مقالات سياسية

ما أشبه الليلة..!

إحالة (60) قضية لمُخالفات المال العام إلى محكمة جرائم الفساد التي تمّ افتتاحها أمس الأول، والمحكمة الخاصة بجرائم الفساد هي إنفاذ لقرار رئيس القضاء بتأسيس محكمة جنايات تختص بمُكافحة الفساد ومُخالفات المال العام وتخريب الاقتصاد الوطني.

القرار صدر نهاية مارس، وأظنه أسرع قرار يتم تنفيذه، الفاصل بين صدور القرار وإنشاء المحكمة شهر بالضبط.. لكن هل العقبة أمام مُكافحة الفساد هي عدم وُجود مَحكمة، أو هل وجود محكمة مُختصة سوف يحد من تمدد الفساد أو كبحه.

هل تذكرون في العام 2011م أعلن البرلمان أنه ينظر في (65) ملف فساد، لكن حتى تاريخ اليوم مصير الـ (65) ملفاً غير معلوم.

إنشاء محكمة خاصة بجرائم الفساد هو مُحاولة لزرع ثقة مفقودة في السلطة.. صحيحٌ ربما يصوّر الأمر للناس أن هناك جدية بدت في الحرب على الفساد، لكن إنشاء المحكمة تزامن مع حَملة اعتقالات ضد عددٍ من رجال الأعمال وضباط أمن، للأسف لم تنتهِ إلى شيءٍ، بعضهم أُطلق سراحه، وبعضهم لا يزال رهين الاعتقال رغم البلاغات التي دُوِّنت ضدهم، وفي هذه إشارة سالبة جداً تُؤكِّد أنّ الأمر لا يعدو أن يكون مجرد فرقعة وليس حرباً حقيقية على الفساد.

الإجراءات التي اتّبعتها الحكومة مُؤخّراً ابتداءً من حملة الاعتقالات وإنشاء محكمة خاصة لجرائم الفساد، تشبه سيناريو مُكرّر ظلّت الحكومة تدور حوله دون فعلٍ حقيقي.

كثيراً ما نحتاج إلى تكرار ما كتبناه قبل أعوام.. مثلاً.

في العام 2011م، صدر قرار تشكيل مفوضية لمُكافحة الفساد، وكان إنشاؤها بالفعل أعطى إشارة جادة لمُكافحة الفساد، لكن منذ تأسيس مفوضية أبو قناية حتى قرار حلها لم تنظر في قضية فساد واحدة.

في أبريل العام 2014م، وافق البرلمان بالإجماع على إخضاع عَدَدٍ من القوانين المُتصلة بحماية المال العام للمُراجعة، وهي قانون الثراء الحرام والمشبوه، القانون الجنائي، قانون غسل الأموال، قانون المراجعة القومي، وقانون الجمارك والشركات.

في يونيو 2014م، أجاز البرلمان اتفاقية الأمم المتحدة لمُكافحة الفساد للعام 2012م، وكان ذلك تزامناً مع اتفاقٍ مُعلنٍ بين النيابة العامة ومفوضية حقوق الإنسان على ضرورة رفع الحصانات.

في 2015م، أعلن الرئيس البشير عن تشكيل هيئة للشفافية ومُكافحة الفساد بصلاحياتٍ واسعةٍ تتبع لرئيس الجمهورية، وانتهى الأمر إلى إصدار قانون بشأنها، إلا أن القانون بعد ما تمّت إجازته في البرلمان أُعيد إليه وتم سحب المادة الخاصة برفع الحصانة.

لن أبالغ إذا قلت إنّ محكمة جرائم الفساد التي تم افتتاحها أول أمس سوف لن يمثل أمامها مُتّهمٌ.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..