الحكومة وخراب سوبا

فيض وانحسار
هناك مثل يقول (ضربني بكا سبقني اشتكا) هذا هو حال الحكومة المطروح عبر أجهزة الإعلام المختلفة هذه الأيام، فاغلب خطوط الصحف تحمل عناوين مضمونها قلة حيلة الحكومة وبمعنى (غلبها البتسوي) حيث حملت (المانشيتات) اختفاء آلاف ومليارات من بعض المؤسسات، وأخبار أخرى تعكس عجز الحكومة عن الصرف على وزاراتها وعدم توفير الخدمات للمواطن ونقص في الوقود وأزمة غاز ودقيق وسيولة (بلد مليان أزمات) فبدلاً من أن يشتكي المواطن للحكومة عن إخفاقاتها وتقصيرها وقلة حيلتها ومبرراتها المخجلة حتى تفاجأ بأن الحكومة واقعة شكاوي هي الأخرى من كثرة البلاوي، وكأنها تريد أن تقول عبر الرأي العام أنها بريئة و(مزنوقة) وتعاني من الفلس و(معلمة الله) وخزائن وزارتها خاوية على عروشها والديون تحاصرها ولا مفر لها سوى أن (تندب وتلطم) مع المواطن.
وهاهي وزارة الخارجية تعلن إخفاق الحكومة عن سداد نحو 69 مليون دولار رسوم اشتراكات السودان في كل المنظمات الدولية والإقليمية واستحقاقات البعثات الدبلوماسية بالخارج، وأن أوضاع الوزارة مأساوية إلى أبعد درجة، ودعا لتدخل البرلمان لحل الأزمة بصورة مستعجلة.
السؤال الذي يجب طرحه حول مسألة الفلس الحكومي وأزمة أكبر وزارتها، أيعقل أن يحدث ذلك بالرغم من علاقات الحكومة الدولية الواسعة تعجز عن توفير سيولة لتسيير وزارتها لدرجة دخول وزارة خارجيتها في حرج مع البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، إلى هذه الدرجة الحكومة (مقشطة) وليس لها مصدر دخل بالرغم من الثروات الطائلة التي تتمتع بها البلاد بترول وذهب وسياحة وغيرها من مصادر الدخل اليومي من ضرائب وجبايات (وتلفح من هنا وهناك) غير تلك الإعانات المالية التي تبعث بها الدول الشقيقة والصديقة كما يسمونها.
أيعقل أن تكون الحكومة (عدمانة التعريفة) وهي تستورد أحدث السيارات وتشيد أحدث البنايات وتتعاقد مع دول بأضخم الاستثمارات التي تعد بالمليارات، أين تذهب كل هذه الأموال التي تحتاج لمكاشفة من المراجع العام و(يجيب لينا أصل الحكاية على بلاطة) لكي يصدق هذا الموطن بأن حكومته بريئة وواقعة هي الأخرى في المحن و(بتفتش في البحلها) .
إن ما يجري على أرض الواقع هذه الأيام هو أقرب للمسرحية البايخة التي لا تثير إعجاب أحد وليست جاذبة للانتباه؛ لأن المواطن أدرك فشل الحكومة في معالجة أزمات البلاد هذا إن لم تكن قد زادتها بسياساتها (المجلية) فتفاقمت الأزمات لتصل إلى حد التشويه والفضائح لأن المبررات التي تسوقها غير مقنعة، ففي الوقت الذي بحث فيه المواطن عن حلول من قبل الحكومة تخرج بذاتها وتطرح مشكلاتها وأزماتها يعني (حاكو حاكو) فإذا لم تجد هي حل للمشكلة الاقتصادية لتساعد المواطن فماذا يفعل المواطن في شكواها هي (ست الجلد والرأس) إن طريقة التمحور التي تتبعها الحكومة تصل لحد المبالغة وفلسها يعني (خراب سوبا).
الجريدة