(القفا التخين) و(السقف الواطي) ظواهر اجتماعية سودانية تجلت في ازمة الوقود

لا موضوع يشغل الشعب السوداني حاليا سوى مشاركة قصص معاناة ازمة الوقود ونكاتها.. تعامل الشعب السوداني المنكوب مع هذه الازمة يكشف عن عدد من الظواهر الاجتماعية الجديرة بالتأمل والتحليل نستعرض هنا اربع منها بسرعة:
1. ظاهرة (القفا التخين): تلقى الشعب السوداني صفعات اقتصادية متنوعة على (قفاه) عبر السنوات السبعة الماضية منذ انفصال الجنوب وتدهور الوضع الاقتصادي.. في الماضي مثلا كان رفع اسعار الوقود قدا اثار غضبا شعبيا وحراكا في الشارع.. حدث ذلك بشكل متكرر في عدة اعوام.. ما يحدث حاليا ان الوقود ليس فقط قد ارتفع سعره ولكنه ايضا شبه منعدم مما يتطلب مجهودا ماليا وبدنيا وزمنيا مضاعفا للحصول عليه.. وبالرغم من ذلك فلا ترى اي اشارات لردة فعل شعبية غاضبة هذه المرة باستثناء التذمر والتبرم بالكلام والبوستات.. ولعل هذا قد يشير الى ان (قفا) الشعب السوداني قد غدا ثخينا متبلدا لا تؤثر فيه قوة الضرب وبالتالي لم يعد يعبأ كثيرا بمدى قوة الصفعات ولا يبالي كثيرا اذا تلقى المزيد منها..
2. ظاهرة (السقف الواطي): متابعة الذين يعلنون عن افراحهم المتدفقة لنجاحهم في ملئ عرباتهم بالبنزين يعكس مدى نجاح الحكومة في (توطية) سقف طموحات الناس وتدجينها بسبب الضغط المتواصل الذي تمارسه عليهم.. نفس هؤلاء المحتفلين كانت لهم على الارجح طموحات ارقى قبل بداية هذه الازمة ولم يكونوا ليصدقوا ان اقصى امانيهم ستصبح ان يجدوا بضعة لترات من الوقود لسياراتهم.. مع استمرار الحكومة في اختلاق الازمات ودفع سقف الطموح الى الاسفل لا يظهر ان الشعب يحاول بشكل كافي الدفع في الاتجاه المضاد لمنع الهبوط اكثر.. ولذلك يبدو ان الامور ستواصل السير في هذا الاتجاه واتمنى ان لا نرى بعد فترة احتفالات او زغاريد بمناسبة الحصول على جركانة موية او كيس دكوة..
3. ظاهرة (الخيال غير العلمي): مع كل ازمة من ازمات السودان المتتابعة كتتابع الليل والنهار يمتلأ الفضاء الاليكتروني بالقصص الخيالية عن هروب زعماء النظام وعائلاتهم واغلاق المطارات وتحرك قوات من الجيش واتصالات امريكية روسية برازيلية فضائية وانهيار النظام وغيرها من القصص المختلقة الدجلية التي تعبر عن غلبة الافكار الرغائبية wishful thinking على العقل الجمعي للشعب السوداني وامله في ان التخلص من هذا النظام.. ربما تصدر هذه البوستات الخيالية عن بعض المناضلين الاليكترونيين الذين يعبرون عن رغباتهم الكامنة ولكني لا اسبتعد ان تكون صادرة عن اجهزة النظام الامنية حيث انها هي المستفيد الاول من حالة الخدر والخبل الذي تسببه هذه البوستات الكاذبة وسط الشعب.
4. ظاهرة (الله يسهلها من عنده): الله يسهل ليست مجرد كلمة تقال تفاؤلا بتسهيل الامور ولكنها اصبحت اسلوب حياة سوداني بامتياز يتم فيه الهروب من مواجهة حل المشاكل برفعها للسماء.. عبارة يختم بها اي حوار مؤلم عن المعناة في صفوف البنزين او الخبز او المواصلات.. لو كان الامر استعانة بالله على فعل الاسباب الداعية (للتسهيل) لكان مفهوما وانما المزاج العام يردد هذه العبارات على سبيل التسليم بالعجز وربما التطلع لمعجزة ما تأتي من السماء لتملأ المحطات بالبنزين والشوارع بالحافلات الفارغة وترفع الجنيه المكسور ليصبح بنصف دولار.. لكن سنن الله الكونية تقتضي ان التغيير لا يحدث بهذه الطريقة مهما لهجت الالسن بدعاوي التسهيل.. وان الواقع يقول ان الامور تتجه كل يوم للمزيد والمزيد من التدهور وتسير في طريق مدحرج نحو الهاوية الا اذا تم هناك فعل ايجابي يوقف التدحرج اولا ويدفع بعدها العجلة صعودا..
هذه الظواهر الاربع متداخلة ومتشابكة ف(القفا التخين) يجعل الشعب راضخا ومستسلما لأي مصيبة تخلقها الحكومة وتجعله منشغلا في بذل الجهد والمال والزمن للتعامل معها .. هذا بدوره ينحدر بسقف طموحات الفرد ليجعل اغلى امانيه تغلبه على هذه المشاكل البدائية لكي يستطيع المواصلة.. هذا (السقف الواطي) النازل باستمرار يخنق المواطن ويجعله يهرب الى عالم موازي تصبح فيه (خيالاته غير العلمية) عن المظاهرات الهادرة وهروب الرئيس وسقوط النظام حقيقة في رسائل السوشيال ميديا العبثية.. وعندما يعود محبطا الى العالم الحقيقي المليء بالالم والغارق في الخراب يلجأ الى حيلته الاخيرة (الله يسهل) مستسلما للعجز ومقررا بقاء الوضع على ما هو عليه حتى تتدخل السماء.. وحتى ذاك الحين يدلك (قفاه التخين) ويمسحه استعدادا لصفعة الحكومة القادمة.
[email][email protected][/email]
كلامك صحيح استخدام اقذر وسائل التحكم والسيطرة في الشعب السوداني تماما ماوصفه نعوم تشومسكي في استراتيجيات التحكم على الشعوب
فماذا نستطيع ان نغعل امام كل هذا
كلامك صحيح استخدام اقذر وسائل التحكم والسيطرة في الشعب السوداني تماما ماوصفه نعوم تشومسكي في استراتيجيات التحكم على الشعوب
فماذا نستطيع ان نغعل امام كل هذا