مقالات سياسية

أعداد المتعاطين للمخدرات

في 29 مارس 2016 أقرَّت اللجنة القومية لمكافحة المخدرات بزيادة تعاطي المخدرات بالجامعات السودانية، وقال رئيس اللجنة بروفيسور الجزولي دفع الله: (أجرينا دراسة على 13 جامعة في الخرطوم لم نجد جامعة من بين تلك الجامعات خالية من المخدرات). وقال إنَّ ما يتم ضبطه من قبل الشرطة من مخدرات يشكل حوالي 15% فقط من جملة المتداول أي أن 85% يمر إلى المجتمع. وسبق وأن أفاد تقرير لإدارة مكافحة المخدرات أنَّ نسبة تعاطي المخدرات بالسودان زادت إلى (34%)، وأنَّ أغلب المتعاطين من الطلاب والطالبات والأحداث، والأمور تسير نحو الأسوأ.

في أغسطس 2017 تحدث وزير الصحة البروفيسور مامون حميدة عن ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات، وسط فئات المجتمع خاصة الشباب، وليؤكد أنَّ الكارثة أكبر من إحصائيات الحكومة ، قال إنَّ ?أي منزل به مدمن مخدرات، وأعرب عن أسفه لعدم وجود إحصاءات دقيقة رغم انتشار الظاهرة. الدكتور علي بلدو اختصاصي الأمراض النفسية يرى أن المشكلة أكبر من ذلك، وقال إن الخرطوم عاصمة (مسطولة) بامتياز، مع ملاحظة أنه لا يوجد مدمن ولا مسطول ليس شاباً.

بالأمس كشف مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بولاية الخرطوم العقيد فضل عبدو فضل، عن ارتفاع عدد الطلاب المتعاطين للمخدرات خلال الخمسة أعوام الماضية من 5% إلى 8% إلى 19% في العام 2017، أي أنه حدثت قفزة كبير إلى الضعف ونصف وأصبح ما يقارب ربع الطلاب متعاطين. واعتبر عدم وجود مسح لتحديد عدد المتعاطين واحدة من أهم المشكلات، وفي نفس الوقت قال إن الإحصاءات ليس فيها مساحة تقدير ووصفها بأنها واضحة ودقيقة. السؤال الذي يفرض نفسه هنا، كيف تكون الإحصائيات واضحة ودقيقة وهو يقر بعدم وجود مسح يحدد عدد المتعاطين، فهو بهذا ينتقد نفسه ويثبت أن كل الإحصاءات التي أعلنت عنها الحكومة (منجورة نجر)، ومثلها تأتي البرامج دون أن تعتمد على سياسات علمية، ولذلك لم يقل عدد المتعاطين بل يتضاعف سنة تلو الأخرى.

أعتقد أنَّ كل الإحصاءات المتوفرة لدى الحكومة عن المتعاطين للمخدرات في الجامعات والمدارس وغيرها، غير حقيقية وهي أكبر بكثير مما تقوله، الشيء الوحيد الذي يعتبر حقيقة ولا شك فيه هو انتشارها بصورة مرعبة في هذه المؤسسات الاجتماعية الحساسة، ولن تتوقف عن الانتشار والتمدد ما لم تتغير الطريقة البدائية التي تتبعها الحكومة في مكافحتها فهي كمن يحرث في البحر. محاربة المخدرات على جميع المستويات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتحسن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأسر وبيئة المدارس والجامعات ومحاربة العطالة، ومن خلال تنفيذ هذه السياسات يسهل معرفة المتعاطين بكل سهولة والإحصاءات مهما كانت مخيفة تقللها السياسات الاقتصادية الاجتماعية الواعية المبنية على الحقائق، ومشكلة الحكومة أنها دائماً غير صادقة في كلامها وعملها ووعودها، ولذلك نقول إنَّ أكثر ما يخيف في هذا الشأن ليس انتشار المخدرات، بل الطريقة التي تتبعها الحكومة في محاربتها والتي تساعد على زيادة المتعاطين، فهي من تهئ لها المناخ لتنتشر وتصل إلى أي بيت بدون إذن
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..