مجتمع اللا شعور

خطرفات ذاتية

مشهد مؤسف للغاية حدث أمام عيني وبصري يوم أمس في محطة مواصلات كاستوم” هنا في جوبا، فلقد تعرض رجلا مُسنا لعملية سرقة في زحمة المواصلات اثناء صعوده الي داخل الحافلة لكنه تبين ملامح الشخص الذي كان يضايقه عند الباب وأمسك به قبل مغادرته المكان، غير ان اللص رفض اظهار ما يخبئه في جيبه، ومع اصرار الاخير على ان هاتفه المفقود هو الذي في الجيب، تحول الامر الي تبادل (اللكمات) بين الاثنين، ليظهر في المشهد (حجازين مزعومين) الا انهم كانوا لصوص ايضاً، وتمكنوا بهذه الحيلة افراغ جيب الرجل من كل ما تبقت فيه من محتويات، لم يتركوا له ولا حتى حق المواصلات.
امور كثيرة جرت لا اود الخوض فيها كلها، المهم، تدخل الناس واستعاد الرجل هاتفه من ذات اللص الذي كان ينكر، ومضى الجميع الي حال سبيلهم، وعاد الضحية نفسه الى مقعده في الحافلة وجلس وهو منهك متعب وبدأ يتحسس أثار اللكمات في جسمه ووجه، فالمعركة ما كانت متكافئة ابداً فيما بينهما نظراً لسنه الكبير مقارنة مع لص شاب مفتول العضلات.
كان من الطبيعي ان يتحول الحادث الي “قضية الساعة” بين الركاب، فمنهم من روى حادث مماثل شاهده بأم عينيه في مكان آخر، وبعض الآخر طفق يسب ويلعن “حال البلد” الذي وصل الي هذا الدرك السحيق، ولكن الغالبية العظمى رمت باللائمة على الاجهزة الامنية والشرطية لقصورها في أداء واجبها وعجزها عن حماية ضعفاء المجتمع من بطش المجرمين حتى اصبحت محطات المواصلات والاماكن العامة ساحات ترتكب فيها جرائم النهب والسلب نهاراً جهاراً بلا حسيبب ولا رقيب … الخ.
مبدئياً اتفق مع اغلب الأراء التي تناولت الموضوع من شتى الزوايا، غير انني ارى ان القضية اكبر من قصور “اجهزة الدولة” المعنية في اداء واجبها، فالقانون وحده مهما علا شانه وعظم، لن يردع المجرمين في واقع مزري ومختل من كل النواحي، سياسياً، اجتماعيأ، اقتصادياً، وكذلك انتشار قوات الشرطة في الطرقات والاماكن العامة لن يجلب الاخلاق والفضيلة لمجتمع مفكك ابسط ما يقال عنه انه يحتاج الي اعادة صياغة شاملة وكاملة، وهي مطلب لا تتوفر ادواته حاليا ولا في العاجل القريب طالما بقيت الحرب مستمرة بين فرقاء السلطة.
هنالك نظرية عند اهل علم المجتمع تقول ان المجتمعات حول العالم تنقسم الي نوعين، نوع يشعر بالذنب، وآخر يشعر بالعار، ومن سمات النوع الاول انه يتخذ من (تفادي الشعور بالذنب) منهجاً له في اعداد الاجيال، فيعمل على تمليكهم كل الحقائق المتعلقة بالماضي والحاضر ـ خيرها وشرها- دون تجميل ويعلمهم السبل الكفيلة والادوات الضرورية لصناعة مستقبلهم الذي يريدونه لانفسهم، وبعدها يترك لهم حرية اختيار ما يرغبون الاقتداء به بين الاشياء التى امتلكوها، وهذا تفادياً لتحمل ذنب الاختيار المسبق الذي ربما يحتمل الخطأ، وتزعم هذه النظرية ان المانيا وامريكا وبريطانية وغيرها من الدول التي يشار اليها بالبنان اليوم، في العلم والاخلاق والأدب ما كانت لتقوم لها قائمة لولا منهج الشعور بالذنب عند اعداد الاجيال.
اما مجتمع (الشعور بالعار)، حسب النظرية، فهو مجتمع! دعوني اطلق عليه من عندي اسم مجتمع (منافق) من الدرجة الاولى، كل همه وشغلة الشاغل لديه هو الاهتمام بتجميل قبائح الماضي او تزييفها لانه يحسبها من (الاعيار) التي لا يجب ان يعلم الجيل الجديد عنها شيئا، هذا بدلا من جعلها دروس وعبر يعتبر بها، فيعد جيلاً على مغالطات لا يسندها منطق ولا واقع، والفرد في هذا المجتمع بمقدوره فعل اي شيء “لا اخلاقي” ولا يشعر بأدني عار او ذنب طالما لم يراه أحد، فمثلا يمكن لشاب ما ان يسرق النظر بثقب الباب الي فتاة عارية تستحم داخل الحمام دون ان يحسب للأمر حساب ولكن اذا ضبطه احدهم متلبسا بفعلته هذه، حينها فقط سياتيه احساس العار.
لا اود إلصاق النظرية الاخيرة الي مجتمع بعينه، ولكني اجزم ان (مجتمعنا الجنوبي) خارج هاتين النظريتين، والصحيح ان اصحاب النظرية اخطأوا التصنيف ، فلنا في جنوب السودان نوعاً ثالثاً، يستحق الدراسة والوقوف عنده وهو مجتمع (اللا شعور)، ومن سماته، فعل اي شيء قبيح ومشين دون ادني احساس بالعار، وأعتقد ان لصنا المجرم عديم الاحساس الذي أعتدى على المسن في محطة المواصلات ليس سوى نموذج صغير جدا يكاد ان لا يذكر بين كبار المجرمين (اللا شعوريين) الذين حولوا بلادنا الي جحيم لا يطاق بصراعهم المميت على كراسي السلطة.
غايتو يا جنوبيين، يحلنا الحل بله من القيد والذلة.
ألقاكم.

جوبا/7/5/2018/ صحيفة الموقف

تعليق واحد

  1. اللاشعور دي يا سايمون ليس كما فهمتها اذا أردت أن تقول لنا أن المجتمع ما عندو شعور يعني متبلد الاحساس. أما اذا انت تتكلم بعلمية فالنفس الانسانية فيها ثلاثة أنواع من الشعور والشعور (كونشنس) عبارةٌ عن الحالة العقلية التي يدركها الفرد ويشعر بها في كل لحظةٍ يعيشها. وتحت الشعور (سب كونشنس): وهو عبارةٌ عن خبرات الفرد في حياته الماضية والتي تختلف عن حياته الحالية، ولكن عقله يستطيع استعادة كل هذه الخبرات والأحداث متى أراد ذلك. واللاشعور: وهو اللاوعي أو الجزء الذي تتخزن فيه رغبات الفرد وذكرياته ومشاعره المؤلمة. فاللاشعور هو المنطقة التي تتخزّن فيها كلّ الرغبات والأشياء التي لم يستطع الإنسان تحقيقها وإنجازها في الماضي، فهو لا ينساها كما يظن البعض وإنّما يكبتها في اللاشعور الذي يعدّ جزءاً مهماً من حياة الفرد النفسية، فهو المكان المخزّن لكلّ ما يبذله الجهاز النفسيّ من ردات فعلٍ ورغباتٍ ودوافع وغيرها.
    منقول من مصادر علمية

  2. اللاشعور دي يا سايمون ليس كما فهمتها اذا أردت أن تقول لنا أن المجتمع ما عندو شعور يعني متبلد الاحساس. أما اذا انت تتكلم بعلمية فالنفس الانسانية فيها ثلاثة أنواع من الشعور والشعور (كونشنس) عبارةٌ عن الحالة العقلية التي يدركها الفرد ويشعر بها في كل لحظةٍ يعيشها. وتحت الشعور (سب كونشنس): وهو عبارةٌ عن خبرات الفرد في حياته الماضية والتي تختلف عن حياته الحالية، ولكن عقله يستطيع استعادة كل هذه الخبرات والأحداث متى أراد ذلك. واللاشعور أنكونشص وهو اللاوعي أو الجزء الذي تتخزن فيه رغبات الفرد وذكرياته ومشاعره المؤلمة. فاللاشعور هو المنطقة التي تتخزّن فيها كلّ الرغبات والأشياء التي لم يستطع الإنسان تحقيقها وإنجازها في الماضي، فهو لا ينساها كما يظن البعض وإنّما يكبتها في اللاشعور الذي يعدّ جزءاً مهماً من حياة الفرد النفسية، فهو المكان المخزّن لكلّ ما يبذله الجهاز النفسيّ من ردات فعلٍ ورغباتٍ ودوافع وغيرها.
    منقول من مصادر علمية

  3. اللاشعور دي يا سايمون ليس كما فهمتها اذا أردت أن تقول لنا أن المجتمع ما عندو شعور يعني متبلد الاحساس. أما اذا انت تتكلم بعلمية فالنفس الانسانية فيها ثلاثة أنواع من الشعور والشعور (كونشنس) عبارةٌ عن الحالة العقلية التي يدركها الفرد ويشعر بها في كل لحظةٍ يعيشها. وتحت الشعور (سب كونشنس): وهو عبارةٌ عن خبرات الفرد في حياته الماضية والتي تختلف عن حياته الحالية، ولكن عقله يستطيع استعادة كل هذه الخبرات والأحداث متى أراد ذلك. واللاشعور: وهو اللاوعي أو الجزء الذي تتخزن فيه رغبات الفرد وذكرياته ومشاعره المؤلمة. فاللاشعور هو المنطقة التي تتخزّن فيها كلّ الرغبات والأشياء التي لم يستطع الإنسان تحقيقها وإنجازها في الماضي، فهو لا ينساها كما يظن البعض وإنّما يكبتها في اللاشعور الذي يعدّ جزءاً مهماً من حياة الفرد النفسية، فهو المكان المخزّن لكلّ ما يبذله الجهاز النفسيّ من ردات فعلٍ ورغباتٍ ودوافع وغيرها.
    منقول من مصادر علمية

  4. اللاشعور دي يا سايمون ليس كما فهمتها اذا أردت أن تقول لنا أن المجتمع ما عندو شعور يعني متبلد الاحساس. أما اذا انت تتكلم بعلمية فالنفس الانسانية فيها ثلاثة أنواع من الشعور والشعور (كونشنس) عبارةٌ عن الحالة العقلية التي يدركها الفرد ويشعر بها في كل لحظةٍ يعيشها. وتحت الشعور (سب كونشنس): وهو عبارةٌ عن خبرات الفرد في حياته الماضية والتي تختلف عن حياته الحالية، ولكن عقله يستطيع استعادة كل هذه الخبرات والأحداث متى أراد ذلك. واللاشعور أنكونشص وهو اللاوعي أو الجزء الذي تتخزن فيه رغبات الفرد وذكرياته ومشاعره المؤلمة. فاللاشعور هو المنطقة التي تتخزّن فيها كلّ الرغبات والأشياء التي لم يستطع الإنسان تحقيقها وإنجازها في الماضي، فهو لا ينساها كما يظن البعض وإنّما يكبتها في اللاشعور الذي يعدّ جزءاً مهماً من حياة الفرد النفسية، فهو المكان المخزّن لكلّ ما يبذله الجهاز النفسيّ من ردات فعلٍ ورغباتٍ ودوافع وغيرها.
    منقول من مصادر علمية

  5. السودان كله وليس الجنوب فقط فهؤلاء عديمي الشعور والاحساس سرقوا وقتلوا بدم بارد بدون خجل والله يحلنا منهم

  6. السودان كله وليس الجنوب فقط فهؤلاء عديمي الشعور والاحساس سرقوا وقتلوا بدم بارد بدون خجل والله يحلنا منهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..