مقالات سياسية

من يستحق العقوبة؟

ما وصل إليه التعليم العام اليوم من أوضاع مأساوية هي التي جعلته أرضاً خصبة للفساد ومخالفة القوانين ونمو الظواهر السالبة وانتشار الجرائم ومعاناة المعلمين، كل هذا لم يدفع نقابة التعليم العام إلى القيام بأية جهود من أجل إصلاحه، ولا نسمعها إلا وهي تفاوض الحكومة شهوراً من أجل حقوق لا يجوز فيها التفاوض، حتى اضطر المعلمون إلى تأسيس لجنة تدافع عن حقوقهم، فهم كما قالوا: النقابة أصبحت صورية وولاؤها للحزب الحاكم ومصالحه أكثر من التعليم والمعلمين، وما زالوا يشتكون حتى هذه اللحظة من عدم وقوفها معهم، ورغم هذا رئيسها يتحدث عن عدم الظلم.

قبل ثلاثة أيام فقط نقلت وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام، ان بعض المعلمين الذين يشاركون في تصحيح الشهادة السودانية اشتكوا من تردي بيئة العمل والسكن، وقالوا إن السكن الذي خصص لهم لا تتوفر فيه المياه ويكثر فيه الباعوض و(المراتب) التي خصصت لنومهم متسخة. كما ان بعض الفصول لا توجد بها مراوح. وقال معلم (هذا يدل على الإعداد غير الجيد لعملية التصحيح وإمعاناً في إهانة وإذلال المعلم، بالرغم من أن أولياء الأمور دفعوا رسوم التصحيح قبل الجلوس للامتحان. واستنكر المعلمون جلوسهم في بيئة غير مهيأة للجلوس لساعات طويلة داخل غرفة التصحيح، ومن ثم الرجوع للسكن الأكثر سوءاً. وقال (العائد المادي من عملية التصحيح ضعيف ولا يكفي لشراء المضاد الحيوي للالتهاب وعلاج الملاريا والمسكنات). يذكر أن (5700) معلم يشاركون في التصحيح، ويشارك في أعمال الكنترول (1050) معلما

السيد رئيس نقابة عمال التعليم العام عباس حبيب الله لدى مخاطبته استقبال مصححي امتحان الشهادة السودانية، تحسر لما حدث لامتحان الشهادة وطالب المعلمين بالتدقيق والعمل بالأمانة وعدم ظلم أي طالب لأن الشهادة السودانية محل قدسية واحترام وإن عدد المعلمين الذين تمت استضافتهم للتصحيح فاق التصور بعد أن فضل معلمو الخرطوم السكن بالمراكز بسبب مشكلة المواصلات، وطالب بإعدام الذين كشفوا الامتحان في ميدان عام.

على قول المثل (صحي الإختشوا ماتوا) أعتقد إن السيد حبيب الله لا يحق له الحديث عن الأمانة وعدم الظلم والتدقيق والقدسية، أليس هو رئيس نقابة يئن معلموها من الظلم وعدم الأمانة وقدسية المكانة؟!، أليست الشكوى أعلاه من المشاركين في تصحيح الشهادة كافية لتؤكد أن النقابة لا تنصف المعلمين؟!، وكيف يفوق عددهم التصور؟!، هذا دليل على إن هناك فوضى حاصلة.

أعتقد إن الذين يستحقون عقوبة الإعدام ليس من كشفوا الامتحان بل الذين هيأوا لهم المناخ ووفروا لهم الدوافع بحثاً عن المال أو عن نجاح لم تؤهلهم له الدولة أو بسبب الإهمال وضعف الإدارة والفساد، ويستحقونه أيضاً من لا ينصفون المعلمين ويساهمون في إذلالهم ومن وضعوا سياسات التعليم الخاطئة وطبقوها، فليس من العدل أن يعدم من كشفوا الامتحان ويترك من كشفوا حال التعليم.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..