ما أجمل أن نصبح جميعنا فقراء

على حسب الواقع المؤلم الذى نعيشه وعلى حسب الظروف القاهرة التى نواجهها، سيتساواة عما قريب أصحاب العربات والسيارات والحمير والكروهات (الفقراء) بفضل وبركة إنعدام (الوقود)،هذا بشرط أصحاب الحمير والكروهات لو قبلوا ووافقوا بمبدأ مساواتهم بأصحاب العربات (المعطلة) الواقفة، فقفاز المبادرة اليوم فى يدهم دون منازع،ولهم رأي بالتأكيد فى ذلك ولا سيما أن حميرهم أنشط ما تكون هذه الأيام،وتؤدي واجبها وأكثر بشكل منقطع النظير وغير مسبوق،ومشرفة قدرهم،ورافعة إسمهم ورأسهم بين الأمم والشعوب،وشهد الجميع بقيام أصحاب الكروهات والعربجية دون تردد بأدوار وطنية عظيمة وكبيرة فى أيام الأزمة والى الآن عجزت الحكومة والمعارضة (فوق بعض) عن القيام بها كشفت أصل معدنهم،وقوة تحملهم ويفترض أن يكرموا تقديرا لنجاحهم فى زمن تكريم الفاشلين تقديرا لفشلهم،وكالعادة لم تغطي (أدوارهم) أي قناة أو صحيفة سودانية كما هو متوقع وفي النهاية من يفعل الخير لا يعدم جوازية ،فهم قاموا حينما (إنعدمت) وسائل النقل الأخرى بنقل البضائع والخضار من هنا وهناك وبحمل (فضل الظهر) على متن كروهاتهم وحميرهم،أما وهم فى طريقهم الى بيوتهم أو خارجين منها، وبذا يكونوا حملوا معهم بعض أبنائنا وخاصة العاطلين الذين لهم الأمر واحد وجود المواصلات وعدمها وهذه مساهمة كبيرة غير مرئية لدفع عجلة الإقتصاد (القاعدة).
وبعض الناس (الغنية) فى رمضان وغيره لو عرفتها هى (كونديشن) و(الكونديشن) هي، ومع الصيام حوجتها للكونديشن تصبح أكبر أهمية وأكثر ضرورية ومسالة (حياة) لهم يكونوا أو لا يكونوا،وبإنقطاع الكهرباء المستمر حيث سيتساواة هؤلاء الأغنياء بالفقراء،تعرضا للشمس الملتهبة والإحساس بالعطش والنوم و(الرقاد) فى ظل الأشجار وعلى ظل الجدران و (الحيط) والإنتقال مع الظل حيث ذهب،وسيفرز جسمهم لأول مرة فى تاريخهم سائل يسمى (عرق) وسيندهشون حد الوجوم أو الجنون من حالهم، وقد يتعرضون نتيجة لذلك لا قدر الله ﻷمراض عادية مع الفقراء ولكن هم لا قبل لهم بها،وفى نهاية المطاف قد يرفض الفقراء مساواتهم بهؤلاء، ففقراء السودان صبروا للحياة الحمدلله الى درجة تلقينهم للحياة (دروس) فى الصبر ستفيد بها الحياة الأجيال القادمة، وأصبحوا (يتأقلموا) مع ظروف الحياة مهما صعبت و(تصاعبت) و(تثائبت) لهم، فالحياة وصلت نهاية صعوبتها معهم وذروة قسوتها ولا صعوبة أو قساواة أخرى تدخرها الحياة لفقراء السودان إلا الموت وهم له وعليه-بينما الأغنياء الذين ذكرناهم فى المقابل وصلوا (مرة واحدة) نهاية الرفاهية وقمة الراحة، ومن الصعب لهم أن ينزلوا من قمة جبل الرفاهية إلى قاع (واطات) المعاناة والفقر الإجباري، مع أن المضطر دائما يركب الصعاب؛وهم مضطرين للركب الصعاب والنزول من القمة إلى القاع ليعرفوا كيف كان الفقراء سعيدين ومرتاحي البال الذين كانوا ينظرون لهم من نوافذ بيوتهم أو سياراتهم ردحا من الزمن ساخرين من حالهم ومن حالهم ساخرين وما أجمل أن نصبح جميعنا فقراء-فقراء أمر الواقع وفقراء أمر الفقر.
[email][email protected][/email]