تكوين قاعدة شعبية عريضة مؤمنة بدولة التغيير

بفعل تجربة حكم نظام الاسلامين القائمة الآن في السودان والتي امتدت لقرابة الثلاثة عقود ، تجمعت وتراكمت على ظهر الوطن المكلوم كل الآفات السياسية الضارة وكل آفة من هذه الآفات كانت كفيله بكسر ظهره، وبسببها عاش المواطنون تجارب ومحن متعددة وقاسية. وكل ما يحدث الآن من فشل وانهيار وانقسامات في الدولة والمجتمع هو انعكاس طبيعي ونتيجة عادلة وخلاصة منطقية لتلك السياسات التي انتجت الآفات السياسية الفتاكة. ومن تلك الآفات التي تمكنت من أوصال الوطن وساعدت في تفتيته وتقسيمه هي آفة التمكين من خلال اسلمة كل أدواته وقراراته، فكان الناقد أو المراقب أو المواطن العادي يخشى من مواجهة هذا المشروع لأنه يتدثر بلباس الدين ويمكن اشهار سيف الإرهاب الديني في مواجهته إذا ما أعترض أو وقف موقفاً معارضاً لهذا المشروع. لذلك أصبحت أدوارنا سلبية ولم نستطع مواجهة هذا المد حتى تمكن وأصبح أهل النظام يمارسون أفعالهم القبيحة تحت هذا الغطاء الديني وتجد أفعالهم تلك القبول في المجتمع بالسكوت عليها وعدم فضحتها ومواجهتها. وهذه الآفة ساعدت بشكل واضح في انقسام وانفصال دولة الجنوب وساعدت في إبعاد أغلب الكوادر المؤهلة من الشمال وحيدت الغالبية العظمى من الشعب السوداني لأن مشروع التمكين رفض اشراكهم بصورة حقيقية في تنمية ونهضة بلدهم.
وكذلك رسخ هذا النظام لآفة أخرى شديدة الفتك بتماسك الدول وبقائها وهي آفة التمييز بشتى أنواعه واشكاله فقد تم توزيع المناصب والسلطة والثروة على هذا الأساس بصورة شهدها كل الناس فساعدت هذه الآفة على قيام حروب في الغرب والجنوب والشرق واحدثت انقسامات داخلية وأخلت بميزان العدالة وتم بموجبها إبعاد كثير من المؤهلين والحادبين لخدمة وطنهم ، ونتج عنها ظلم وظلامات بجماعات متعددة تمثل أغلبية فقتلوا وشردوا فمازالت الغبائن في الصدور والعدالة غائبة.
كما رسخ هذا النظام للفوضى وعدم احترام الدستور والقانون ومؤسسات الدولة وخرًب الاقتصاد وأهدر موارد البلد ، بفعل عدم المحاسبة وخلوها مستورة وفقه التحلل فأمن الفاسدين من العقاب حتى أصبح الفاسد وجيهاً ومقدماً في المجتمع.
وحيث كان ذلك ، فإن حاجتنا للتغيير أصبحت ضرورة ملحة وينبغي علينا أن نعي أن أولويتنا الآن هي تغيير المفاهيم السالبة التي ترسخت وساعدت في انهيار الدولة وهذا هو التحدي الحقيقي الذي يواجه فرسان التغيير. لا بد أن يكون مشروع التغيير شاملاً مستوعباً لكل الدروس القاسية التي عاشها الوطن وتسببت في تأخره وتخلفه عن ركب الدول المتقدمة ويتم التبشير به والعمل عليه من خلال المشاركة في مجموعات التواصل الاجتماعي والقنوات المتاحة لتكوين قاعدة شعبية عريضة مؤمنة بمشروع دولة التغيير لتكون النواة وصمام الأمان الذي سوف يعبر بالوطن إلى الضفة الأخرى في حالة غرق سفينة الانقاذ التي تتقاذفها الامواج الآن . وعلى دعاة التغيير أن يتسلحوا بالعلم والمعرفة والشجاعة والمواجهة ، ذلك لأنه مطلوب منهم تغيير المفاهيم السالبة السائدة والتأسيس لمفاهيم سياسية عصرية قوامها دولة القانون ودولة المؤسسات وتكافؤ الفرص والعدالة دون تمييز والحرية واحترام خيارات بعضنا البعض والتحصين ضد إثارة فتن خلافاتنا الدينية والاثنية والقبلية والنوعية وتثبيت الحقوق من خلال المحاسبة والعدالة الانتقالية والمصالحة، وهو أمر غاية في الصعوبة ويمثل المحك الحقيقي والخطوة الأولى في بناء الدولة الحديثة والأساس المتين الذي يقوى على حمل الوطن المتعدد والمتنوع في كل شيء.
سامي دكين/ المحامي
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..