مقالات سياسية

ضائقة تزداد ضيقاً

الخرطوم عاصمة مثقلة بأزمات كثيرة بعضها موروث من الحكومات الوطنية السابقة وأخرى ظهرت مع حكومة الإنقاذ ثم تكاثرت، وكل يوم يمر عليها تظهر فيها أزمة جديدة، ولا أبالغ أن قلت إن عدد أزماتها اليوم يساوي عدد أيام سنوات حكم الإنقاذ ال 29، وهذا هو حال كل عواصم السودان ولكن الخرطوم تعتبر الأسوأ لأنها العاصمة الأم وعلى إيقاعها مضت بقية العواصم. ولا شك إن هذه الأزمات لم يكن لها أن تظهر لولا أن البلد تعاني من أزمة إدارة رسمية، أما المصيبة الأكبر فهي أن الحكومة لا تتعظ من الأخطاء التي ترتكبها ودائماً سياساتها تعمل على إعادة إنتاج الأزمات. أزمة المواصلات تعتبر واحدة من أسوأ الأزمات الموروثة والتي استفحلت خلال العقود الماضية، وهي أزمة ولا يمكن أن يكون لها سبب غير سوء وقصر النظر وغياب الرؤية والطموح والتفكير السليم الذي تعاني منه الإنقاذ، ومعلوم انه على قدر أهل التفكير تأتي الأفكار والرؤى والأمنيات والأحلام.
بالأمس ذكرت صحيفة مصادر أن والي الخرطوم عبد الرحيم محمد حسين، أعلن عن حل وشيك لأزمة المواصلات بالولاية، وذلك بوصول 1200 بص قال انها ستوزع على المحليات للقضاء على مظاهر التكدس، كاشفاً عن خطة لإنشاء كبارٍ طائرة وعلى النيل لفك الضائقة، وأوضح أن الولاية تستهدف إنشاء 22 من الكباري الطائرة وعشرة كباري على الأنهر لفك ضائقة الحركة في العاصمة وإبراز ملامحها الجميلة.
معروف أن أغلب شوارع الخرطوم تعاني من الضيق وسوء البنية التحتية وقد أصبحت عاجزة عن استيعاب السيارات قبل 20 سنة وهي اليوم تستوعب فوق طاقتها 20 مرة، ومشكلتها اليوم ليست مركبات أو مواعين نقل كما تسميها الحكومة وإنما شوارع، ووصول 1200 بص ستسهم في زيادة الأزمة أكثر من حلها، فخلال السنوات الماضية استوردت مئات البصات ولم تغير في الأمر شيئاً بل خسرت البلد أموالاً طائلة في شراء بصات تحطم أغلبها قبل أن يكمل عمرها العام وبعض أما لأنها نفايات أو أنها غير مطابقة للمواصفات. الآن السؤال الذي يفرض نفسه كيف يمكن للخرطوم أن تستوعب هذا الكم من البصات وهي أصلاً غير مؤهله لاستيعاب عشره؟، ومعلوم أن المشكلة ليس قلة مركبات وإنما الزحمة التي تتسبب فيها كثرة السيارات وضيق الشوارع. أما موضوع الكباري الطائرة وعلى الأنهار فهذه أحجية من أحاجي الحكومة وأحاديثها التي لا تنتهي وعلى قول المثل (السواي ما حداث) وإن كان لديها خطط لفك الضائقة لقامت بتنفيذها من زمان ولم تنتظر حتى شاخت وأصبحت تبحث عن الأسباب التي تبقيها على قيد الحياة وهمها التشبث بكرسي السلطة وهذا الحديث ما هو إلا دعاية انتخابية لن تتحقق أبداً فإذا كانت حتى الآن لم تستطع أن تفك أزمة الوقود السهلة فكيف يمكنها حل أزمة بهذا الحجم وهي من أنتجتها بسبب سوء التفكير والتدبير؟!.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..