شعار رامشيل!

خطرفات ذاتية
استمعت يوم الاثنين الماضي الي قصة (مدينة رامشيل) في نسختها الاخيرة عبر اذاعة (أي راديو) التي خصصت احدى برامجها الصباحية لمناقشة اجازة مجلس الوزارة لشعار العاصمة البديلة (رامشيل) مع جمهورها المستمعين، لم يحالفني الحظ كالعادة لاشاركهم هذا الحوار الشيق ،لان خطوط الاتصال بالبرنامج كانت مشغولة للغاية، الا ان الذين اتيحت لهم فرصة المشاركة لم يخيبوا ظني ابدا فلقد اشفوا غليلي تماما بمداخلاتهم الثرة ذات اسلوب فكاهي اقرب الي السخرية اكثر من كونه مشاركات جادة الا انهم كانوا في قمة الجدية، ولا أخفي عليكم انني كدت ان اسمع زحير انفاس (مقدم البرنامج) الذي بدأ صدره يضيق ببعض مستمعيه الذين فرضوا عليه ما يرغبونه من حديث عكس الطريقة التقليدية المتعارف عليها في الاعلام، وهي ان مقدم البرنامج وحده من يقرر محاور النقاش.
لقد طغى قضية احياء اتفاقية تسوية النزاع في اديس ابابا على مجمل المشاركات التي وردت الي البرنامج بدلا من الحديث عن شعار رامشيل المجاز، وان دل ذلك على شيء فإنما يدل على ان السلام هو القضية المحورية التي يهتم لها وبها كل الجنوبيين وليست مدينة رامشيل التي يكذب الواقع كل مقومات قيامها، وانا بطبيعة الحال لا ابخس للحكومة اشياؤها ، فقط، أستغربت مجلس وزرائنا الذي صام دهرا ونطق كفرا، اليست معاناة الناس مع الغلاء الطاحن الذي ضرب كل شيء اولى وأحق بالنقاش من “رامشيل” التي سمعنا ضجيجها منذ عقدٍ مضى ولم نر لها طحينا؟، الشيء الآخر ما الذي يجعل اجازة (شعار صغير) على هذا القدر من الاهمية؟ هل بلغ بنا العجز مرحلة ان نرفع للشعار شعارات؟.
على الحكومة ان تفهم ان اي حديث عن التمنية وقيام المدن وما شابه ذلك في ظل الظروف الحالية التي تعيشها البلاد لا يعدو كونه “كلمة حق التي يراد بها الباطل، فالحرب والتنمية شيئان نقيضان لا يمكنهما السير جنبا الي جنب، وسبق وقلناها مرارا وتكراراً ان الشعب الجنوبي نفسه في الوضع الراهن لم يعد من بين احلامه قيام التنمية في البلاد بقدر حاجته للأكل والكساء والدواء واستتباب أمنه.
امس القرب طالعتنا الصحف باخبار القاء السلطات القبض على مجمموعة اجرامية مسلحة كانت في طريقها الي احدى الولايات بغرض ترويع امنها، وخبر آخر منفصل من مصدر مختلف يفيد باعتقال الجهات الامنية مجرمين اخرين متخصصين في احتجاز عابري الطرق كرهائن ويطالبون مقابلهم فدية مالية، هذه هي الاخبار التي تشجع المواطن وترفع من معنوياته، لانه يعرف ان حكومته تبذل كل ما في وسعها لسيتتب امنه، وان المجرم مهما طال جرمه فمصيره السجن والعقاب الذي يستحقه، ولكن عندما يسمع ان المجلس الوزاري اجاز شعاراً! حتما سيعاوده الاحباط وهو يسأل نفسه، في اي كوكب يعيش هؤلاء؟
صحيح كلنا يتابع عن كثب التعقيدات التي تواجهها مفاوضات احياء اتفاقية تسوية النزاع في اديس ابابا، ونقر انه من غير المنطق مطالبة الحكومة بايقاف جميع مهامها بحجة ان الحرب المستمرة، هذا لا يستقيم الا اننا نتوقع منها كطرف فاعل في هذه المعادلة ان تطرق كل الابواب المغلقة في سبيل السلام المنشود، فبالسلام وحده يعيش الجميع بما فيها الشعارات المرفوعة والمجازة.
ألقاكم
جوبا/ ٢٠/٤/٢٠١٨ صحيفة الموقف