نقلات نوعية في الحركة الشعبية الشمالية ؟ دولتا السودان ومنطق الحرب ؟ الكرة في ملعب اوباما ؟

ثروت قاسم

مقدمة :

اليوم السبت الثاني من مارس 2013 ، يمكن أختزال الوضع السياسي العام في عدة نقاط ، كما يلي :

اولا :

1 – الوضع المحتقن بين دولتي السودان ؟

+ أتفقت مجموعة الازمات الدولية مع المبعوث الامريكي الرئاسي المستقيل برنستون ليمان والسابق اندرو نستاسيوس علي ان الوضع بين دولتي السودان قد تدحرج من منطقة الأستقطاب ووقع في منطقة الأحتقان ، ووصل حاليا الي مرحلة الغليان ، وأي مستصغر شرر يمكن أن يحدث الأنفجار الكبير ، الذي سوف تتجاوز تكاليفه المادية حاجز ال 100 مليار دولار بالأضافة الي الاف الموتي والجرحي والمشردين .
+ دخلت دولتا السودان ( منطق الحرب ) !

الحرب من أمامكم ، والحرب من خلفكم !

قال :

( أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام) !

+ السبب الأساسي وراء هذا الأحتقان رفض نظام البشير تفعيل بروتوكولات أديس ابابا الثمانية ألا كحزمة واحدة ، وفقط بعد أن تفك الحركة الشعبية الجنوبية أرتباطها ببنتها الشمالية .

+ أقترحت أدارة اوباما كخطوة أولية لبناء الثقة وأزالة سؤ الظن المرضي بين الدولتين البدء بتفعيل برتوكول البترول ، وترك برتوكول الترتيبات الأمنية الي وقت لاحق ، بعد أسترداد الثقة بين الدولتين . رفض نظام البشير أقتراح أدارة اوباما مدعيا أن دولة الجنوب سوف تستعمل الواردات النفطية لدعم الحركة الشعبية الشمالية .

+ وصلت مفاوضات أديس ابابا الي طريق مسدود ، وصارت دولتا السودان تنظران الي بعض كما كلاب الزينة … في أنتظار قودو ؟
أدارة اوباما هي قودو ؟

الكرة في ملعب ادارة اوباما . يجب علي ادارة اوباما الضغط علي نظام البشير لكي يتجاوز شرطه التعجيزي الذي يرغم الحركة الشعبية الجنوبية نزع سلاح وتسريح قوات أبنتها الشمالية ، وتسكينهم في معسكرات لجؤ تُقام خصيصا لهم في دولة الجنوب .
بعدها وبعدها فقط ، يمكن لنظام البشير النظر في أمكانية معاودة التفاوض ، أو كما يدعون .

لا مبالاة أدارة أوباما سوف تعقد المشكلة بين دولتي السودان أكثر ، وتترك الحبل علي الغارب لنظام البشير ، فيفنجط ما شاء الله له الفنجيط ؟

مبدأ اوباما الجديد ( القيادة من الخلف ) ، وعدم حشر الايادي في الفتت ( جمع فتة ) الحارة ، سوف تورد دولتي السودان موارد التهلكة . لا تزال ادارة اوباما تعمل وفق مبدأ القس ( أستقرار في الشمال …أستقرار في الجنوب والعكس صحيح ) ، وتراهن علي الرئيس البشير لضمان الأستقرار في الشمال .

كما يقول القس بتجزئة المشاكل وتفتيتها الي مكوناتها الأولية ، بدلا من حلها في حزمة واحدة . ومن ثم أقتراح أدارة اوباما بفصل برتوكول البترول عن بقية البرتوكولات والبدء في تفعيله لردم فجوة عدم الثقة بين الدولتين .

ثم ماهو الجديد في الموقف ؟

لا جديد في المحتوي والجوهر بل هو نفس الشربوت في كنتوش جديد .

كتبت الدكتورة سمانتا باور ( مستشارة اوباما في مجلس الأمن القومي الأمريكي والمعنية بالمسالة السودانية ) في مدونتها ، بأن أدارة أوباما تفضل عدم التدخل بين دولتي السودان في الوقت الحاضر ، ولا تنوي الضغط علي الرئيس البشير ( أمر القبض السحري ؟ ) لفك العقدة الجوردية بين دولتي السودان . ربما مدت ادارة اوباما دولة الجنوب بأسلحة دفاعية متطورة ( صاروخ ستينغر المحمول علي الكتف ) لصد هجوم أنتونوفات الرئيس البشير ؛ وربما لاحقا أقامة قاعدة عسكرية للطائرات بدون طيار ( الدرون ) لملاحقة وأجتثاث جيش الرب اليوغندي ، ومراقبة الشريط الحدودي بين دولتي السودان ( 40 الف كيلومتر مربع ) .

هذا هو الكنتوش الجديد وبه الشربوت القديم ؟

2 – تماثيل سلفاكير ؟

+ يذكرنا الكاتب الكويتي الرميحي بأن السيد الإمام في احدى كتبه ، ذكر أن الرئيس سلفاكير قال له :

( لولا الحياء لكنا قد أقمنا مجموعة من التماثيل في عاصمتنا جوبا لجماعة الإنقاذ التي حكمت السودان، لأنها السبب الرئيسي في انتهاء الأزمة السودانية الطويلة باستقلال الجنوب) !

سوف يسجل التاريخ لنظام البشير ثلاثة (أمات كبائر) ، ضمن كبائر ألفية أخرى ؛ ارتكبت لأول مرة في تاريخ السودان والغرض الحصري من ارتكابها هو ضمان الاستمرار في السلطة وهي :

* تقسيم بلاد السودان ،

* الإبادات الجماعية الموثقة دوليا ،

* رأس دولة يتدلى من على عنقه أمر قبض دولي .

وتكر المسبحة !

3- الحركة الشعبية الشمالية ؟

أستحدثت الحركة الشعبية الشمالية خمسة نقلات نوعية أيجابية في أليات عملها كما يلي :

اولا :

+ نجحت الحركة في أستقطاب بعض القبائل العربية لأول مرة منذ بدء الحرب الأهلية جنوب كردفان في يونيو 2011 . فقد أنضمت مجموعات مقدرة من قبيلتي المسيرية والحوازمة الي القتال في صفوف الحركة وضد نظام البشير . هذه النقلة النوعية دمرت أدعاءات نظام البشير بعنصرية الحركة وحصرها في القبائل الأفريقية المهمشة . أثبتت الحركة أنها مفتوحة لكل مواطني السودان ، بغض النظر عن العرق ، أو الدين ، او المناطقية ، أو الثقافة .

ثانيا :

+ لأول مرة منذ سبتمبر 2011 ، بدأت الحركة عمليات عسكرية فاعلة في ولاية النيل الأزرق بعد أن أرغمتها فيالق القدس الأيرانية الداعمة لمليشيات البشير التقهقر تكتيكيا داخل اراضي دولة جنوب السودان .

اليوم قوات الحركة تطوق مدينة الكرمك ، وربما دخلتها منتصرة في أي لحظة . سوف تمتد حرب الاستنزاف من جنوب كردفان الي النيل الأزرق شرقا والي دارفور غربا ، وسوف يعرف الأنقاذيون أي منقلب ينقلبون ؟

ثالثا :

+ وافقت الحركة علي المفاوضات مع نظام البشير لسببين :

? السبب الاول أحترامها لتفعيل بنود قرار مجلس الامن 2046 الذي يلزمها بالتفاوض ؛

? السبب الثاني رغبتها في فتح المسارات الأنسانية لتدفق الأغاثات لأكثر من مليون نازح في المناطق المحررة ، وأحتراما للأتفاقية الثلاثية التي ابرمتها مع الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي في أغسطس 2012 ، والتي لم يفعل نظام البشير الجانب الذي يليه منها بعد ، رغم هلاك الاف النازحين ؛

? أكدت الحركة أنها من ناحية المبدأ ضد المفاوضات الثنائية والجزئية ، وانها ملتزمة بميثاق الفجر الجديد لتحقيق السلام الشامل والتحول الديمقراطي الكامل في عموم السودان وليس فقط في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان .

رابعا :

+ الهدف الأستراتيجي للحركة يبقي توحيد المعارضة السياسية والمسلحة في تحالف الفجر الجديد .

أبدت الحركة أستعدادها لعبور النهر لملاقاة تحالف قوي الاجماع الوطني في جبهة عريضة موحدة ضد نظام البشير وتحت راية الميثاق المعدل للفجر الجديد .

تدفع الحركة بان ( وحدة ) المعارضة السياسية والمسلحة تحت راية ميثاق الفجر الجديد وراء ( جقلبة ) نظام البشير ، وحبسه التعسفي للمناضلة أنتصار العقلي والمناضلين محمد زين العابدين ، عبد الله عبد الرحيم ، عبد العزيز خالد ، هشام المفتي ، و يوسف الكودة .

يبقي السؤال :ماهو الجديد في هذا الأمر ؟

تسعي الحركة لأقناع أدارة أوباما بالضغط علي نظام البشير السماح بمرور الأغاثات الدولية للنازحين ( أكثر من مليون نازح ) في مناطق نفوذ الحركة ، والوصول الي تسوية سياسية شاملة مع الحركة ، قبل الطلب الي الحركة نزع سلاح قواتها وتسريحهم .

خامسا :

صار المجتمع الدولي علي يقين ( تقرير مجموعة النزاعات الدولية وتصريحات المبعوث الامريكي ليمان ) أن جيش الحركة في قوة مليشيات نظام البشير ومرتزقته ، وعلي روح معنوية أعلي ؛ وانه لا يمكن لنظام البشير هزيمة الحركة عسكريا ، ولا بد من الحل السياسي وأن طال القتال ؛ فخيره عاجله .

صارت الحركة رقما مهما لا يمكن تجاهله في الساحة الدولية والاقليمية والوطنية .

4 – لاءات الخرطوم الثلاثة ؟

+ تعاني بلاد السودان من درجة عالية من الإحتقان ، وكأنها برميل بارود في انتظار قداحة تفجره . تفور بلاد السودان بالجماعات المهمشة والمسلحة التي تحمل غبائن ومرارات ومظالم حقيقية ، مما اوجد 6 جبهات قتال في الأطراف تعتدي فيها مليشيات النظام المسلحة ضد المواطنين العزل وحاملي الأسلحة المهمشين . من الخطأ في هذه الظروف الملتهبة محاولة القفز في الظلام أو حرق المراحل كما حدث في دول ثورات الربيع العربي ، والفوضى غير الخلاقة التي شلت تلك الدول ، خصوصا وبلاد السودان مخازن كبيرة للسلاح عند جميع الأطراف المتحاربة .

لذلك يجب أن يتفق السودانيون جميعهم ومسبقا ، حول مائدة مستديرة ، على الوسائل والآليات لإستيلاد النظام الجديد ، ومعالمه !
من المنطقي أن حل الازمة يبدأ بتشخيصها تشخيصا متفقا عليه من الجميع ، بما في ذلك المؤتمر الوطني الحاكم . وكما في حالة المريض ، يتم الإتفاق بعدها على الوصفة العلاجية التي تعالج المرض . لنجاح التشخيص والوصفة العلاجية ، يجب على الجميع نبذ العصبية المميتة التي ترى أسوأ ماعندك أفضل مما عند الآخرين .

يجب أن يكون الحوار مفتوحا وبدون أي شروط مسبقة ، ما عدا لاءات الخرطوم الثلاثة موديل 2013 ( وليس 1967 ) :

? لا للعنف،

? لا لإقصاء الآخرين ،

? لا للإرتهان للخارج.

نواصل …

[email][email protected][/email]