للمواطن الجنوبي روح، كما لكم روح أيها السادة المسؤولين!

لا ادري ان كان المسؤولين في بلادنا على علم بهذه الحقيقة الأزلية على وهي ان المواطن الجنوبي “انسان” مثلهم تماما، يأكل ويشرب ويتنفس ذات الهواء الذي يتنفسونه، وتحلو له الحياة كما تحلو لهم حياتهم، وبالتالي من حقه ان يعيش في وطنه ” كما المسؤول” معززاً مكرماً، ينام مطمئن البال على حياته وممتلكاته وأمن اسرته.
مدينة جوبا في الأونة الاخيرة تكاد ان تكون اسوأ عواصم العالم من حيث الانفلات الأمني، فلقد ازدادت جرائم القتل والاغتصاب والنهب والسطو الليلي المسلح لمنازل المواطنين بوتيرة مقلقة للغاية، وكالمعتاد المجرم مجهول الهوية والنسب وهذا شيء غريب في مدينة ينقصها التصنيف فقط لتحتل مركزاً اولاً في موسوعة جينيس للارقام القياسية كأكبر مدينة تسكنها “قوات نظامية” في العالم.
المحير حقا في أمر هذه القوات انها تستطيع بالحاسة السادسة رصد افراد الجماعات المتمردة وتحركاتهم على بعد اميال من تخوم جوبا حتى في احلك اوقات الظلام، وتسارع لحسم أمرهم في ثوانٍ معدودات قبل ولوجهم الي داخل العاصمة ، في حين تفشل كل حواسها مجتمعة فشلا ذريعا عندما يتعلق الامر برصد جيوش المجرمين الذين يجوبون المدينة ليلا شاهرين اسلحتهم الاوتوماتيكية على رؤوس الاشهاد، محدثين بذلك رعبا وقتلاً وسط المواطنين الذين يفترض لهم ان يناموا آمنين داخل منازلهم، اذ بلغت صرخاتهم عنان السماء، وشهد طوب الارض على كربتهم وقلة حيلتهم.
شأن أغلب جرائم جوبا، تاتي الشرطة دائماً متأخرة جداً اي بعد مرور وقت يكفى لهروب السلحفاء الي ابعد مكان يريد ناهيك عن مجرم قاتل للروح، لتبدأ اجراءات جنائية هزيلة وغريبة لم نألفها حتى عند شرطة الافلام الهندية، ففي مدينة جوبا وحدها تنتهي الأجراءات الجنائية بانتهاء مراسم دفن المرحوم.
هنالك اعتقاد سائد بين الناس مفاده انه لو كان المسؤولين يسكون داخل الاحياء الشعبية مع المواطنين لاختفت ظاهرة الاجرام الليلي من المدينة منذ فترة بعيدة، لان الواقع سيفرض عليهم اما ان يتعاملوا بحزم مع الامر! او فليكتووا مع الغلابة من ذات اللهيب، انا شخصياً ارجح الراي الاول، لان هؤلاء المسؤولين كما نعرفهم ليسوا على الاستعداد كي يتركوا أمنهم وامن اطفالهم رهين عبث المجرمين، فبعد البنايات الاسمنتية العالية جداً التى نراها نجدهم يطوقون منازلهم بجنود مدججين بكل انواع الاسلحة، يكفي طاقم حراسة المسؤول الواحد تأمين حياً سكنياً بأكمله، بالطبع لا أقصد بان يقوموا بتقسيم اطقم حراستهم على الاحياء حتي يستتب الأمن، كلا، كلما ما نرجوه منهم ان يعلموا ان المواطن الجنوبي تصنيفه البيلوجيي يقع ضمن البشر كما أنتم، وكفى .
في الختام نترحم على ارواح الاسرة الكريمة التي فقدت جل افرادها في حادثة قوديلي يوم الاحد الماضي بفعل المجرمين عديمي الضمير، يتغمدهم الله بواسع رحمته.
ألقاكم.
جوبا/ صحيفة الموقف