فيثاغورس قد لا يصلح فراشا في الخارجية السودانية

بسم الله الرحمن الرحيم
يقصد بالدبلوماسية عملية التمثيل والتفاوض التي تجري بين الدول في غمار إدارتها لعلاقاتها الدولية ، وترى مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة أنها العملية المفيدة للحوار مع أطراف ربما لا تستذيق أو تحب أن تتحدث معهم ، من أجل أن تجعلهم يسيرون كما تشتهي و تريد !
وتتحدث المادة الثالثة من معاهدة فيينا عام 1961 و تفصل الوظائف الرئيسية للبعثة الدبلوماسية التي تمثل الدولة في أي بلد آخر .
هذه الأعباء حصرتها هذه المادة في التمثيل الرسمي للدولة و حماية مصالحها و مواطنيها في البلد المرسل إليها ، مع القيام بمهمة التفاوض إنابة عنها مع السلطات المحلية ، و تنشيط و تقوية الروابط الأقتصادية و الثقافية والعلمية بما يخدم مصالح الدولتين ، دون أن تغفل البعثة الدبلوماسية عن كتابة التقارير التي تشرح معدلات النمو و الظروف العامة التي تحيط بها بالوسائل و الأطر القانونية .
اليوم ومع التطور العصري الذي طرأ على وسائل التواصل و ثورة التقنيات أضحت الدبلوماسية أداة فاعلة لتحقيق مصالح الدولة مع تنوع أنماطها وتعدد أشكالها .
فهي لم تعد ذلك الشكل المتعارف عليه و المتمثل في شخصية السفير أو نشاط البعثة الدبلوماسية المصاحبة له ، وإنما توسعت و تطورت أدواتها و وسائلها .
فمهمة السفير بالخارج تتكامل مع أدوار مؤسسات الدولة بالداخل بداية برئاسة الجمهورية التي يمكن لها أن تدير ما يعرف اليوم بالدبلوماسية الرئاسية أو دبلوماسية القمم ( Presidential ? Summit Diplomacy ) ، مرورا بجهاز الأمن و المخابرات و القوات المسلحة اللذان أصبحان أحد الأدوات الرئيسية لتنفيذ السياسات الخارجية و نجاح النشاط الدبلوماسي للدولة ، وليس أنتهاءً بالأعلام و الوزارت الأقتصادية و البرلمان الذي أصبحت له هو الأخر نشاطات تواصل خاصة به عرفها الباحثين ( بالدبلوماسية البرلمانية ) .
جأر بروفيسور غندور بمر الشكوى أمام نواب البرلمان قبل قرابة شهر ليشكو لهم أو ربما لينعي لهم أفلاس وزارة الخارجية و عجزها المبين في دفع رواتب عدد كبير من سفراءها و دبلوماسيها بسبب تعنت البنك المركزي في الألتزام بواجباته تجاه هذه الوزارة السيادية .
معظم الكتابات التي تناولت هذا الحدث وما أعقبه من إقالة لغندور تناولت الأمر من زاوية ضرر أو نفع هذه الأفادة التاريخية على الصورة أو الوجه العام للدولة ، ثم أتجه الحديث بعدها عن ترهل الكادر الدبلوماسي الخارجي الممثل للبلاد وعدم فاعليته و ربما فشله في أداء معظم مهامه .
و طالب البعض مع أستفحال الأزمة الأقتصادية التي تمر بها البلاد اليوم ضرورة ترشيد عدد هذه السفارات و القنصليات التي تضمهم في بعض الدول التي لا تُعتَبر ذات أهمية للسودان في الميزان السياسي أو الأقتصادي أو ( العسكري والأمني ) .
ومع تأكيدنا أنه لا يختلف أثنان في السودان اليوم أن بروفيسور غندور كان يُعَد من أفضل وزراء الأنقاذ في التشكيل الوزاري السابق مهنية في أدائه الوظيفي ، و أن جهوده سواء في ملف الحوار مع الولايات المتحدة و ملف سد النهضة قد حققت الكثير من النقاط و القفزات الأيجابية .
و لكننا و إذا نظرنا نظرة دقيقة للأمر سيقودنا الحديث و التساؤل عن أصل الأزمة الى إعادة تدوير السؤال و القول بأنه ……
هل المشكلة أصلا في فشل وزارة الخارجية في تغطية رواتب موظفيها الى الحد الذي جعل البنك المركزي يرى فيها تابعا كريها ذو عبئ ثقيل ؟
أم أن السبب هو فشل الوزارة نفسها في أداء و ظائفها الدبلوماسية المتعددة دون الأقتصار طبعا على المهمة التقليدية المعروفة بها في أصدار التأشيرات لغير المواطنين و خدمة السودانيين العاملين بالخارج و هذه الأخيرة أيضا فيها قول و فصل ؟
أم أن الأمر يمكن أن نرجعه كله لفشل الدولة ككل في إدارة شؤونها فأصبحت وزارة الخارجية كقميص عثمان الذي عُلق عليها كامل الفشل الذريع الذي يحيط بنا هذه الأيام ، والذي جعل السودان في أكبر ضائقة أقتصادية منذ تاريخ الأستقلال ؟
في ظننا أن أزمة وزارة الخارجية السودانية و ربما فاجعتها و مأساتها والتي جعلت الدولة تراها بكل عدد سفارتها و قنصلياتها الكبير في الخارج تفشل في فك عزلة السودان السياسية و الأقتصادية ، لم تبدأ هذه الأزمة بأستجارة غندور لرئيس الجمهورية في البرلمان ثم إقالته فيما بعد من منصبه ، وأنما يمكننا الجزم بالقول بأنها أزمة نتجت عن تراكم سياسات خاطئة للدولة تخص هذه الوزارة تحديدا بدأت منذ أنقلاب الأنقاذ في 30 يونيو 1989 م و حتى يومنا هذا .
مع شهور الأنقاذ الأولى تم تحوير دور هذه الوزارة و تقنينه لينسجم مع برامج الجبهة القومية الأسلامية و أهدافها حالها في ذلك حال باقي وزارات و مؤسسات الدولة الأخرى دون وضع أي أعتبار لخصوصية و حساسية عملها .
بدأت الدولة وقتها في تطبيق رؤية سياسية أدارية شاملة في الوزارة ، لكي ما يتماشى هذا البرنامج مع رؤية النظام الذي كان يتبنى مشروعا حضاريا يُعنى بتأصيل قضايا الحكم و السياسة وفقا لبرنامج أسلامي عقائدي صارم .
كانت الأستراتيجة تسير في مسار ما عرف وقتها ( بعمليات تثوير وزارة الخارجية ) و النظر إليها كواجهة براغماتية لتنفيذ سياسات الحزب الحاكم .
فكانت أولى الخطوات لتحوير بوصلة أتجاهات أدوراها المهنية البحتة لتنتقل من الأجندة الوطنية الى الأهداف الحزبية ، عبر أستفادة التنظيم من ميراثه الأسلامي الخارجي في التأسيس لعهد جديد من الدبلوماسية السودانية أبتدعته الدولة وقتها ، و يمكن أن نسميه أو نطلق عليه ( الدبلوماسية الرسالية ) .
هذه الدبلوماسية الرسالية الجديدة تأسست على ركيزتين أساسيتين :
الأولى هي تحريك و إنعاش التنظيم لعلاقاته الخارجية مع مختلف قادة و رموز الحركات الأسلامية في العالم ، و قد أدعى الأمر وقتها طلب العون و النصرة ، مبلغين البعض منهم من أهل الثقة حقيقة التغيير السياسي الذي جرى في البلاد و طالبين منهم أيضا كتمان السر و العمل الأعلامي للتبشير بهذا النظام السياسي الجديد و الوليد .
أما الركيزة الثانية فكانت عندما تم تغذية الوزارة سريعا بمجموعات من عضوية الحركة الأسلامية من الذين توفرت لهم فرصة الدراسة في الخارج و الدخول في النشاط الطلابي خصوصا الأتحاد الأسلامي العالمي الذي كان يضم في وقت ما معظم قيادات المستقبل من الحركات و التنظيمات الأسلامية .
أو من الذين توفرت لهم فرصة العمل في المنظمات الأنسانية العالمية كمنظمة الدعوة الأسلامية أو الوكالة الأفريقية للأغاثة .
وكانت كلتا الفئتين هما القاعدة التي أسست بهما الأنقاذ رؤيتها ( الأصلاحية ) في نظرها للعمل الدبلوماسي داخل وزارة الخارجية.
و رغم أن المعايير المهنية التي وضعها التنظيم للدفعات الأولى التي ألتحقت بالخارجية من أهل الولاء و الطاعة كانت نوعا ما صارمة في شهور الأنقاذ الأولى ، إلى أن السرعة في عمليات الأبدال و الأحلال التي أوجبتها حوجة التنظيم فيما بعد لأنفاذ برامج الحركة الأسلامية خففت هذه المعايير المهنية التي طبقت بصرامة مع الدفعات الأولى .
نتيجة لذلك الأمر تدنى المستوى العام للكوادر الأسلامية المستوعبة في الوزارة و لا سيما في خواص أساسية مطلوبة في الكادر الدبلوماسي كالثقافة العامة و توسع وعمق الأطلاع على القضايا الدولية و أتقان اللغة الأنجليزية تحدثا و كتابة و مهارات التواصل و الأقناع و المفاوضة ، و أكتفى التنظيم بعاملي ( الأنتماء للحزب و حاجة التنظيم لشغلك هذا الموقع ) كمعيارين أساسيين لأستيعابك في وزارة الخارجية .
و الحديث عن أن هنالك بعض الكفاءات المهنية من قدامي السفراء ظلوا يمارسون أداء عملهم الدبلوماسي بالوزارة على الرغم من كل الذي يجري من حولهم من تغييرات ، لكن يبقى مجرد ذكر تأثيرهم ينتفي دوره الأيجابي مع معرفة القاصي و الداني أن نفس هذه الكفاءات وإن وجدت فهي أرتضت أن تخدم التوجه السياسي لدولة الأنقاذ و الدفاع عنه باذلة في ذلك تجربتها الدبلوماسية الطويلة بكل أخلاص و حماسة و نصحها و خبرتها داخل الأطر المرسومة لها فقط .
أما زملائهم من الذين رفضوا هذا التوجه و كل سياسات الهرج و المرج التي أتبعها التنظيم لتغيير وجه و طبيعة و نظم الوزارة فكان نصيبهم التصفية و التشريد والطرد التعسفي و الأحالة الى الصالح العام .
أردنا أن نسوق هذه الفذلكة التأريخية لكي ما نتساءل مع القارئ الكريم تساؤل مشروع يفرض نفسه علينا ……….
هل بعد كل هذا التراكم و الأرث السالب يمكن لوزارة تم أختيار كوادرها على هذا النسق و بهذه العقلية الحزبية ( الأحادية النظرة ) أن تخدم قضايا السودان و تدافع عن مصالحه و تمثله خير تمثيل ، حتى لو أفترضنا جدلا أن الدولة قد عادت لرشدها و أصبحت صارمة في أختيار و تأهيل الدبلوماسيين العاملين فيها وفق المعايير المهنية الصحيحة ؟
هل يمكن لهؤلاء أن تفتح عبرهم الدولة أفاقا واسعة للنشاط و الأستثمار الأقتصادي في مختلف المجالات أمام المستثمرين ؟
هل يمكن لهؤلاء أيضا أن يعكسوا الوجه الثقافي و الفكري و الأجتماعي المتنوع لهذا الشعب وهم كانوا و مازالوا يمثلون جهة حزبية واحدة في الوقت الذي أغلقت فيه الأبواب أمام كل أبناء السودان من المنتمين و غير المنتمين سياسيا لأحزاب أخرى للعمل الدبلوماسي ؟
هل يمكن لهؤلاء أصحاب المنهج الأقصائي أن يبدعوا في تسويق فكرة أن السودان دولة أمن و أمان و سلام تسع الجميع لا دولة حرب وسفك دماء تشرد أهلها ؟
أن الأمر الذي يمكن أن يتخيله المرء من دولة تقوم بأختيار ممثلين لها في السلك الدبلوماسي أن تتأكد أولا من المستوى الأكاديمي و المعرفي و الثقافي للمتقدم وأن يكون مجيدا لي اللغة الأنجليزية و ملما بأستخدامات الكمبيوتر وقادرا على التواصل الأعلامي بشكل محترف مع مختلف وسائل الأعلام موظفا كل ذلك لخدمة أهداف الدولة و مصالحها .
وأن تتأكد أيضا من حسن سير سلوكه ، و قدرته على أستيعاب مقتضيات وظيفته التي تتطلب فهم عميق لوسائل و أساليب السلوك الرسمي و فن الأتيكيت .
فبدلا من أن تقوم الدولة بتعيين بعض رموز البلاد من الذين يشهد لهم بالنزاهة و الوطنية و نكران الذات و العلم و المعرفة و الثقافة و الوعي و الأدراك بهموم و قضايا الدولة كسفراء بصورة تشريفية كما كان ذلك معهود و متعارف عليه في السابق ، آثرت أن تعين مرافيد القوات المسلحة و الشرطة و أحيانا تعيينات خاصة من جهاز الأمن .
أن أزمة وزارة الخارجية ليس حلها أن يكون فيها وزير بمواصفات سوبر مان أو بعبقرية فيثاغورس ، لذلك عندما ُطرِحَت على الملأ قضية شكوى غندور و فشل الدولة في تسديد رواتب دبلوماسيها كان يقيننا أن الدولة نفسها قد وصلت أخيرا لقناعة بعدم جدوى معظم ممثليات السودان بالخارج و أنها أصبحت عبئا ثقيلا عليها .
وهذا يعني منطقيا أنها أعترفت بأن الكادر الدبلوماسي المناط به أن يكون له دور رئيسي و كبير في إخراج الدولة من دوامة العزلة الدولية و البؤس الأقتصادي الذي ترزخ فيه لعقود طويلة قد فشل فشلا ذريعا في مهمته و أصبح بمرتبه عبئا ثقيلا على كاهل خزينة الدولة .
من هنا كان من اللازم إغلاق عدد مقدر من السفارات و عودة دبلوماسيها وأسرهم و طباخي السفراء للخرطوم ، ومد كراعنا على قدر لحافنا الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ، و هذا ما قام به في الأخير رئيس الجمهورية مجبرا عن قناعة و أقتناع .
بالتوفيق لوزير الخارجية الجديد …
[email][email protected][/email]
أنت الدكتورة دي اداها ليك مولانا ولا شنو؟
قبل ما تتحدث عن إجادة اللغة الإنجليزية ورينا ده ياتو عربي!
– لا تستذيق
– مجيدا لي اللغة الأنجليزية
– بأستجارة غندور لرئيس الجمهورية
وبعدين أنت شايت وين ولا دي الحالة الختمية العامة
أنت الدكتورة دي اداها ليك مولانا ولا شنو؟
قبل ما تتحدث عن إجادة اللغة الإنجليزية ورينا ده ياتو عربي!
– لا تستذيق
– مجيدا لي اللغة الأنجليزية
– بأستجارة غندور لرئيس الجمهورية
وبعدين أنت شايت وين ولا دي الحالة الختمية العامة
عبدالله البخاري الجعلي زول ما عنده موضوع
مرة كتب عن جعفر عباس (ابو الجعافر)؟!!!!!
شئ يدعو للعجب !!!!
عبدالله البخاري الجعلي زول ما عنده موضوع
مرة كتب عن جعفر عباس (ابو الجعافر)؟!!!!!
شئ يدعو للعجب !!!!