البشير وأكذوبة الحرب علي الفساد

بعد أن أعلن البشير حربا شعواء علي من أسماهم القطط السمان داخل قبة المجلس الوطني.. والإعتقالات التي تلتها وربطها الإعلام ?وليست الدولة- بجرائم الفساد والإعتداء علي المال العام.. ثم إعلان السلطات القضائية بتشكيل محكمة مختصة بالفساد.. ثم تعيين قضاة لهذه المحكمة.. وغيرها وغيرها من الأخبار التي تناولت الفساد جملة وتفصيلا.. نقف أمام اللاشئ..
ومن قبلها كانت مفوضية مكافحة الفساد “لصاحبها أبوقناية”..لم تخرج علينا إلا باللاشئ..
ومنظمة الشفافية العالمية سنويا تحصينا ضمن الدول الأكثر فسادا في الكوكب.. ثم لا شئ..
والبشير منذ 89 هو نفسه البشير.. والإنقاذ منذ 89 هي الإنقاذ.. والسودان بعد 29 عاما لم يتبقي فيه إلا اللاشئ..
فالحرب علي الفساد مزعومة.. الحرب علي الفساد كجميع أكاذيب الإنقاذ.. هي حرب اللاشئ
هي ذر التراب في العيون.. والتغبيش علي الرأي العام..و ليست بجديدة ولا مبتكرة ولا مدهشة علي منظومة الحكم الإنقاذية..
فاللحرب علي الفساد أولا حرب إنتقائية غير ممنهجة لتصفية حسابات وترتيب للصفوف لأغراض سياسية بحتة متعلقة بأضحوكة الإنتخابات القادة..
وثانيا الحرب علي الفساد حرب تصريحات لا إجراءات حاسمة وذات مردود قانوني حقيقي للكشف والمحاسبة علي الفساد..
وثالثا الحرب علي الفساد بضاعة إنقاذية بإمتياز للتسويق الإعلامي الداخلي لصرف الأضواء عن الفشل الإقتصادي والسياسي الممنهج والمعتاد والذي فاق حدود المعقول منذ إقرار موازنة الجوع “لصاحبها الركابي” وتضارب وحماقات سياسة بنك السودان المركزي “لصاحبه حازم” إقتفاءا لخطط وتوجيهات البنك الدولي وإن أنكرها من أنكر..
صرف الإعلام ومن بعده الرأي العام الي أخبار بالقبض علي فاسدين ثم محاسبتهم لخلق إنتصارات مزعومة علي منظومات فاسدة داخل جهاز الدولة هو البرغماتية في أبهي تجلياتها..
فكيف تقوم علي الفساد حرب إذا كانت كل السلطات في يد رجل واحد أوحد لا يخالف ولا يعترض علي أمره خاطئا كان أم صائبا..
كيف يحارب الفساد والبشير وأمنه يمسكون بتلابيب السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية والإعلام  ويقمعون ويعتقلون ويقيلون من يعارضهم كائنا من كان..
كيف يحارب الفساد وجهاز الدولة يعيد تدوير نفس الشخصيات “بعوارها وفشلها” بين المناصب منذ 89 في حلقة مفرغة..
هل ستحاربون الفساد أم هل سيحارب الفساد نفسه ..
والمحصلة طبعا لا شئ.. ولن تكون هناك محصلة والبشير هو البشير.. والديكتاتور هو الديكتاتور..
ففي دولة الرجل الواحد الحزب الواحد هذه, لن يكون ثمة حرب علي فساد, إنما انتاج وتدوير وتوظيف للفساد..
ونرجو الله صادقين أن لا يتجه الرئيس الي تقنين الفساد وتضمين ذلك في دستوره القادم “لصاحبه المؤتمر الوطني” قبل أن يخرج الينا في خطاب جماهيري مهيب يعلن فيه القضاء التام علي الفساد, ثم يرقص فيه ويصرف لينا “البركاوي”

احمد عبد التواب
[email][email protected][/email]