الخيارات المتاحة للتغيير

نعود للسؤال الذي يواجه غالبية الناس والأحزاب السياسية المعارضة وغيرهم من الناشطين وهو كيف السبيل للتغيير؟ وللإجابة على هذا السؤال لا بد من استعراض الخيارات المتاحة واختيار أقلها ضرراً وأكثرها نجاعة. وما من شك أن منازلة حزب المؤتمر الوطني في انتخابات معلوم نتيجتها مسبقاً يُعد تضييعاً للوقت وإضفاء للشرعية التي ما زال يفتقدها هذا النظام. والخيار الثاني هو مواجهة النظام بالاحتجاجات والثورة والعصيان المدني ، وهو خيار في ظل النفور الحاصل الآن من غالبية الشعب للعمل السياسي يقود لأضرار وإحباطات وانتكاسات للأقلية التي تقاوم وتواجه وتعاني دون مردود على أرض الواقع. وهي أقلية مؤمنة بالتغيير ولكنها تناضل وتقاتل وحيدة وضعيفة أمام دولة بوليسية بامتياز . فهي تواجه نظام قاتل وتواجه منتفعين وأصحاب مصالح وتواجه غيرة سياسية من أطراف معها في نفس خندق التغيير.
إذن هناك طريق ثالث ينبغي أن تسلكه هذه الأقلية المتمثلة في أحزاب المعارضة وكل القوى المؤمنة بالتغيير . وهو طريق إعادة تشكيل مفهوم العمل السياسي من خلال نشر الوعي وتقديم مفاهيم جديدة لاستقطاب غالبية تكفي لتقرير مصير جدلية تغيير النظام.
وهذا يتطلب تكوين كتلة التغيير من كل الأحزاب المعارضة وكل التجمعات الشبابية الأخرى وكل الحركات المسلحة للاتفاق على برنامج التغيير الجديد بصورة بسيطة ومفهومة على قصاصة ورقة واحدة. وهو أن مشروع التغيير سوف يقوم على مفاهيم جديدة وإدارة جديدة قوامها الإنسان السوداني مجرداً من النوع والقبيلة والدين لتأسيس دولة المؤسسات التي تقوم على القانون والمحاسبة والشفافية والعدالة.
ومن ثم التبشير بهذا البرنامج وتكثيف العمل ونشر الوعي وتوزيع الأدوار والتكاتف لتنفيذه لتكوين غالبية من الجماهير لديها الإرادة والقدرة لفعل حدث مجلجل على أرض الواقع. وينبغي أن تكون هناك مدة زمنية لهذا العمل وتحديد ساعة الصفر لاستدعاء قوة جماهيرية كبرى مؤمنة بالتغيير وواعية به.
ويمكن أن يستمر التبشير والوعي بمشروع التغيير لمدة سنتين وحتى تاريخ قيام الانتخابات ، لتكون الانتخابات نفسها هي يوم الخروج على هذا النظام من أغلبية ساحقة من الجماهير تستطيع قول الكلمة الفصل في هذه الجدلية التي طال أمدها.
على الأحزاب المعارضة والتجمعات الأخرى الساعية للتغيير عدم الركون وطرد اليأس ، والقيام بمبادرة حقيقية لتجميع الصف بينها وتوحيد العمل وتكوين كتلة التغيير . وتوزيع الأدوار وتكثيف العمل لنشر الوعي بضرورة التغيير ، وهذا هو النضال الحق والمخلص من قبضة هذا النظام.
سامي دكين/ المحامي
[email][email protected][/email]