الأمن النفسي الوطني…؟!!

سفينة بَوْح

الكثيرمن قادة حزب المؤتمر الوطني أصبحوا بعد أن حاصرتهم أوجه الفشل وإشارات الدمار والخراب الذي أحاط بالوطن والمواطن ، وجدوا ضالتهم في الدفاع عن نظامهم السياسي المبغوض في محاولة إيهام من حولهم من السامعين بأن السودان يرفل في نعمة الأمن والأمان ، التي وكما يقولون قد فقدها أهل سوريا واليمن وليبيا ، وقد كان آخرهم القيادي بالمؤتمر الوطني الحاج آدم عندما إستضافته قناة الخرطوم الفضائية قبل أسابيع ، حيث أسهب في هذا الأمر بجدية وحماس أيَّدت ما خطر ببالي حينها بخصوص إتساع حجم الهوة بين المسئول السوداني وعامة الناس ، فعلى ما يبدو أن السادة منسوبي النظام الحاكم خصوصاً أصحاب المراكز والمناصب والجاه قد أصابهم نوعٌ من الرُهاب النفسي المبني على كمٍ هائل من الأكاذيب والأباطيل المتكرَّرة والمتداولة بالقدر الذي جعلهم وهم صانعيها يصدقونها ويصرَّحون بها وكأنها حقيقة ، أما الوجه الآخر لهذا الرُهاب النفسي الذي يُعبِّر عن حالة إنفصاهم عن واقع حياة المواطن وما يعانيه من ويلات ، فيتمثَّل في جهلهم بما آل إليه حال المقدرة الإستيعابية لهذا الشعب العظيم ، وعدم تقديرهم الصائب والصحيح لسعة أفقه الحاليه ومقدرته على تحليل الواقع والفهم السريع والمتفوِّق لحال الوضع السياسي والإقتصادي و(الفسادي) الذي ترزح تحته البلاد ، يخدعون أنفسهم بظنهم أن عامة الناس من البسطاء والمقهورين لا يعلمون شيئاً عن (محدودية) الأمن في هذا الوطن ، وأنهم لا يعرفون أن بعض بني هذا الوطن من شرفاء دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وبعض المناطق الأخرى كحلايب وأبيي والفشقة ، يتجرعون كأس الإغتراب والخوف والهلع اليومي داخل حدود هذا الوطن ، هذا إذا تغاضينا عن ما تشير إليه التطورات الحالية لأمر تراسيم حدودنا مع الدول الأخرى ، يظنون أن حالة العوز والفقر الذي يعانيه المواطن السوداني قد طالت عقله ومقدرته على التحليل والإنتماء للرؤى الصحيحة والحقيقية لواقعه المرير ، أما الأمن فعلى الذين يمِنَّون به على الشعب السودان وإن إنحصر بمفهومه الضيِّق في العاصمة والمدن الكبرى ، فليعلموا أن مفهومه أعمق من مجرد ضمانات عدم المساس بالحياة والجسد والمال ، لأنه يشمل أيضاً إمكانية العيش بحرية وكرامة ، وهو أيضاً يتمثَّل في المساواة المطلقة في الحقوق والواجبات والإقتسام العادل لخيرات هذا الوطن ، والأمن والأمان رؤية واضحة لمثول العدالة وسيادة القانون على كل فئات الشعب مهما كان قدرها الإجتماعي والسياسي والإقتصادي و(الإنتمائي) ، والأمن أيضاً يتمثَّل في إتساع دائرة الإعتراف بالآخر مهما كان عرقه ولونه السياسي ، هو شعور دائم بالسكينة والرضا وهو إنفراج لحال المعيشة العامة والمقدرة على مواجهة متطلبات الحياة الضرورية ، الأمن هو حالة الإطمئنان إلى الغد ولو لم نملك قوت الغد ، ليس الأمن والأمان مجرد الحصول على صكٍ يقضي بعدم قتلك أو التعدي عليك أو على مالك أو حرماتك ، إنه منظومة متكاملة من الأسباب يسميها علماء السياسة (الرفاهية) ، بالله عليكم لا تعتدوا على نفائس النعم التي حبانا بها رب العالمين بمجرد بقاءنا معكم (متمتعين) بعدم الأذى الحِسي ، هل نظرتم إلى إنعدام الأمان الذي إعترى الناس على المستوى (النفسي) ؟ .

صحيفة الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..