عطاءات السجون) … من المسؤول؟

لم تكن المرة الأولى التي تسجل فيها (عطاءات السجون) مخالفات، فقد تقدمت شعبة تغذية نزلاء السجون أكثر من مرة بطعون في (نتيجة فرز عطاءات السجون) وطالبت بعدم اعتماد نتيجة العطاءات، فالشاهد أن لجنة العطاءات ليست ملزمة بقبول أقل أو أعلى عطاء، ولكنها بالطبع مقيدة بالالتزام بقانون الشراء والتعاقد، كما أنها مساءلة أيضاً لأن تتقيَّد بالأسعار كمقياس لحصول المتقدمين على العطاء، قانونياً هناك شروط يجب أن تنطبق على مقدِّم العطاء (حسب كراسة العطاء)، ومن المعلوم أن عمليات التقديم لعطاءات تغذية نزلاء السجون بالسودان تتم سنوياً بنهاية كل عام مالي وبداية عام جديد، غير أن عطاءات التغذية للعام 2018 قد تجاوزت ماعداها من خلل مركب، حيث كشفت الوثائق والمصادر لـ( الرادار) عن معلومات (مريبة وغريبة) تمت بعد التوقيع على العقد تستوجب المساءلة ولكن (من المسؤول؟) .
عطاءات العام 2018 صاحبها جدلاً كثيفاً ولكنها تم فرزها وتوقيع عقد مع من رسى عليه العطاء مع الجهة المسؤولة في الأول من فبراير 2018 وأصبح حينها كافة بنود العقد ملزمة للطرفين، كما أن كل شروط العقد وبنوده ملزمة للطرفين، غير أن مصادر (الرادار) كشفت عن معلومات وتجاوزات حدثت عقب التوقيع علي العقود لتغذية السجون، إذ تملصت الجهة التي وقع عليها العطاء من العقد المبرم وحرَّرت خطاب للسيد مدير عام السجون بالسودان، قالت فيه إن الأسعار التي تقدَّموا بها ورسى عليهم العطاء ووقعوا عليها عقداً لا تتناسب معهم، وحسبما توفرت من معلومات بأن السيد مدير السجون خاطب وزارة الداخلية، والتي بدورها خاطبت المالية، ومن ثم تمت زيادة نسبة العطاء 55% على قيمة الأسعار السابقة، اعتبرها مختصون تجاوزات تستوجب المساءلة حيث لا يوجد سعر قياسي معلن قبل التقديم للعطاء حتى يتيسَّر للمتقدمين وضعه قبل قبول الأسعار أن كانت عالية أو أقل سعراً .
الخطوة التي تم بموجبها إضافة نسبة 55% لمن رسى عليه العطاء أثارت حفيظة المتقدمين للعطاء الآخرين، بل اعتبروها محاباة واضحة وإضافة غير مقبولة وتعتبر بذاتها إضافة جديدة لتغذية النزيل لم تدرج في الموازنة العامة حسب مؤشرات تغذية السجون وربما تخصم من المال الاحتياطي للخزانة العامة للدولة وربما أشياء أخرى قد لا نعلمها (تحت الطاولة) .
على العموم بالرجوع للعقد المبرم بشأن العطاء نجد أن الفقرة (12) من العقد في التزامات الطرف الثاني تنص على أن (الأسعار الواردة في هذا العقد والمبيَّنة في أسعار المناقصة والمرفقة مع العقد ثابتة وغير قابلة للتعديل أو التغيير لأي سبب من الأسباب طيلة فترة سريان العقد)، كما أن شروط التقديم للعطاءات لتوريد غذاءات السجون للعام 2018 تفيد أن الشروط الخاصة في الفقرة (1) أن فترة توريد الغذاءات من الأول من يناير 2018 إلى 31 ديسمبر، من ذات العام وتشير الفقرة (2) من ذات الشروط إلى أن الأسعار الواردة في كراسة عطاء الغذاءات والمعتمدة بعد رسو العطاء والمتفق عليها في فترة العقد (غير قابلة للتعديل) خلال مدة سريان العقد، بل (ملزمة للطرفين) ولذلك نحن نتساءل على أي بنود أو مواد استندت عليها الجهات المسؤولة في زيادة نسبة 55% لمن رسى عليه العطاء، الحالة بذاتها تظل محل تساؤلات من قبل الآخرين الذين تقدموا للعطاء نفسه، لماذا لم تضع الجهات المسؤولة اعتباراً للعطاءات الأخرى لاسيما التي كانت أقل من العطاء الجديد بعد الزيادة الكبيرة 55% .
بناءً على شروط العطاءات النصوص كانت واضحة (لا مجال لأي زيادة مهما كانت الححج)، ولكن أن سلمنا جدلاً بأن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة هي السبب، فإن الإجراءات التي تمت كانت في أول يناير وتوقيع العقودات كانت في الأول من فبراير، أفتونا أولى في ذلك، وليس هنالك أي مبرر للزيادة بهذه النسبة 55% وبناءً عليه هنالك عدة أسئلة ملحة تطرح نفسها على جهات الاختصاص بقوة هل تمت زيادة فعلية لغذاءات السجون؟ وإذا كانت الإجابة بنعم لماذا؟ وماهي المواد القانونية التي استندوا عليها ؟ وكم مبلغ الزيادة ؟
المراقب يجد أن شكاوى متعهدي السجون بالسودان قد تصاعدت، محملين اللجنة الفنية مسؤوليتها الكاملة عن تقارير الأداء الصادرة من مديري السجون بالمحليات بنهاية العام المالي، مطالبين في الوقت ذاته بضرورة مراجعة آلية فرز العطاءات للعام 2018 وتقييم أدائها واتخاذ قرارات مستقبلية بشأنها، كما طالبوا بضرورة زيارات مفاجئة للفرق المركزية للسجون للوقوف على بيئتها العامة والغذاءات، وليس ذلك فحسب، بل العديد من الأسئلة تطرح نفسها فما هي المعايير التي تتم بها عمليات تقديم العطاءات وفرزها ؟ وماهو دور اللجنة الفنية ؟ ومن المسؤول ؟
نشر فى صحيفة الاخبار

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..