ستذهب الإنقاذ … وماذا عن أخلاقنا التي ذهبت !!!

بعد تخرجي من الجامعة في نصف التسعينيات قمت بزيارة إلى أحد من أقربائي هو دكتور وأستاذ بجامعة خليجية مرموقة والكلية التي كان يعمل فيها أستاذا يديرها مجلس كلية مكون من عميد وأعضاء جميعهم من نفس الجنسية الخليجية باستثناء قريبي هذا وآخر من جنسية أوروبية فعند وصولي إليه وجدته إستقال من وظيفته بعد أن قضى فيها ستة أعوام وفي لحظاته الأخيرة وهو يستعد للرحيل إلى السودان سألته عن سبب هذه الإستقالة المفاجئة فلم يجبني إلا بعد الحاح شديد فقال لي: الكلية كانت في حاجة لوظيفة مساعد تدريس وتقدم للوظيفة العديد من الخريجين المؤهلين واجتمع مجلس الكلية لفحص طلباتهم لكن عميد الكلية قال : أبشركم ان مدير الجامعة قد أرسل مرشحا ليشغل الوظيفة، وأنا أقترح قبول مرشح مدير الجامعة سألته لماذا فأجابني خارج الإجتماع قالي: هذه خدمة له ونحن في حاجته إستغربت وكظمت غيظي وقلت أقترح أن نفحص طلبات المتقدمين للوظيفة وفي النهاية سنختار الأصلح كما تقضي لائحة الكلية , لأنني كنت على يقين أن هناك أحد الطلاب لقد أشرفت على مشروع تخرُجه وكان بدرجة إمتياز وكان أول دفعته منذ دخوله الكلية وانه على خلق وذكاء وتقدم إلى هذه الوظيفة وهو الأحق بها ، وتم فحص الطلبات بواسطة المجلس ووقع الإختيار على الطالب الذي أعرفه وفرح الطالب بعد ان أبلغوه بهذا الخبر ولكن للأسف جاء القرار الصادم في اليوم التالي بأن الوظيفة ستذهب لغير أهلها فكانت للطالب الذي رشحه المدير والسبب قد يكون طائفياً أو غير ذلك لكن في النهاية ما يهمني أنا أن هناك ظلما قد وقع على طالب فلم أتحمل الموقف مما اضطرني إلى تقديم إستقالتي في الحال ولم يستطع أحد إثنائي عن الإستقالة وبالفعل رجع الدكتور السودان وهو راضي عن نفسه كل الرضى مرفوع الرأس مرتاح الضمير وعمل في أحد الجامعات بالسودان وبنفس المبادي التي عاش عليها وسيموت عليها حتى تقاعد الآن عن التدريس . وهناك قصص ووقائع كثيرة كهذه الواقعة تستحق الوقوف والثناء والتدوين ولكن أخذت هذه الواقعة كنموذج لأنني عاصرتها بنفسي ولم أسمعها من أحد آخر
من هذه القصة أو الواقعة نسأل: ما الذي دفع هذا الدكتور السوداني المغترب إلى تحدى الإدارة وعميد الكلية ثم أردفها بالإستقالة ؟ إن ما دفعه لذلك لأنه تربى على العدل ولم يمارس الظلم على أحد ولم يمارسه عليه أحد في حياته وإن ما دفعه أيضا إلى اتخاذ موقفه حرصه على تطبيق العدالة وضحى بهذه الإمتيازات والراتب الممتاز من أجل المبادئ التي تربى عليها في حياته العملية ومن هذه القصة يمكننا أن نجد مقارنة بين سلوك قدامى السودانيين بمختلف مهنهم ووظائفهم وبين سلوكهم هذه الأيام داخل وخارج الوطن . كثير من السودانيين في السودان اليوم يعتبرون حقهم الطبيعي أن يقوموا بتوظيف من يريدون ليس بالكفاءة ولكن بالولاءات وترضية آخرين للتقرب منهم وهؤلاء يفعلون ذلك ولم يرف لهم جفن من هذا الظلم الواضح عندما يستحوذ أبناؤهم أو أبناء المقربين على وظيفة وكان غيرهم أحق بها منهم وهذا التمييز بين المواطنين على هذا الأساس يمارس في جميع مناحي الحياة وليست مقتصرة على التوظيف فقط ودون أي مؤاربة أو حياء وهذه الظاهرة التي ظهرت مع بداية هذا النظام قبل ثلاثة عقود في إعتقادي إنها فترة كافية لتدمير أخلاق جيل بأكمله وتلويث أخلاقهم وسلوكهم
كان السودانيين الأوائل بأخلاق عالية ويتمسكون بالعدالة ويدافعون عنها ويقدمون التضحيات لأجلها لأنهم لم يعرفوا الظلم ولم يمارسوه لذلك كانوا أصحاب أخلاق وسلوك سوي وإنتشرت الأخلاق الحميدة للسودانيين بين الأمم ونحن الآن نعيش على أمجادهم , اليوم نظلم الاخرين حتى نحصل على امتيازات لأبنائنا وأبناء أقربائنا وأصدقائنا ؟ السؤال الجوهري لماذا تغيرت الأخلاق ؟ الأخلاق يا سادة يا كرام كما قال أحد الأدباء لايمكن تفسيرها بعيدا عن الوضع السياسي الذي يحكمنا. فلها إرتباط وثيق جدا بالنظام ولا يمكن تحسين الأخلاق والسلوك بالمواعظ أو عن طريق منابر الجوامع أو بالندوات الدينية فإذا كان النظام ديمقراطي وعادل سيخرج أحسن الناس وإذا كان النظام فاسد ظالم ومستبد سيخرج أسوأ الناس
إن التمكين لأصحاب الولاءات وإستبدال الذي أدنى بالذي هو خير وتشريد الكفاءات والفصل التعسفي للصالح العام وكذلك التعذيب في المعتقلات الذي مارسه النظام في بداياته وتلفيق التهم كلها منجزات هذا النظام منذ إستيلائه على السلطة وحتى الآن. في ظل هذا الاستبداد وهذا الظلم نشأت أجيال من السودانيين لم يعاملهم أحد بانصاف ولم يشهدوا أي نوع من العدل، هؤلاء أدركوا مبكرا أن القانون لا يتم تطبيقه على الجميع ، وإنما هو انتقائي يتم استعماله ضد أفراد ويستثنى منه آخرون وهؤلاء الذين تربوا في الثلاث عقود الأخيره خلال هذا النظام يمثلون تقريبا أكثر من نصف المجتمع وجميعهم شباب عاشوا وترعرعوا في مجتمع لا يوجد فيه قانون يُحترم ولا توجد عدالة في توزيع الفرص ولا عدالة في توزيع الثروة سينشأون بتشوهات سلوكية ويتعلمون طرق أخرى لأخذ حقوقهم . وحتى الذين يمارسون هذا الظلم يعلمون علم اليقين إن أبنائهم لن يجدوا حقوقهم في أي مكان حتى لو كان مستوفي الشروط ويعلم أنه لا أساس للمنافسة الشريفة لذلك فلن يعطي كل ذي حق حقه وسيخالف القانون لأجل الحصول على وظيفة لأبنه أو إبن أخيه ويعلم أن لا أحد سيعاقبه لأن القانون غير مفعل لمثله
والذين يقمعون الناس حقوقهم ويزورون إرادتهم ويتسببون في نهب أموالهم وافقارهم وتجويعهم. معظم هؤلاء المسئولين يصلون ويصومون ويحجون وهذا انفصال تام ما بين المظهر والسلوك وهذه الازدواجية تنتشر في المجتمع كله لتدمر خلاياه الأخلاقية كالسرطان وتعلم الناس الكذب والخداع والنفاق والظلم منذ الطفولة .. وعندما تدمر منظومة العدالة في مجتمع تنتشر الفوضى والظلم وتصبح المناصب ليست بالكفاءة والترقي ليس بالإجتهاد ويعمّ السلوك المنحرف ويكون كشف الإمتحانات مساعدة كريمة والتجسس على الزملاء في الجامعة لصالح الأمن يعتبر عمل وطني وتكون السرقة شطارة ومخالفة القانون فهلوة … وينتشر الفساد بكل أنواعه ويحس الفقراء بالظلم والقهر وأنهم مسلوبو الحقوق الإنسانية لا تعليم جيد ولا رعاية صحية ولافرص عمل بينما العلاج الجيد والتعليم الجيد ومناصب الدولة محجوزة لأولاد الكبار دون غيرهم هنا تتبدل وتتغير الأخلاق ويتشوه السلوك
الظلم وعدم العدالة يستشري دائما في المجتمعات التي تغيب فيها الديمقراطية والشفافية أو في المجتمعات التي تحكمها أنظمة الإستبداد ومن يقول سينهض بالمجتمع بأخلاق فاضلة ويبني دولة تحترم مواطنيها وسيقضي على الفساد في غياب الديمقراطية فهو كاذب وواهم
ياسر عبد الكريم
[email][email protected][/email]
اجمل ما قرأت مؤخرا…… لك التحيه….هدا الشعب انتهي اخلاقيا وهذه حقيقه لا يتناطج عليها عنزان….اصبحت الانانيه ا اللامبالاة وحب النفس والطمع وترجيح المصلحه الشخصيه ع المصلحه العامة سمه ظاهرة ف اخلاقياتنا لن ولم يتقدم هذا الوطن حتي ولو زهبت حكومه الاخوان اصبحنا مثل النيجيريبن في كل شئ والمعروف ان الشعب النيجيري يتميز بالفساد الاخلاقي رغم الموارد الهائله التي تتمتع بها هذه الدوله الافريقية اعتقد اننا صورة مطابقة للنيجيريين
اجمل ما قرأت مؤخرا…… لك التحيه….هدا الشعب انتهي اخلاقيا وهذه حقيقه لا يتناطج عليها عنزان….اصبحت الانانيه ا اللامبالاة وحب النفس والطمع وترجيح المصلحه الشخصيه ع المصلحه العامة سمه ظاهرة ف اخلاقياتنا لن ولم يتقدم هذا الوطن حتي ولو زهبت حكومه الاخوان اصبحنا مثل النيجيريبن في كل شئ والمعروف ان الشعب النيجيري يتميز بالفساد الاخلاقي رغم الموارد الهائله التي تتمتع بها هذه الدوله الافريقية اعتقد اننا صورة مطابقة للنيجيريين