مقالات سياسية

الأزمة مكانها وين ؟

خالد عثمان

كنت أعمل في أحد شركات البترولية الأجنبية عندما أتت الإنقاذ ، وبحكم عملي في العاصمة كنت أحضر اجتماعات تدعو لها ولاية الخرطوم أيام سلطة يوسف عبد الفتاح، واذكر كيف كانت الصحف تكذب وتخلق أخباراً لم نتداولها في اجتماعاتنا ،وشهدت كيف صادر العميد زيوت الماكينات من ميناء بورتسودان بعد أن اصطحبنا قسرا لحصر وتصنيف الزيوت بالميناء الجنوبي في صيف بورتسودان، وأظن أنه لم يتم تعويض أصحاب تلك الزيوت حتى الآن، واذكر بدايات مشروع استخراج البترول الذي كان على رأسه عميد جيش إنقاذي وكيف كانت تتخذ القرارات بدون دراسات جدوى علمية، وكيف رفض بصلف مراجع علمية كنت قدمتها عن كيفية إجراء دراسات الجدوى لحقول وآبار البترول وكان يقول بان النفط يجب ان يستخرج حتى لو كان خاسراً.

لذلك لايمكن بأي حال من الأحوال تصديق بعض صحف الخرطوم التي ذكرت توفير 300 ألف طن من الوقود وتلك الصحف العربية التي قدرت الاحتياطي النقدي لبنك السودان بمبلغ 300 مليون دولار أمريكي.
حقيقة إن بنك السودان استطاع توفير مبلغ لشراء 35 الف طن من الوقود ولكن معلوماتنا تقول إن بنك السودان لايوجد لديه الآن أي احتياطي نقدي ، بعد استنفاد آخر القروض العربية الواردة اليه في شراء الوقود ودفع بعض استحقاقات وزارة الخارجية.

والكمية التى تم التعاقد عليها إذا حسبناها كوقود ديزل مصفى لا تتعدى 10 ملايين جالون ، وهي لاتكفي البلاد أكثر من أسبوع واحد، وتزيد قليلا إذا كانت من البنزين.

مؤخراً اضطرت شركة النفط والغاز الهندية لأخذ الحكومة السودانية لأحد مؤسسات التحكيم البريطانية للمطالبة بمبلغ 425 مليون دولار أمريكي تمثل متأخرات واجبة السداد منذ العام 2011.
وقامت الشركة بتقديم الشكوى ضد حكومة السودان لأن العقود تمت بضمانات سيادية.
وتعتبر هذه الشكوى الأولى من نوعها من شركة آسيوية ضد حكومة قائمة.

وحسب ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط الإنجليزية الإلكترونية يوم الأربعاء 18 أبريل 2018 فإن الشركة الهندية تمتلك 25٪ من أسهم مشروع شركة النيل الكبرى للبترول بينما تمتلك شركة الصين الوطنية للنفط 40٪ وتمتلك شركة بتروناس الماليزية 30٪.

وذكر وكيل وزارة النفط بخيت أحمد عبد الله بان الحكومة السودانية ظلت تشتري النفط السوداني من الشركات الأجنبية ليتم تصفيته محلياً .وأضاف قائلاً بالرغم من رفع العقوبات الامريكية فإننا لازلنا لا نستطيع إجراء معاملات مصرفية مع الهند.

وبذلك تراكمت الديون على الحكومة السودانية وأصبحت عاجزة عن دفع المستحقات وشراء النفط من أعالي البحار .

لقد أفلست الحكومة وشركاتها التي قامت بإنقاص أجور مرتبات المدراء بنسبة 90٪ مما يعني إنتهاء حقبة التمكين التي امتصت جميع موارد البترول القليلة.

وتمضي الإنقاذ في الكذب على شعبها كما دأبت منذ يومها الأول، لقد أصبح النفط المستخرج ملكاً للشركات الاجنبية ، والاحتياطي بيد الشركات الغربية تروجه بالإعلانات المدفوعة كما هو في حقل الروات، الذي تخلت عنه الشركة الصينية لعدم جدواه.

وبينما ينتظر المواطن شهر رمضان في هذا الحر الغائط ويستعد المزارع للموسم الجديد لن تستطيع هذه الحكومة توفير المواد البترولية اللازمة لإنتاج الكهرباء ولتوفير الديزل لمضخات الري والآليات الزراعية.

إن الأزمة مكانها في القصر الجمهوري ومجلس الوزاراء والبرلمان والكذب حبله قصير، لقد وصلت الانقاذ الى نهايات الكذب ولم يعد هناك أي مجال للبقاء .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..