الحكومة في خدمة التهريب

أشرت أمس إلى حادثة تهريب الذهب بالعربة الدستورية ، وتذكرتُ حديث وزير التعاون الدولي الذي أشار فيه إلى تسهيلات تُقدم للمهربين من داخل المطار ، فتراءى لي كيف تكون الحكومة في خدمة التهريب ….وجدتُ نفسي مضطراً لإعادة فقرات عديدة من مقال سبق نشره وذلك رداً على مكالمة طويلة من أحد منسوبي جهاز رقابة العربات الحكومية ،وقد رآني حملتُ في مقال الأمس على إدارة الجهاز وحملتها ما لا طاقة لها به، ولكي تستبين له الصورة أكثر أعيدُ عليه بعض المشاهد التي صورتها الحروف في هذه الزاوية من قبل ، فلعله يتذكر أو يخشى أو يخجل حتى…

عندما أسمع أن أحد أبناء المسؤولين ارتكب مخالفة مرورية وهو يقود سيارة معالي الوزير “والده” أو “والدته” معالي الوزيرة ، أو تم القبض عليه متلبساً، أو متورطاً في جريمة ما وهو يقود العربة الدستورية وبكل صولجانها ونفوذها وحصاناتها ، أو تم ضبط سيارة “الدولة” التي يقودها ابن المسؤول الفلاني وبداخلها “بلوى” من بلاوي هذا الزمان ، عندما أسمع بكل هذه “البلاوي” التي تكاثرت وتناسلت، وأقارن بين هذي الأيام وأخرى قد خلت في زمن الفريق إبراهيم عبود رئيس جمهورية السودان الأسبق مثلاً، أجد أن مقارنتي عوراء بائن عوارها و”شتراء” عصية على “البلع” ،عندها أيقن أن البون شاسع جداً بين أيامنا هذي وهاتيك الأيام الخضراء…

الذين رووا لنا قصصًا وحكايات جميلة عن الفريق إبراهيم عبود والمشير جعفر نميري في الحرص على صيانة المال العام ، والعفة عنه والزهد فيه، رووا لنا أيضاً أن الفريق عبود ما كان يخصص لأفراد أسرته حرساً أو سيارة حكومية لتقلهم إلى مشاويرهم الخاصة ومناسباتهم الاجتماعية ومدارسهم ، وقد سبق أن قالت كريمة الفريق إبراهيم عبود(سلمى) “حين كان والدي رئيساً للسودان لم نركب أيّ سيارة حكومية ولم يحدث أن رافقنا حرس خاص وكان محرماً علينا أن نستغل أشياء عامة”.

أما “التفحيط” الذي كان يحدث حتى وقت قريب – ولا أدري هل توقف أم لايزال يعمل بكفاءة ؟ سيقف شاهداً على أن جميع أوجه المقارنة معدومة بالمرة شاء الآخرون أم لم يشاءوا…

في ظني أن أمثال أولئك النفر من المسؤولين قرأوا سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، في العفة عن المال العام والحرص عليه والزهد فيه، ثم استزادوا من سيرة عمر بن عبد العزيز في طهر اليدين والزهد ، قرأوهما واستوعبوهما وآمنوا بهما وعملوا بهما، وأما آباء “المفحطين” وكل الذين تركوا سياراتهم الدستورية لترويج المخدرات وتهريب الذهب لا أظنهم قد قرأوا ، وإذا فعلوا لم يستوعبوا ولم يؤمنوا ولم يعملوا،أو أنهم آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم….اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله،وثق أنه يراك في كل حين.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..