هل كان محجوب شريف شاعراً ؟

قبل مايقارب عام كنت قد وعدت الاخ العزيز ابراهيم سماوي زميلنا في مكتب صحيفة بورتسودان مدينتي ان كتب مقال في ذكرى انقلاب مايو 25/5/1969م احلل فيه قصيدة واغنية في (حكايتنا مايو) للشاعر محجوب شريف والعملاق محمد وري من زاوية اعلامية .
حلت الذكرى وانا في انشغالاتي ومعاشاتي واسفت انني لم اكتب المقال في وقته .
استخدم محجوب شريف في هذه الاغنية المؤيدة لا نقلاب مجموعة 25/ مايو ابرع اساليب الدعاية السياسية والاعلامية ، الاسلوب الذي استخدمه شريف من مقررات طلاب الاعلام في باب الرأي العام والدعاية السياسية ، مايعرف بدعاية من الباب للباب .
في حكاياتنا مايو
في شعاراتنا مايو
رسم شاراتنا مايو ..
هذا الاسلوب الدعائي مارسته النازية عبر الصليب المعقوف الذي يظهر في كل تفاصيل حياة المانيا ايام الفوهرر هتلر تجد الشعار في يد هتلر على ساعده وسوعد جنده ومعلق على المفاتيح في السيارات واماكن الخدمات العامة .
وايضاً من صور هذا الاسلوب صور الرؤوساء معلقة في جدران المؤسسات الحكومية ودواوين الدولة كما شاهدنا في المسلسلات المصرية ( صورة حسني مبارك) وكما شاهد عشاق الافلام الهندية صورغاندي .
الرسالة هي ان هذا الشعار او الرمز او صورة الزعيم حقيقة واضحة وخالدة عبر الايام وهو رمز يحبه الشعب ويجب ان يبقى ويجب ان يؤيد ويتبع ويخلق الاعداء من اجله وهو حامي الشعب من الاعداء وهو رمز الخير والنماء
أنت يا مايو الخلاص
يا جدارا من رصاص
يا حبالا للقصاص
من عدو الشعب في كل مكان
من عدو الشعب في كل زمان
مايو ..
اينما وليت وجهك ريت هذا الشعار او صورة الزعيم ، تفهم عامة الناس انه الاول والآخر وهو الذي يجب ان يقرر وحده في مصيرهم وهو الذي يعرف خيرهم من شرهم
يا شموسا في دروب الليل أشعلت النهارا
نحن شلناك وساما و كتبناك شعارا
نحن صرنا بك يا مايو كبارا
و اتخذناك حبيبا و صديقا و ديارا
مايو ..
حيلة جوبلز الدعائية
مع اقتراب الانتخابات التشريعية الألمانية، ابتكر جوزيف جوبلز -إحدى الأساطير في مجال الحرب النفسية- حيلة دعائية جديدة لتصوير هتلر كأنه المنقذ الوحيد لألمانياـ عبر طائرة تجارية كبيرة يجول من خلالها هتلر على 100 قرية ألمانية[؟] لمعرفة شعبيته، وهو ما ورد في كتاب “كفاحي” الذي يروي قصة حياة زعيم النازية.
ابتدع جوبلز جملة شهيرة هي “القائد فوق ألمانيا”، ليصور للشعب الألماني أن هتلر هو الوحيد القادر على تخليص الشعب الألماني من معاناته الاقتصادية، وهي العبارة التي ذكرتها مؤلفات قصة حياة زعيمي النازية هتلر وجوبلز.
في الوقت ذاته التقطت صور لهتلر داخل الطائرة وهو يرى ألمانيا من السماء، لتعرض هذه الأفلام فيما بعد في جميع أنحاء ألمانيا. (ويكبيديا).
تخاطب الدعاية السياسية عقول عامة الناس وتستخدم وتوظف بدقة النظريات النفسية والاعلامية بطرق مباشرة “زيارة الزعيم الملهم للمرضى في المستشفيات وتناوله الطعام مع الفقراء ” وظهوره بلباس عادي وخرقه المقصود للمراسم والبرتكول اوغير مباشرة عبر الايحاءات من خلال القصائد والاغاني والاهازيج يصل معها المجتمع المعني الى تبني المقصود والتمسك برمز الخلاص والحلم المرتجى
لم تكن حلما و لكن كنت للشعب انتظارا
و تماما أصبح الصبح على الشعب تماما
و تماما نحن لا نرضى انكسارا
مايو ..
وشهدت فترة نظام مايو مجموعة من الاغاني الممجدة (للزعيم الملهم ) الرئيس جعفر نمير ” *(يا حارسنا وفارسنا يا بيتنا ومدارسنا.. كنا زمن نفتش ليك.. وجيتنا الليلة كايسنا).. من كلمات الشاعر الشعب الراحل ?محجوب شريف? غناها فنان أفريقيا الراحل ?محمد وردي? وشاركه الأداء الفنان ?محمد ميرغني?.
وهى من الأعمال، التى وجدت رواجاً كبيرا فى اول عهد مايو ،وفيها يغنى ?وردي?: (بيك يا مايو يا سيف الفداء المسلول.. نشق أعدانا عرض وطول.. عشان نبني اشتراكية ونرفع راية هم خلوها فوق السارية متكية).
?عثمان حسين? غنى (حشاك ما ولدة بزار) من كلمات ?محمد الطيب عربي?.
(البلابل) قدمن لـ?النميري? من كلمات الجنرال ?جعفر فضل المولى? وألحان الأستاذ ?بشير عباس? (أب عاج أخوي يا دراج المحن)، وبعض كلماتها تقول (الجنيات بشروا.. والبنات ليك زغردن.. بايعوك رأس للبلد.. وقودوك الرسن.. تسلم يا أب عاج أخوي يا دراج المحن).
والفنان الراحل ?سيد خليفة? غنى لنميري (أيدناك وبايعناك يا نميري أيدناك بالروح والدم)، وهي من كلمات الأستاذ ?محمود عبد الله قلندر? الذي تقلد منصب محافظ الخرطوم في عهد مايو.. وأيضاً غنى (حبيب الشعب يا نميري) للشاعر ?محمد عبد الله عربي?.
المطرب الجماهيري الراحل ?إبراهيم عوض? قدم من كلمات ?محمد عبد الله عربي? وألحان ?عبد اللطيف خضر? أغنية (شعب وجيش) ويقول مطلعها:
لما مرقنا في 22 يوليوللشارع شعب وجيش بي تصميم نذود عن مايو وندافع..
ويا ريس براك شفتا
أعظم وأروع استفتا
ونحن معاك رخا وشدة” .
وغيرها الكثير المثير لعواطف الجماهير
“توصل ستالين إلى قناعة مفادها أن الفن شأنه في ذلك شأن الأعمال التربوية والسياسية يلعب دوراً هاماً في حياة المجتمع ولهذا كان يستمع إلى آراء المثقفين ومقترحاتهم من أجل تحديد الطرق والوسائل التي تحرك ممثلي الثقافة.
وعندما فهم الآلية التي تتشكل بها الحياة الروحية والوحدة المعنوية اللازمة، قرر التأثير عليها وتوجيهها إلى الطريق الذي يؤمن تنشئة الإنسان السوفيتي على أسس أخلاقية ومعنوية رفيعة». وبدأ ستالين تنفيذ هذه المهمة من خلال السينما والأدب والفن”.
من كتاب ( القائد الاعلى ) للكاتب فلاديمير كاربوف .
هذه العاطفة الهائجة تنظمها وترعاها مراكز الدعاية الى مرحلة تستعد الجماهير ان تموت فداءاً للزعيم او النظام السياسي
أنت يا مايو بطاقتنا التي ضاعت سنينا
أنت يا مايو ستبقى بين أيدينا و فينا
و سنحميك جهارا
و سنفديك اقتدارا
لم تكن حلما و لكن كنت للشعب انتظارا
مايو ..
شغل وسائل الاعلام ومراكز الدعاية التابعة للسلطة وضخها المستمر وعملها في اتجاهات مختلفة وتوظيفها للفنون والمسرح والسينما ورموز الفن والغناء اسلوب مقصود منه ارهاب المناوين للنظام السياسي حتى يبتعد المعارضين وغير الراضين والمشاكسين عن الساحة السياسة وهو مايعرف اعلاميا (نظرية لولوب الصمت او دوامت الصمت ) نتيجتها صمت واختفاء وانشغال المعارضين عن السلطة واحتياجاتها
هذا غير اطلاق الابواق عبارات من نوع الوطن الوطنية اعداء الوطن الخونة
وعرف هذا الاتجاه سياسياً بالمكارثية نسبة الى جوزيف ريموند مكارثي في الولايات المتحدة (نائب جمهوري في الكونغرس الأمريكي من ولاية ويسكنسن في الفترة ما بين عام 1947 إلى عام 1957) الذي كان يهاجم ويتهم من إعتبرهم حلفاء الشيوعية والمتجسسين لصالح الاتحاد السوفيتي في الحكومة الفدرالية الامريكية ايام الحرب الباردة بغرض ازحتهم عن الحياة السياسية وصمتهم .
وغالباً كانت تستخدم الاذاعة لأنها الاكثر انتشاراً في الارياف والحقول والمزارع وبين بسطاء الناس وسوادهم .
لمايو ذكرى حية في نفوس الجيل الذي عاشها حلوة ام مرة وانتشرت حكاويها واساطيرها وشخوصها الغامض منهم والظاهر الطريف . لم تستخدم مايو على حد علمي اشارات سياسية وعلامات معينة بل كان التركيز على شخصية الرئيس القائد.
وفي بيتنا المتواضع قصة لوالدي العزيز السيد عثمان حسن مع مايو فهو عين في يوم انقلاب نمير واستلامه السلطة عاملا في المجلس البلدي ببورتسودان وقد كان قبلها بائع صحف متجول يبيع الصحف المصرية والبيروتية والسودانية واطلق عليه زملاءه في العمل عثمان انقلاب !
واني لا انسى يوم 2 / ابريل 2014م دخلت لمكاتب صحيفة بورتسودان مدينتي وفي الباحة وجدت المعلم الاستاذ العزيز امين سنادة المسرحي الشيوعي يبكي سألته (ايه يا أمين دي واحدة من مسرحياتك وال ايه) ؟
قال وهو يغالب دمعه دا محجوب شريف مات ياحسن !!
هل كان محجوب شريف شاعراً فقط ام كان مع شاعريته آلة دعاية جبارة ؟ جعلت الجماهير تغني لمايو شعوراً ولا شعوراً (في حكايتنا مايو) !!
بورتسودان 26/مايو 2018م
[email][email protected][/email]
المجهر السياسي
المقال لا يبرز و لا يجاوب على السؤال المطروح في العنوان … مجرد سرد و استشهاد ببعض من غنى لنميري او مايو و ليس اكثر
المقال لا يبرز و لا يجاوب على السؤال المطروح في العنوان … مجرد سرد و استشهاد ببعض من غنى لنميري او مايو و ليس اكثر
محجوب شريف شاعر وهو شاعر ملتزم كان يغني لما آمن به من المبادئ التي تصبو للعيش الكريم والحرية والعدالة وهي القيم التي كان الشعب قد إفتقدها في الحكومات التي سبقت مايو… ومحجوب شريف لم يكن بدعاً في ذلك فأغلب الشعب أحب مايو في بداياتها ورددوا إغاني المبدعين عندما كانت يغنون للمعاني الكبيرة والقيم… وعندما حادت مايو عن الطريق الذي جمع حولها الشعب إنصرف وردي ومحمود شريف وغيرهم وبقي من كانوا يغنون للأشخاص ويصنعون الفرعون من هم على شاكلة من هتفوا “أب عاج أخوي” أو رفعوا عقيرتهم “يا نميري أيدناك، للجمهورية بايعناك”… عندما كانت مايو تحمل رايات المبادئ ألف لها الشعراء الملتزمون وهم يؤلفون للسودان وغنى لها أكثر المطربين إبداعاًوهم يغنون للوطن… وعندما تم شخصنة الأشياء في شخص الفرعون صار الشعراء برتبة جنرالات مثل عوض أحمد خليفة وتلك مرحلة الدعاية النازية التي لم تؤت أكلها.
محجوب شريف شاعر وهو شاعر ملتزم كان يغني لما آمن به من المبادئ التي تصبو للعيش الكريم والحرية والعدالة وهي القيم التي كان الشعب قد إفتقدها في الحكومات التي سبقت مايو… ومحجوب شريف لم يكن بدعاً في ذلك فأغلب الشعب أحب مايو في بداياتها ورددوا إغاني المبدعين عندما كانت يغنون للمعاني الكبيرة والقيم… وعندما حادت مايو عن الطريق الذي جمع حولها الشعب إنصرف وردي ومحمود شريف وغيرهم وبقي من كانوا يغنون للأشخاص ويصنعون الفرعون من هم على شاكلة من هتفوا “أب عاج أخوي” أو رفعوا عقيرتهم “يا نميري أيدناك، للجمهورية بايعناك”… عندما كانت مايو تحمل رايات المبادئ ألف لها الشعراء الملتزمون وهم يؤلفون للسودان وغنى لها أكثر المطربين إبداعاًوهم يغنون للوطن… وعندما تم شخصنة الأشياء في شخص الفرعون صار الشعراء برتبة جنرالات مثل عوض أحمد خليفة وتلك مرحلة الدعاية النازية التي لم تؤت أكلها.
مع الفارق..ان هتلر اتي للبرلمان بعد ان اكتسح الانتخابات..وهناك اجماع شعبي عليه ولم يفرض نفسه في بداية الامر بقوة السلاح…. ثم استغل هذا الاجماع لدكتاتوريته المدنيه……!