تتعدد الأساليب الظُلم وأحد

الأغليبة العُظمي من المتابعين لتفاصيل الأزمات التي تمر بها كثيراً من المدن في وطننا السودان، و بالأخص عاصمة الفساد الخرطوم، فجلنا قد شاهد الصور الحزينة التي تجسّد المعاناة، بالرغم أن تردي الواقع و المعاناة و الإهانة هي ليست وليدة اليوم، بل منذ زمن بعيد قبل مجئي الإنقاذ، و لكن النظام طور هذه المأساة بإسلوب مقنن و ممنهج يستهدف الشعب بطريقة مُجزئة، كل إتجاه علي حده، لذلك فالإتجاه غير المستهدف لأ يشعر بمعاناة أخيه في الطرف الآخر، بالرغم من أننا جميعاً أبناء وطنٍ واحدٍ ولدنا من رحم هذا التراب، أعضاء النظام هم عديمي النخوة تلك النخوة التي تميزنا بها كمجتمع سوداني أصيل و يفتقدون إلى الصفات الحميدة بحكم أنهم نتاج بقايا المستعمر، لذلك أرادوا تفتيت النسيج و قتل الصفات النبيلة بسياساتهم العنصرية، ما ظهر منها و ما بطن، فأصبح الجميع يائساً بائساً بسبب المعاناة التي طالت كل مدن السودان و أذاقت شعوبها من الظلم و القهر حد النفس الأخير، و الآن الوضع تفاقم أكثر فأصبحت العاصمة تُعاني و تتألم بسبب تردي الوضع الذي عاش الهامش أضعافه يوما ما و لأ زال يعيشه، و لأ يمكن مقارنة ما حدث للهامش مع العاصمة، منذ صعود النظام إلي سدة الحكم ظل الهامش في حالة قهر مستمر، الآن لأ مجال للحلم و الواقع و الأحداث تصب في بحرالعدم، فلا مستقبل أفضل و لأ أمل. و لكن بالرغم من ذلك يجب توحيد الجهود طالما الجميع يدري سبب الأزمة في هذا الواقع الأليم و المحبط، علي الجميع المهمومين بتراب هذا الوطن عدم الإستسلام و رفع رآية اليأس، و العمل بروح الولاء من أجل وطن تسود فيه العدالة الإجتماعية و دولة القانون و المؤسسات التي تقدس فيها المواطنة و قيمها، وطنٌ تصان فيه للمواطن كرامته فلا يخاف أن يدوسه بوت رجل النظام العام و لا بوت كلب الأمن و الظلم و الجهل المقدس و تنتهك إنسانيته تيارات الأفكار الرجعية فتصيبه بتصحر الفكر وطن يتم تداول السلطة فيه عن طريق إنتخابات حرة و نزيهة لا مزورة و لا عن طريق إنقلابات عسكرية ليلية وطن لا يبدل فيه الجيش بمليشيات جنجويدية، وطنٌ لا مكان فيه لتحكم ذلك الشيخ الجاهل بأحكام العصر ومتطلباته، وطن لا تساق فيه الجماهير كالأغنام و الأبقار، وطنٌ يتخرج فيه الطالب من الجامعة و قد تلقي ما يساعده علي المساهمة في بناء الدولة و يعرف أن المحسوبية و الوساطة لن تمكن أي كائن من إختطاف حقه في العمل، وطن يحتفي بأبنائه و لا يلفظهم كما يلفظ الجسم الفضلات و القذارة، وطن متصالح مع ذاته و إختلاف مكوناته، لا تُحاك فيه المؤامرات من أجل إقصاء فئة من الشعب أو هيمنة فئة أخري علي كل موارد البلاد، وطن نتقاسم فيه كل التفاصيل الجميلة و نخلق تنوعنا و نحوله إلى مصدر قوة و ليس سببا في النزاع و الإقتتال فيما بيننا، وطن ينتصر فيه أنبياء و رسل الإنسانية، وطنٌ ترتقي فيه بشرية المواطن السوداني، وطنٌ لا مكان فيه لضيقي الأفق الضيقة، وطنٌ تُسحق فيه العنصرية بكل تجلياتها و تمثلاتها البغيضة، وطنٌ يتخطي تفاصيل الدين و العرق و النوع
.
و أود الختام بمقولة الشاعر و الكاتب السينمائي علي الهويريني:-

هذا قولي و الأرض قرارً و هي تدور
طِينً يحمل طِين يمشي بين سبيلين
إما طِين لزج يمكث في الأرض و يكسوها خُضرة
أو طِينً يبس قاعُ موقّع إعصار ترهقه قطرة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..