الرقابة الشرعية هي السبب !!

الرقابة الشرعية هي السبب !!
@ الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد هي في المقام الاول أزمة نقدية لعبت فيها المصارف الحكومية و غيرها دورا بارزا فيما يحدث من فساد داخل تلك المصارف من خلال السياسات التي يتخذها المصرف في معاملاته مع عملائه و عند تمويل كل العمليات خاصة تلك التي تتسرب الي تجارة العملات الحرة التي تصاعدت أسعارها بشكل جنوني قارب الخمسين جنيه للدولار الذي يتخذ عدة أسعار تتعامل بها الحكومة مثالا لذلك دولار القمح الذي بلغ 2.9 جنيه و دولار الدواء الذي بلغ 4.9 جنيهات و الدولار الرسمي الذي بلغ 6 جنيهات و السعر التشجيعي في البنوك للتحويلات الخارجية بلغ 18 جنيه في الوقت الذي بلغ سعره في السوق الموازي الآن 35 جنيه بعد كل السياسات التي اتخذتها الحكومة لكبح جماحه من التصاعد بلغ مرحلة وضع اليد علي الارصدة المحلية و تحجيم البنوك و ماكينات الصرف الآلي.
@ هنالك العديد من الاساليب المتبعة في عالم تجارة العملات الحرة و خاصة الدولار الذي أصبح يتسرب بشكل رسمي و بموافقة و توجيه البنك المركزي لتمويل استيراد السلع الاستراتيجية خاصة القمح و الوقود و الدواء وحاول مستوردي السكر حذو حذوهم ولكنهم توقفوا بعد أن افتضح الامر في إنتظار حدوث أزمة باتساع الفجوة مع حلول شهر رمضان . أزمة النقد الاجنبي ارتبطت بقيام مستوردي السلع الاستراتيجية تلك بتوجيه الجانب الاكبر من الدولار الذي يتحصلون عليه بسعر خاص 6 جنيهات مثلا الي بيعه في السوق الموازي الذي يبلغ 35 جنيه و بالتالي يحققون ربحا خرافيا بفرق السعر الذي يقارب الثلاثين جنيها و بالتالي يحققون ارباح تفوق ما يحققونه في استيراد السلعة قمحا ، وقودا أو دواء .
@ هذه المقدمة الطويلة تقودنا الي حقيقة هامة وهي أن ما حدث في عهد نظام الصيرفة الاسلامية لم يحدث في زمن ما كان يعرف بنظام البنوك الربوية التي كانت أكثر إنضباطا واقل مخاطرة و أكثر فاعلية و عدالة من نظام الصيرفة الاسلامية التي التفت حول المعاملات المصرفية و جيرتها بأسماء و مصطلحات إسلامية علي شاكلة ، المرابحات و المشاركات وبيع السلم وغيرها من طرق و معاملات البنوك التي تسمي ربوية التي تلتقي مع تلك الاسلامية في هامش الربح الذي يوجد هنا و هنالك حيث لا يعقل أن يتعامل البنك الاسلامي بصيغة (ربح يوم القيامة) و بميزان الحسنات !! لابد من مقابلة المنصرفات المصرفية من تشغيل عمالة و استخدام الكثير من المستهلكات و الاجارات و الاجهزة بتحقيق ربح في النظام الربوي و مرابحة في النظام الاسلامي .
@ التحايل باسم الصيرفة الاسلامية كانت محصلتها النهائية أكثر إيلاما إنتهت بدخول أعداد كبيرة السجون تحت المواد 179 و المادة 243 يبقي الي حين السداد التي لم تك موجودة ولم تسفر عن وجود هكذا افرازات و نتائح في زمن الصيرفة الربوية . نظام الصيرفة الاسلامية (الفاشل) ابتدع ما يعرف بالرقابة الشرعية علي الاداء المصرفي في السودان الذي اصبح نظاما اسلامويا ، الرقابة الشرعية تتم تحت اشراف هيئة شرعية مستقلة تسمى هيئة الرقابة الشرعية. هذه الأخيرة من المفترض أن تمثل صمام أمان يحفظ البنوك الاسلامية من الانحراف عن منهجها الذي قامت عليه، و تساعدها في تحقيق مزيد من الشفافية و المصداقية. الهدف ، اخضاع كافة معاملات وأنشطة هذه البنوك للرقابة للتأكد من مطابقتها لأحكام وقواعد الشريعة الإسلامية ويشرف عليها علماء و فقهاء في الشريعة وليس في الاقتصاد.
@ هيئة الرقابة الشرعية تتكون من عدة أجهزة و أهمها جهاز الافتاء و الذي مهمته مراجعة واعتماد نماذج العقود والاتفاقيات والعمليات العائدة لجميع معاملات المصرف مع المساهمين والمستثمرين وغيرهم, وذلك بقصد التأكد من خلو العقود والاتفاقيات والعمليات المذكورة من المحظورات الشرعية بالإضافة الي تقديم ما يراه مناسبا من المشورة الشرعية إلى مجلس الإدارة . في نهاية كل عام لا بد لهيئة الفتوى من تقييم عمل البنك الاسلامي من الناحية الشرعية, وهذا الأمر يتطلب من الهيئة المراجعة المستمرة لأعمال المصرف ، و في ضوء هذه المراجعة تقدم الهيئة تقريرا دوريا تبدي فيه رأيها في المعاملات التي أجراها المصرف ومدى التزامه بالفتاوى الصادرة عن الهيئة والتوجيهات والإرشادات.
@ هيئة الرقابة الشرعية مفصولة عن الجهاز التنظيمي للبنك الاسلامي, بحجة أنه لا يصح أن يكون المستشارون الشرعيون موظفين داخل الهيكل التنظيمي للمصرف حفاظا على استقلاليتهم. يتم تعيينهم وعزلهم وتحديد مكافأتهم من قبل الجمعية العمومية وليس من قبل مجلس الإدارة. فضلا عن مراعاة كافة الملاحظات الواردة في تقرير هيئة الرقابة الشرعية. هذه الهيئة يجب أن تسأل عن ما يجري من مخالفات و فساد في البنوك التي تعمل وفق التوجه الاسلامي للشريعة كما يفترض أو يصبح وجود هيئة الرقابة الشرعية هو جزء من الدولة العميقة و منظومة الفساد المتحكم في مفاصل الدولة والتي يجب عزلها و الغائها لأن كل ما يحدث من مخالفات و فساد في الصيرفة الاسلامية يتم تحت حضورهم (الباذخ) و أمام أعينهم (المغمضة ) فلماذا إذن هذا الصمت ؟.