هل ولى زمن الصورة المهيبة لامتحانات السودان وإدارتها ؟

البرتوكول الذي حكم أعمال امتحانات السودان لعقود من الزمان ، كان محكماً ليس فقط لمؤهلات أو تجارب من تولوا إدارتها وهم بالقطع من أصحابها ولي معرفة لصيقة بالكثيرين منهم. بل لأن نظام العمل نفسه كان يتقبل الحذف والإضافة عبر الإطلاع الصبور على كل التقارير اليومية لكبار المراقبين بنهاية الامتحانات ، والعمل بالملاحظات الواردة فيها في الامتحانات اللاحقة.لذلك يصح القول .أن كل اللائحة الموجودة وإجراءاتها ، هي نتاج لكل مساهمات إدارت الامتحانات المتعاقبة وكبار المراقبين . كل ذلك جعل لكلمة إدارة امتحانات السودان القيٍّمة عليها ،هيبة وقوة على كل المعلمين، ناهيك عن الطلاب وأولياء الأمور. لكن يبدو ? ووفقاً لتطورات كثيرة- أن ذلك الزمان قد أدار لنا ظهره .ويكفي الإطلاع على ما يدور حول الامتحانات في مواقع التواصل الاجتماعي ،للوقوف على ما يكذب إدارتها،ويمد لها لسانه . فقديماً كان مجرد تصريح بالنفي أو التأكيد على أي شئ يدور حول الامتحانات من سكرتير امتحانات السودان ، قولاً فصلاً لا مزيد عليه.
وإذا أخذنا مثالاً بما دار في الأيام الماضية عن كشف الامتحانات ونفي الإدارة..رغم وجود شكوك قوية ، يتضح ان نفي إدارة الامتحانات مستند على إجراءات اعتبار الامتحان مكشوفاً .وتتمثل في وجود نسخة الامتحان المكشوف قبل فتح المظاريف لدى سلطات الامتحانات ومقارنتها بالامتحان الأصلي بعد فتح المظاريف.لكن يبدو أن تطور الوسائل ، قد جعل من هذا الإجراء عقيماً.
ورغم أن أجواء الامتحانات على مر العقود لم تخل من الشائعات، إلا أن تطور وسائل التواصل ،قد اكتسح محدودية نطاقها، مما جعل جملة من الامتحانات المدعاة والمكشوفة تملأ مواقع التواصل بصورة أربكت كل السلطات. أما الطلاب الممتحنين وأسرهم ، فلهم الله على حجم الأثر السالب عليهم ، وهم تتوالى عليهم سيولها ، حتى ساعات الصباح.ما يعني عملياً أن إدارة الامتحانات ، بنظام العمل السائد ،قد تخلفت عن الواقع الماثل ، فصار لزاماً تغيير جملة النظام والطاقم، بالأخذ في الاعتبار كل التطور التكنولوجي، دون أن يطعن ذلك مطلقاً في مدى التزامهم بما يليهم. ولن تجدي عنتريات مسئولين كما حدث في تندلتي من قبل وزير في تغيير الصورة. فمن خلال تجارب الجميع، صار الجزء المتعلق باعتبار محاولة الغش غشاً في اللائحة، مفارقاً للواقع .ولو طبق ، لكانت نتيجة الامتحانات في غالبها، عقوبات بالغش.فالطلاب غير معزولين من الواقع المحيط ، المشجع على الفساد والغش ،والذي تكون كل الحواسيب وماكينات التصوير مسخرة لتجهيز أوراق الغش . فتصبح أولوية المراقبة ، ليس التأكد من خلو الطالب منها، بل في كيفية منع حدوثه مع تيقنه بنسبة تفوق التسعين في المائه، أن في كل مكان في جسد الممتحن وملابسه ، نسخ متعددة ، سيحاول اللجوء إليها، إذا نزعت أخرى.
ما تعرضت له الامتحانات ، لا يمكن عزله عما تعرض له مجمل الوطن ، جراء الشمولية والفساد الناجم عن ذلك.ولقد كانت الامتحانات بالغاً ما بلغت درجة إحكام إجراءاتها، تعتمد في النهاية على الضمير المهني للمعلم. ولا يمكن عزل أي فئة عما يدور في المجتمع مهما كانت. لذلك فإن أزمة التسريب للامتحان، لا يمكن حلها إلا من خلال حل بقية أزمات البلاد.فالحل لا يختلف عن حل الأزمة الاقتصادية أو أي أزمة أخرى، هو حل سياسي وليس أي شئ آخر.وحتى ذلك الحين، ستكون السلطات التربوية ،في موقف لا تحسد عليه، دون إعفائها من المسئولية ، فلها نصيب مما حدث . وذلك موضوع تناول آخر.
[email][email protected][/email]