رسالة الى أهل الإنقاذ و المؤتمر الوطنى و الحركة الاسلامية

الى أهل الإنقاذ و المؤتمر الوطنى و الحركة الاسلامية

السلام عليكم و رحمة الله

فى هذا المنعطف التاريخى الخطير و بلادنا تمر بمرحلة حرجة اتوجه اليكم بهذا النداء عسى الله ان يهدينا الى كلمة سواء.

أيها السادة و السيدات

من المعلوم ضرورةً انكم تحكمون هذه البلاد طيلة التسع و العشرون عاماً الماضية منذ يونيو 1989.

من المعلوم أيضاً ان البلاد الان وصلت مرحلة غير مسبوقة من التردى فى الخدمات الاساسية و انهيار نظام الصحة و التعليم فضلاً عن الفقر و البؤس و الضيق و الضنك الذى اصاب عامة الناس والغلاء الفاحش و تردى الاحوال الامنية و حقوق الانسان و تفشى الفساد و إنتشار الجريمة و المخدرات. أضف الى ذلك انهيار مرافق الدولة و المؤسسات الذى ادى الى ظهور الازمات التى باتت تتنزل علينا الواحدة تلو الاخرى من انهيار العملة الوطنية و إنعدام السيولة و شح الوقود و ندرة السلع و الادوية و افلاس الخزينة العامة و البقية تأتى تباعاً.
يحدث هذا فى السودان مع العلم أنه كان و ما يزال من أغنى بلاد القارة بموارده الطبيعية و إمكاناته الزراعية و ثرواته الحيوانية و معادنه الباطنة و طاقاته الكامنة ؟

الان اسألكم ان ترجعوا بذاكرتكم الى ما قبل يونيو من عام 1989، الم يكن حال الاقتصاد و الخدمات الاساسية و الرعاية الصحية و التعليم و احوال المواطنين المعيشية و الاحوال الامنية افضل كثيراً مما هى عليه الان؟

الا يعنى كل ذلك فشلكم فى حكم البلاد و ادارتها؟

انظروا الى البلاد من حولنا كيف تنهض و تسير بخطى حثيثة نحو التقدم و الرخاء وهى لا تمتلك ربع ما يمتلكه السودان من مقومات التنمية و إمكانيات النهضة. فها هى اثيوبيا و ها هى ساحل العاج و ها هى غانا و ها هى موزمبيق و ها هى رواندا.

اذا تركنا جانباً ما اهدرتموه من ثروات البلاد و مقدراتها خلال سنوات حكمكم العجاف، و لا اعنى بذلك عفا الله عما سلف، و لكنى فقط ادعوكم لتأمل الحاضر و المستقبل و النظر بعين الاعتبارالى الفرصة التى لا تزال قائمة إذا قررنا ان نبدأ مشوار الاصلاح و التنمية اليوم و من نقطة الصفر: السودان رغم ما اصابه من كوارث جراء حكمكم ما يزال غنى بثرواته و موارده و إمكاناته الهائلة التى تؤهله للنهوض و السير قدماً فى طريق التنمية و الرخاء و الوصول الى ذلك فى فترة وجيزة إذا قدر لهذه البلاد ان تحكمها القيادة الرشيدة. لكن بناء الاوطان يتطلب ارادة سياسية، و رغبة حقيقية فى الإصلاح، و روح وطنية عالية، و تجرد من الذات من اجل الوطن، و تخطيط سليم، و علاقات جيدة مع دول العالم، و قبل ذلك كله دعم الشعب و مساندته. لكن هذه المتطلبات لا تتوفر لاهل الإنقاذ و المؤتمر الوطنى و الحركة الاسلامية لأن مبادئ الحركة الاسلامية و فلسفتها القائمة على احادية التفكير و اقصاء الآخر و تقديم المنفعة الخاصة على العامة (التمكين) لا تؤهلهم لامتلاك هذه المتطلبات اللازمة لعملية الاصلاح و التنمية. كما ان ثقة الشعب فى الحركة الإسلامية الان اقل من ثقته فى إبليس.

لتعلموا أيها السادة انكم قد أخذتم حظكم كاملاً فى الحكم، بل أخذتموه اضعافاً مضاعفة بالنظر الى فترة بقاؤكم فى سدة الحكم و تحكمكم فى ثروات البلاد و مواردها. لكنكم اخفقتم أيما اخفاق و فشلتم أيما فشل فى تحقيق أى تنمية او إصلاح. بل فشلتم فى إقامة البنيات الاساسية من صحة و تعليم و رعاية اجتماعية. بل عجزتم حتى عن المحافظة على ما ورثتموه من بنيات أساسية. لذلك سعيكم للبقاء على سدة الحكم لا يسنده عقل و لا منطق. فلا انتم جديرون بذلك بإعتبار اداؤكم الضعيف السالب فى مقياس الحكم، و لا انتم تستحقونه باعتبار نيلكم ما يكفى من الفرص و يزيد لإبراز كفائتكم و نواياكم.

يا اخوتى إن انهيار الاقتصاد، و تدمير مصادر الانتاج، و إنعدام الخدمات، و إنهيار المرافق لهو دليل قاطع على عدم كفائتكم العلمية و تدنى مقدراتكم المهنية.
يا إخوتى إن استعدائكم لكثير من دول العالم البعيدة و القريبة و جلبكم للحصار و تسببكم فى فرض المقاطعة و العقوبات الدولية على البلاد إنما هو دليل على طيشكم و جهلكم بقواعد السياسة الدولية و العمل الدبلوماسى.
يا إخوتى إن تفريطكم فى وحدة البلاد و تسببكم فى فصل الجنوب و إشعال الحروب الاهلية و إزكاء النعرات الإقليمية و الجهوية و القبلية و استخدام المليشيات لهو دليل على قلة وعيكم و عدم المسؤلية.
يا اخوتى إن انتهاجكم لسياسة التمكين و التحلل و التجنيب تشهد عليكم بإفتقاركم للانضباط و المهنية و المؤسسية.
يا إخوتى إن ولغكم فى الفساد، و الرشوة، و المحسوبية، و نهب المال العام، و اكل اموال الناس بالباطل تشهد علي جنوحكم و انحطاط اخلاقكم و بعدكم عن قيم الدين الذى طالما خدعتم الناس بانكم ما اتيتم الا من اجل اقامته.
يا إخوتى إن استحداثكم لمفردات غريبة على عالم السياسة و الدبلوماسية من قبيل “لحس الكوع” و “صرف البركاوى” و “الحفر” إنما تدل على سوقيتكم و تدني مستواكم الثقافى.
يا اخوتى إن اهتمامكم بمصالحكم الشخصية و انغماسكم فى ملزات الدنيا و زخرفها من تعدد الازواج، و امتلاك القصور الوارفة، و السيارات الفارهة، و الاموال الكثيرة انما يؤكد انكم ما اتيتم الا من اجل الدنيا و زينتها (لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء).

يا أهل الانقاذ إنكم تعلمون ان نهبكم لثروات البلاد، و إستباحتكم للمال العام ادى الى افقار البلاد و إهدار حقوق الموطنين الذين سائت احوالهم حتى تكرست صورة المواطن السودانى فى العالم الخارجى بانه المريض، الفقير، المتسول، الجائع، الباحث عن مهجراو مأوى بأى ثمن و لو كان الثمن الموت عطشاً فى الصحارى او غرقاً فى البحار.

أما زعيمكم عمر فلم نر منه عدل عمر بن الخطاب و لا شدتة فى الحق و لا زهد عمر بن عبد العزيز فى المال العام و لا رجولة نميرى و لا انضباط عبود و لا نزاهة الازهرى و لا كبرياء المحجوب و لا خصلة واحدة حميدة من خصال الرجال. لعله لم يسمع قول الشاعر:
و تشبهوا أن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالرجال فلاح
لكنه تفرد بخصالة الذميمة: طريد العدالة الدولية، مرتكب جرائم الإبادة فى دارفور، فاصل الجنوب، ناهب الثروات، مخرب الاقتصاد، رائد الفساد، الزعيم الراقص.

يا أهل الانقاذ، إنكم بتعنتكم و إصراركم على البقاء فى سدة الحكم إنما تحكمون على هذه البلاد بالفشل و تحرمونها من حقها فى التنمية و الازدهار، و تجبرون اهلها علي البقاء فى الشقاء و الفقر و التخلف.

يا أهل الانقاذ اتقوا الله فى وطنكم و شعبكم و لا تأخذكم العزة بالاثم. لقد جربناكم طيلة تسعاً و عشرون عاماً عجافاً، لو كنتم قادرين على الاصلاح ما منعكم الا تصلحوا؟ كلا بل عجزتم.

يا أهل الانقاذ، كونوا صادقين مع هذا الشعب و لو مرة واحدة. و الله لوكان فيكم خير ما ادخرتموه تسعاً و عشرون عاماً. و إنا لنشهد الله انه لم يصبنا منكم خيرٌ قط و لم نجد ريح الخير فيكم. ما قدمتم من عمل يشهد عليكم انه لا خير فيكم و لا بركة ترجى منكم.

يا أهل الإنقاذ و المؤتمر الوطنى و الحركة الاسلامية، ما انتم أهل للحكم و لا الحكم أهل لكم و إسناد الامر لغير اهله مفسدة كما تعلمون (و قد كان). لذلك ادعوكم ان تخلوا سبيل هذا البلد المنكوب بكم و ان تتركوا العباد يدبروا امرهم، فوالله ان هذا الشعب يستحق ان يعيش كريماً و يتمتع بما حباه الله من خيرات و ثروات و هو قادر على تحقيق ذلك بإذن الله طالما اسند الامر لأهله من أبناء هذا الوطن فلا تحولوا بينه وبين ذلك. اتركوا الحكم و إعتذروا على ما جنيتم فى حق البلاد و العباد عسى ان يُحمد ذلك لكم يوم الحساب و يخفف عنكم البطش و العذاب.

د. محمد شمو ـ الشتات
1 مايو 2018
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..