في انتظار لعبة “الشطرنج”

نبض المجالس

لم يعد المواطن السوداني يهتم بلعبة “الشطرنج” التي ظلت الحكومة تمارسها باحترافية فائقة منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمان داخل منظومتها السياسية والتنظيمية” الخاصة، الأمر الذي أفقدها معايير المنافسة “الحقة” القائمة على الكفاءة والنزاهة والرشد، ولهذا ظلت الحكومة وحزبها الحاكم هي لوحدها التي تملك حق “الفيتو” لاختيار من تراه متسقاً مع خطها ومزاجها العام، وقد اكتسبت الحكومة القوة والقدرة في ممارسة لعبة الشطرنج المحببة لها خصوصاً في مواسم التغيير الدستوري .
فلا غرابة إذاً في حالة الزهد وعدم الاهتمام بمتابعة ماراثون التنافس الداخلي من قبل المواطنين، فرصيد هذا الشعب ربما يخلو من أي ناقة أو بعير من هذا التشكيل الوزاري “المرتقب” ليس لشيء غير أن محصلة التجارب السابقة “واللاحقة” تخلو من أي قيمة موجبة يمكن أن تضيفها عملية تحريك “رقعة الشطرنج” لصالح معاش المواطن أو ترفع عنه فقراً أو بؤساً أو شقاءً، لكن يبدو أن هذه العملية “الموسمية” دائماً ما تضيف لرصيد هذا المواطن المزيد من الاثقال والأعباء على كاهله وعلى معاناته المتجدِّدة، فالمواطن ظل على الدوام كأنما هو المعني بسداد فواتير الفشل السياسي والانهيار الاقتصادي والتضخم الدستوري، ولذا فكلما اقتربت مواسم التشكيل الوزاري حبس المواطنون أنفاسهم وتمنوا بلسان صريح وعقل راشد ألا تتبدَّل كراسي هؤلاء أو يأتيهم (جن آخر) لا يألفونه وكأنما يفضِّلون أن يستمر أصحاب الكراسي على كراسيهم رغم العناء والمشقة، ليس قناعة أو رضاءً بما قدَّموه من جلائل الأعمال والحكم الرشيد لرعاياهم، وإنما خشية من تكرار ذات التجارب والموروثات القديمة التي عجزت في أن تبني بينها وبين مواطنيها جسوراً للتواصل والرضاء ورفع الحرج .
لا فكاك إذاً من أن السيناريوهات القديمة بشأن التشكيلات القديمة ستطل من جديد وربما يعود الشيوخ “القدامى” إلى واجهة السلطة وإلى دائرة صنع القرار الحكومي رغم التحوُّلات والتبدلات المحيطة والداخلية ورغم أن الزمان لم يعد زمان هؤلاء ولكنهم قادمون لا محال، فلا عشم إذاً ولا رجاء في واقع جديد وآمال خضراء، وحتى لو أن هذه “الإنقاذ” خلعت كل أثوابها القديمة فلن ينصلح الحال ما لم يتبدَّل “المنهج” والطرق والمزاج والشخوص والتفكير، حينها يمكن أن تنتعش الآمال والرجاءات ويمكن أن تمتد جسور للتواصل ما بينها وبين خصومها، فاليوم وغداً وبعد غدٍ ستشغلنا الصحافة وعبر مانشيتاتها “الحمراء” بزيد عائد وعمرو مغادر ولكنهم لا يحدثوننا بفكرة جديدة ولا بسياسة “بديلة”، ولكن للأسف سنتوقف جميعاً عند “محطة الإدهاش” الأولى حينما يطل علينا مذيع “العاشرة” بالتلفزيون القومي بأسماء أولئك المحظوظين الذين أطلوا من جديد “وعمَّروا” في مناصبهم في السلطة، وهنا تتلاشى محطة الإدهاش بهذا التشكيل الوزاري “المنتظر” . ”

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..