غندور والبشير وبينهما الصحافه

البروف غندور واقالته او اعفاؤه اخذ حيزا كبيرا فى الصحافة الداخليه والاعلام الخارجى , والصحافة الداخليه لها مقاصدها واجندتها بعيدا عن المهنية والصدق والحقائق , والاعلام الخارجى يبحث عن الخبر مهما كان حجمه واهميته وقضية مثل قضية غندور تحمل شيئا من الاثارة التى يبحث عنها الاعلام الخارجى . ما يعنينا هو البروف غندور والذى لم يكن مبرأ من مفاسد النظام على الاقل لانه عضو فاعل ومؤسس ومؤثر فى منظومة الحكم الانقلابى منذ البداية وحتى اللحظه (قال ما اذنبت –قال وجودك ذنب ) هذا الانقلاب الاسود الذى ابتدع تكوين الاجسام الدخيله على الوزارات ولجان المتابعه واصحاب القرار من المتنفذيين ومجالس الشورى فمنذ اليوم الاول تم تشكيل الحكومه وتعيين الوزراء وتم فرض بعض اعضاء مجلس الانقلاب بممارسة التسلط والتدخل السافر فى اختصاصات الوزراء حيث تم تمكين صلاح كرار من الاقتصاد والتجاره وسليمان محمد سليمان من الاعلام وعندها حدث تضجر من البروف شمو حيث قدم استقالته وترك الامر لسليمان ولجانه واستمر البعض لعدم توفر البديل عن الوزاره ورضوا بان يكون تبع .ومع ان الامر لا يعنينا كثيرا الا لانه شأن سودانى فقط وليس لشخص البروف غندور والذى لا نعترف بشرعيته وحكومته من الاساس فعليه لن نقيم فترة عمله سلبا او ايجابا ولن نتوقف كثيرا , فكلما اتى او سياتى به غندور تبريرا او مسوغا لما حدث فانه لن يشذ عن ما فعله سلفه من المستوزرين المطرودين والمقالين , فالكل يدعى بانه مظلوم وان الحكومه والحزب هم من تسببوا فى ضياع البلد وهكذا تجد الجميع فى نياحه وندب الى ان يتم استيعابه فى فرع او مجلس ولجنه فتهدأ ثائرته ويغض الطرف عنما قاله بالامس ويرجع عن انتقاداته للنظام والحزب ويكون اكثر اهتماما وحرصا على ما يضمن الاستمراريه والديمومه ومستقبل الوليه والاولاد .
الرئيس البشير تصرف بطريقة المرحوم النميرى حيث لم يقبل الاستقاله قبل ثلاث شهور واقاله عنوة , كما كان يفعل النميرى مع وزرائه حيث ترفض الاستقاله وتتم الاقاله فى اليوم التالى , وللاسف لم يستفد البروف غندور من الدروس السابقه ولم يكن البشير موفقا فى الحالتين , الاولى فقد رفض الاستقاله بعيدا عن السياسه وادواتها ودونما حنكه او معرفه بمآلات الامور , الآن وبعد ان اقال غندور وضع نفسه فى موقف المدافع عن قراره وتبرير فعلته مقابل اعطاء البروف الحيز الاكبر من الاهتمام فى الحق والباطل وكلهم باطل , وجاء التوقيت مع الخطاب المهزوز الذى تبرع به البروف امام المجلس المعين مدافعا عن موظفيه فى الخارج حيث جاء الخطاب بان السفراء لم يستلموا رواتبهم منذ سبعة شهور واين كنت انت ووزارتك ومعاونيك فى تلك الفتره الطويله واذا كان الامر خاصا بالموظفين بالداخل فيمكن تداركه وتغطية الاحتياجات من ابواب الفساد الكبيره والواسعه فكيف يتم تدبر الامر من قبل السفراء فى الخارج , تخيلوا لو اضرب اولئك السفراء ولن يفعلوا لان البدلات والمخصصات تكفى لسنه كامله .
اما الصحافه والصحفيين فمصيبتهم اكبر حيث انقسم القوم بين مؤيد للرئيس ومتعاطف مع البروف غندور , بداية نتساءل اين الصحافه والصحفيين واين الحقائق التى يتم نقلها عبرهم واين مواقفهم من معاناة الشعب التى لا تخطئها العين المجرده وبخاصه فان العين المجرده عندنا لها فعل الرادارات وما المهندس عبد الرحيم الوالى المستشار عنكم ببعيد , وما هو الحق الذى تدافعون به عن البشير وتغتالون فيه البروف غندور ؟, واين كانت تلك الحقائق عندما كان صاحبكم وزيرا ونافذا ومتمكنا ؟, وما الذى اغضبكم عندما تحدث غندور عن معاناة السفراء هل لتار قديم مع السفراء او لانه تعرض للذات الحكوميه نقدا وتجريحا ؟
لقد انكشف مستوركم وفاحت روائح المحسوبيات والاتاوات الاعلانيه المدعومه والتصريحات والتغطيه المدفوعه , ومن عجب ان تجد احتفالا وتكريما للصحفيين فى زمن غادرت فيه الصحافه والصحفيين ميدان الاعلام وبقى ميدان الاعلان فقط , اين الصحافة من محرريها الذين تباروا فى كيل النقد والتجريح لزملائهم بمجرد الاختلاف فى الراى حتى وصل الوصف بعدم المهنيه والاحترافيه وكلهم فاقدى مهنيه واحترافيه . ولكى لا اكون ظالما فاتونى بصحفى او اعلامى اعترض على اجابة مسئول او عبر عن عدم اقتناع فالكل يهز راسه ايجابا ويعمل قلمه بالرضا والقبول قانعا بما تفضل به المسئول غير آبه باقتناع القراء لان ثمن الجريده والمصاريف والرواتب مدفوعة سلفا .
اذن لم يكن الرئيس البشير موفقا فى قراره للتوقيت الخاطئ ولم يكن غندور موفقا فى تبريراته وشكواه من تداخل المسئوليات وتغول الاخرين فى شئون وزارته لانها بدعة من ينتمى اليهم ويعمل من اجلهم ومعهم , وسوف يسطلحوا عاجلا وآجلا بفضل مجالس شورى الحزب ولجان المؤلفة قلوبهم من العاملين عليها اى جماعة تقريب البعيد والترضيات . المصيبه فى الصحافه والصحفيين الذين فقدوا الدليل واحتارت اقلامهم مابين ارضاء البروف المغادر والبشير الذى تم التجديد له بولاية سابعه والقرار القادم الرئاسه مدى الحياة على غرار صديقتهم الصين .
من لا يحمل هم الوطن — فهو هم على الوطن .
أللهم يا حنان ويا منان ألطف بشعب السودان —آميــــن .
محمد حجازى عبد اللطيف
[email][email protected][/email]