهي نقابات بحكم نشأتها في ظل هذا الحكم الشمولي القائم على اقصاء الاخر، لا تستطيع ان تدافع الا عن النظام الذي انشاها ولا يمكنها الانحياز لغيره ولو ارادت، فتحولت الي أداة للقمع والترهيب، حتى أصبح المعلمون امة هزيلة لا نقابة (تنفع) ولا اتحاد (يرفع) حيث اقتصر كل دورها في الاستقطاعات من مرتبات تعاني من الهزال، ليركب بها منسوبو النقابات ومحسوبو الاتحادات فاره السيارات ويسكنوا بها عالي القصور.. استقطاعات ارقت مضجع المعلم المسكين وشاركته في معيشة أطفاله، مع أن الصروح التي شيدت من تلك الاستقطاعات كبرج “المعلم” ومستشفى “المعلم” وفندق “المعلم” وصالة “المعلم” و(الرماد الكال “المعلم”) كانت كفيلة بان تكون ماعونا ايرادياً ضخماً يضخ للمعلم في صحته ومرضه وتعليم أبنائه وفي تهيئة الجو الصالح لعمله، ولكن هيهات. ودونكم حال المعلمين الذي يغني عن السؤال، تصوروا أن ٥٠٠ معلم في ولاية الخرطوم لا يصرفون مرتباتهم لشهور، فما بالكم بمعلمي ولايات بعيدة عن المركز لم يسمعوا ببعض البدلات والعلاوات وفروقات الترقيات؟؟!!.. ومعلمون يطردون من الخدمة لأعوام دون ان يعرفوا لما طردوا ومن طردهم واين حقوقهم؟؟!وأما ما يدمي القلب ويبعث على الاسى، هو حال المعاشيين الذين أفنوا زهرة شبابهم وعندما يحالون الي المعاش تحفى اقدامهم ? حقيقة لا مجازا ? ليتحصلوا بشق الانفس على جنيهات لا تغني ولا تثمن.. وقد بلغ سيل المعلمين زباه من تكرار وجوه تدعي تمثيل المعلمين لعشرات السنين وكأن حواء السودانية قد عقمت من غيرهم.. حتام تبقى هذه النقابات التي لا تستطع الا إذلال المعلم؟؟؟ فسحقا لضعفنا حين نرى الظلم امام اعيننا ولا نملك حيلة، ونصمت، وما اقسى الصمت لحظتها!! ولم نر في حياتنا نقابات واتحادات تبحث العذر للحكومات وتترك منسوبيها للفاقة والفقر والتسول حتى وصل المعلم الي “أسفل سافلين” اجتماعيا، بعد أن كانت تتغني له الحسناوات:
“يا الماشي لي باريس
جيب لي معاك عريس
شرطاً يكون لبيس
من هيئة التدريس!!”
وبما أنكم لا تمثلوننا ولا يشرفنا تمثيلكم .. فلا تقتطعوا من رواتبنا التي لا تكفي إيجار بيت متواضع، لنقابتكم ولا لاتحادكم، بعد اليوم.. أوقفوا هذا العبث.. الا تخجلون من أنفسكم وأنتم ترضون أن تتصدق علينا دولتكم ببدل سكن (93 جنيها) في الشهر؟؟!! وترضون، بل وتشعرون بالرضى والفخر حين تزعم حكومتكم حل مشكلة ترحيلنا ببدل ترحيل (60 جنيها) لشهر كامل، لا يكفي حق الركشة لأبنائنا في اليوم الواحد؟؟! ولا تقتطعوا فلساً لصندوق تكافلكم الذي تزعمون أنه اجتماعي، وما هو بذلك، ولصندوقكم الذي تسمونه، بهتانا وافكا، خيرياً والذي لا تصرفون منه الا على محاسيبكم؟؟! ومالنا نحن ودور اتحاداتكم ودور نقاباتكم لندفع لها؟!! إنها محل لهوكم ومكان لحبك مؤامراتكم الدنيئة وتحسسكم على زملائكم؟!! وهل لمعلم راتبه (1400 جنيه)، أن تلزمه دولتكم بدعم صندوق دعم الطلاب؟؟؟؟ مالكم كيف تحكمون؟؟!
ندعو زملاءنا الشرفاء الى تكوين نقابات واتحادات موازية تحترم انسانيتنا وتشعرنا ببعض كرامة أهدرها قوم غافلون.. أيها المعلمون الشرفاء، إن كنتم تبحثون عن كرامتكم المهدرة، فلا بديل لكم الا التكاتف والنضال من اجل إعادة الديمقراطية وقيام نقابات فاعلة منتخبة من قواعدها ان أردتم اصلاحا.. لا تحدثوننا عن شق الصف!! متى كان الصف “مرتوقا”ً منذ أن جثم على رقابنا هؤلاء القوم؟؟ أصبحوا يسيطرون على كل شيء، بلا مؤهل وبلا خبرة ولا ذرة من أخلاق.. يتشبثون حتى بإدارات مدارس “تعبانة والتي تسقط حماماتها بمعلميها”، ويتكرمون بعضوية الكنترول والتصحيح لتابعيهم بلا خبرة أو مراعات للكفاءة.. ولكم أن تتصوروا أن حافز التصحيح لهذا العام (1500 جنيه والتي لا تسلم من استقطاعات الجماعة)، وأورد مثالاً واحداً على فساد اختيار أعضاء الكنترول، ففي العام الماضي، كان هنالك ثمانية من أعضاء كنترول شهادة الأساس بمحلية ما، من مدرسة واحدة!!).. أما المعلمون الشرفاء، أصحاب الكفاءة الذين لا يعرفون الانحناءة، فنصيبهم النقل والإرهاب وتتبع حركتهم والتجسس عليهم.. ولكن “كل أول ليه أخر” ولا بد لليل أن ينجلي.. ولتعلموا، حينها، أنه لا بد من محاسبة كل من سولت لهم نفوسهم أن يتقدموا لإدارات هم غير مؤهلين لها فنياً وضعفوا أخلاقياً عن أن يضعوا أنفسهم في مواقع لم يرفعهم لها غير ضعفهم. فكيف لشخص سوي أن يرضى أن يدير من هم أكبر منه درجة؟؟ ولا بد من محاسبة من تدنت نفوسهم ورضوا أن يتقدموا قوما أحرارا.. صدق من قائل: “الشعب السوداني عملاق يتقدمه أقزام”!! فأنظروا أين أنتم من ذلك؟!!