“قمة الظهران” ..السبيل لتضميد “الجراح”

حينما علا صوت الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في أحدى القمم العربية مخاطبا الرؤساء : “لاشي يجمع بيننا سوى هذه القاعة” ، فهو كان يعبر عن واقع الحال الماثل ، وهو بطبيعة الحال حديث يصعب عن يصدر عن رئيس دولة للاعتبارات الدبلوماسية المعروفة ، غير أن القذافي لا يعبأ كثيرا بالدبلوماسية ، وبالتالي قال الحديث الذي يدور في الشارع .. مضى القذافي ومن قبله الرئيس العرقي صدام حسين ولحق بهما ، علي عبد الله صالح رئيس اليمن السابق ، ومن بعدهم ترجل حسني مبارك وزين العابدين بن علي ، ولايزال الرئيس السوري بشار الأسد يتمسك بالكرسي ،رغم أن سوريا أوشكت أن تمحى من الخارطة.
أمر مؤلم أن يكون خروج الرؤساء العرب من دائرة الحكومة ” اغتيالا أو هروبا ” ،فالشعوب تحمي قادتها ورموزها ،أن هم انحازوا لها ، وعملوا على تلبية أشواقها في الأمن والسلام والحرية ، والعيش الكريم ،ولكن أغلبهم أخذته جنون العظمة ، وأبعدته عن قلوب شعبه.. وهو مصير كل ديكتاتور مهما طال ليل حكمه .
أمس أحتضنت مدينة الظهران الواقعة على ضفاف الخليج العربي ، شرقي السعودية “القمة العربية “، وبدأ واضحا أن القيادة السعودية أرادت من عقد القمة على ساحل الخليج العربي أن تبعث بعدة رسائل الى “الجمهورية الإيرانية ” بأن العرب مهما تفرقت بهم السبل فهم يتفقون على الخطر الإيراني الكبير ،الذي بلغ به الحال أن يتباهى أنه يحكم ثلاث عواصم عربية ، “دمشق ، بغداد وصنعاء” .ولكن الحال العربي لأيسر فالعرب أنفسهم ليس على قلب رجل واحد ، بل هم يعيشون في زمن تعصف بهم الخلافات لدرجة لا سابق لها .
العلاقات الخليجية التي عرفت بوحدة الصف ، هي الان تعاني ، وعلاقات دول المغرب العربي ليس على ما يرام ، أيضا علاقات الخرطوم والقاهرة تعاني التوترات ، والعراق المنقسم على نفسه يعاني التجاذبات الخارجية ، وعلاقته بجيرانه مضطربة ، وكذلك الحال في لبنان الذي أصبح ساحة للتدخلات الخارجية ، كما أن علاقته بجارته سوريا ليس بحال جيدة.. فيما يغرق الصومال الذي أصبح دولتين ربما لا يعلم بذلك كثير من العرب ، فيما تعيش جيبوتي على الإمساك بعدة أطراف خارجية لتمضي مسيرة عمر قيلي دون معوقات ، ودولة موريتانيا تعاني أيضا عدة مشاكل داخلية ازدادت تعقيدا بعد الانقلاب الشهير على معاوية ولد طايع .
أخيرا يجب أن تؤسس “قمة الظهران ” لواقع جديد “يضمد” فيه القادة العرب كثير من “الجراح” من أجل شعوبهم ومستقبل بلدانهم.. وبخلاف ذلك ستظل المنطقة العربية تعيش بجراح لا تندمل وبالتالي لن تتعافى أبدا، ويكون وقت طويل قد ضاع من عمر الأمة العربية، وهي غارقة في خلافات لأتعرف النهاية.
مصطفى محكر .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..