لا شَيْ يرجع غير ماضي الأقوياء

إنها الذكري في يومها الرابع، بعد قتالٍ شرس إستمر لمدة ثلاثة ليالي متتالية بدون قسطٍ من الراحة و لا شيئاً يُلينَ الرمق، و لا تفكيراً يجوب خاطر الأبطال سوى الهدف السامي و هو الإنتصار فقط لا غيره، نعم إنهم إسود التحرير التي لا تعرف المستحيل، هذا الذي تعلمناه منهم و دائماً يقومون بتكراره حتي يترسخ في ذهن الجميع، تعلمنا منهم أن الظُلم ظُلُمَات و لكن ليلته قصيرة، تعلمنا علي يدهم قوة التحمل و الصبر في أوقات الشِدةَ و عدم الخِضوع و الإستسلام لأنه ديدن الجُبناء، تعلمنا منهم حب الوطن و ترابه و شعبه الذي نُقاتل من أجل الا يُنتهك عِرضه و شَرفه و الا تُنهب ممتلكاته و صون كرامته من الإهانة، لذلك قاتلوا بشجاعةً و قوةٍ خارِقة من أجل إيقاف الإبادة و القصف الجوى الذي يستهدف الأبرياء في قُراهم و من أجل كِتابة تاريخاً و عهداً جديداً لوطنٍ عاني شعبه كثيراً من ويلات الحرب و الشتات و القتل و الغربة الموحشة في دأخل وطنه، أسباب النضال في هذا الوطن الذي يحكمه نُخبة من اللِصوص و عديمي الشرف و الأخلاق و الإنسانية كثيرة جداً و لا حدود لها و ظاهرة كعين الشمس في كبد السماء، فالنضال و القتال من أجل الدفاع عن النفس و العرض كان واجباً حقاً من كل النواحي إنسانية كانت او أخلاقية أو غيرها من الجوانب الأخري، و أبطال التحرير البواسل الجميع يعرفهم عدواً كان أو صديقاً أو حليفاً بأنهم لا يهدأ لهم بالً و هناك ظُلْم تعيشه اي فئة كانت من فئات المجتمع، و لا يصمتون إذا وقع خطأ أمام أعينهم و إذا سمعوا صرخة مظلومٍ أغاثوه، هكذا عهدهم و صدقوا و أفوا العهد.
إسفدنا كثيراً من تجاربهم مع الحياة و جور الزمن، و من علمهم الحكِيم، دائماً ما يقولون نحن ضحينا برفاهيتنا و حياتنا الخاصة في سبيل العام لان الأغلبية بِحاجة الي تعاوننا و تكاتفنا و الوقوف بجانبهم صفاً بقلب رجلٍ وأحد، و هذا ما جعل الرجولة تتجسد في شخصياتهم كلمةً و معنى.
سوف تجمعنا الخطى في يَوْمً من الأعوام عندما یكبر أحفاد الذي عمرَ دھراً یقلع الصخر و أنیاب الظلام من ثِقوب السجن لأقینا عیون البرتقال و عناق البحر و الاُفق الرحیب فإذا إشتد ظلام الحزن في إحدى اللیالي نتعزى بجمال اللیل في ذكرى رِفقتنا و انضغط الكف على الكف و نمشي كما كنّا إذا جُعنا تقاسمنا الرغیف في لیالي البرد نحمي بَعضُنَا، و على الشمس تطوف أجمل الأشیاء أن نشرب شایاً في المساء و عن الأطفال و الغلابة نحكي و قد لا نلتقي و من الأفراح نبكي لا نحب الفراق ما دامت على الأرض قصائد و عیون رفاقٍ أشاوس لا تنام.

المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار، و عاجل الشفاء لجرحانا البواسل، و الحريّة لآسرانا الأبطال الشامخين الصامدين في زنازين الجبروت، و الحرية للوطن المنكوب.

محمد حسن هارون

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..