سقوط الفنان عمر احساس..

قال لي استاذي عثمان احمد عثمان الذي سبق وان درسني في مدرسة الملكية الابتدائية.. قال لي في منتصف التسعينات من القرن الماضي ألمت بالبلاد ضائقة وقود كتلك التي تحدث هذه الايام .. حيث صفوف السيارات في محطات البترول (علي قفا من يشيل).. كانت ايام عصيبة بحث (ابن عمي) على جالون بنزين ولم يجده.. في غمرة حيرته تلك منحه الفنان عمر احساس جالون بنزين هبة لوجه الله ولم ياخذ مقابل مالي لتلك الفعلة النبيلة.. الغريب في الامر لم تكن بينهما سابق صداقة او معرفة.. ما قام به المطرب الشهير يندرج تحت بند الاحساس الانساني الجميل تجاه معاناة الجماهير والرغبة في المساعدة ولو على حساب نفسه..
بعدما ابتسم استاذي عثمانوف-هكذا اللقبه- ذكر لي ان (ابن عمي) بعدما اخذ جالون البنزين اصبح شديد التعصب والانحياز لكل اغاني عمر احساس وصار احد اميز مريديه ..
ايها السادة :
كلنا نجمع ان الفيديو كليب السوداني هو في حقيقة الامر مخلوق (برمائي).. ويصنف في نفس خانة التماسيح والسلحفاءات والضفادع والقرنتيات وهذه حقيقة لا يتجادل فيها حتى البيزنطينيون انفسهم..
الملاحظة الجديرة بالرصد والتدقيق ان جل الكليبات عندنا تصور على ساحل البحر (النيل) والسبب يعود للنظرة القصيرة والمحدودة للمخرج السوداني التي تجعله يحصر كل ابتكارات وابداعته الفنية في رقعة ضيقة ومحدودة ومخنوقة.. في حين لو ألقينا نظرة فاحصة لما يعرض في القنوات الغنائية حولنا نجد ان الفيديو كليب في العالم ككل ليس له حصرية وانغلاق في المكان والزمان كما يحدث عندنا.. نجده يصور في الصحاري وداخل الطائرات وعلى فوهات البراكين وبين عمال المناجم وتحت الديناصورات وفي المقابر وجوار البعاعيت والعفاريت.. لكن عقلية المخرج السوداني المتغلغلة في الجمود تجعله يتوقف عند حد البحر دون الغوص داخله مع الاسماك والتماسيح والطحالب والصنارات او ما يطفو فوقه من طيور وصيادين..
لذا لن تجد مثال لكليب سوداني حطم ارقاما قياسيا في اليوتيوب.. ارقامنا خجولة ومتواضعة لاننا نقدم فيديو كليب برمائي باهت ورمادي لا تجذب اضواءه اليراعات والفراشات ناهيك عن شعب يملك عقول فنية نيرة وذكاء فاحص..
انظروا الى الاحباش كيف كلبياتهم تغزوا اسواقنا واسواق الدول المجاورة.. كيف استطاعوا الرقي بمستوى الاغنية والصورة في وقت واحد.. الاحباش استطاعوا ان يصنعوا من الفسيخ شربات اعني ما فعلوه باغنية (قوراقي) التى كانت محصورة في قالب اقرب الي (الصفقة) مثل اغاني الشايقية لكنهم استطاعوا ادخال حركات فنية متناغمة ومبهرة تجعل المشاهد مشدوها ومشدودا وهو يرى التفاعل الجميل بين الرقص والنغم..
حتى جنوب السودان الذي انفصل عام 2011م تفوق علينا في الفيديو كليب انظروا الى (الجكة) التى يقوم بها الفنان امانويل كيمبي تشكل لوحدها ابداعا فريدا في الغناء المصحوب بالحركة دون اتباع طريقتنا المتكررة في التعاطي مع الاغنية المصورة وهي (خمخمة) الفنان والآته الموسيقية والكورس و(هاك يا جرية) الى النيل.. هذه النظرة القاصرة التي ينبعها مخرجونا قاصرو الافق تدل على فراغ (جراب الحاوي).. واقول بالفم المليان ان الفيديو كليب الخاص بنا في الحقيقة شأنه شأن (لوبيا خسارة) ينبت جوار الانهار وبين الجروف..
شاهدت فيديو كليب للفنان عمر احساس.. الحقيقة ان الكليب كان صادما ومخجلا معا.. اشحت وجهي عن التلفزيون وتواريت خجلا.. لان ما قام به الفنان كان فعلا عملا باهتا يستحق اعادة النظر والتقييم.. فكرة الكليب تبدأ بظهور فتاة ملامحها شرق افريقية تشد انتباه المغني في احد الفنادق العربية الفكرة الى هنا عادية ومكررة.. غير العادي في الدراما الغنائية وقوع الفنان عمر احساس على الارض بطريقة متواترة بحسبان ان الفتاة شغفته حبا وشتت انتباهه واصبح لا يرى العوائق التي امامه.. بات يصطدم بالكراسي ويكسر زجاج الابواب واخيرا ينال بونية من تمثال لرجل عنده كرش اظنه تمثال (اشعب الاكول) والله اعلم.. التنفيذ ضعيف واداء المغني به خفقان في التمثيل حيث لا يجيد الوقوع على الارض بشكل مقنع..
الجميل في الفيديو كليب خروجه عن نمط (البرمائية) الغنائية السائدة حيث لا نيل ولا برسيم او شجر او طورية وهذه انطلاقة جيدة تحسب لصالح الفنان.. فلو غني ذات الفنان مصحوبا بفكرة جديدة يتقبلها المتلقى لكان افيد واصوب بحسبان امتلاكه لصوت طروب وغريد كما له ذوقا رائع في اخيار كلمات الاغاني اضافة لخفة الحانه الغنائية التي قلما تجدها بين اقرانه ومنافسيه..
في ذات الوقت يرسم الفيديو كليب صورة سالبة وغير موفقة لفنان يمنح جالونات البنزين جودا وكرما وفي قمة الازمة البترولية.. استطيع الجزم ان (ابن عمي) اذا شاهد الفيديو كليب هذا لشعر بالكسوف والخجل كما شعرت انا.. لما فيه من مشاهد (عوارة) لا يهضمها -في العادة- المشاهد السوداني .. فعلي الفنان عمر احساس ان يوزع 10 جالون بنزين كفارة عما قام به من تجربة غير موفقة..
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا صديقى المقال رائع لكن العنوان يدل على شئ آخر..ظننت عمر احساس سقط أخلاقيا.

  2. كلام هايف جدا جدا وعبارة عن طربقة و ربربة مكتوبة…العنوان فى وادى والمحتوى فى وادى اخر.

  3. يا صديقى المقال رائع لكن العنوان يدل على شئ آخر..ظننت عمر احساس سقط أخلاقيا.

  4. كلام هايف جدا جدا وعبارة عن طربقة و ربربة مكتوبة…العنوان فى وادى والمحتوى فى وادى اخر.

  5. المقال خفيف وجميل بعدين ياخوانا يعنى الكاتب قصد يعمل شغل زى بتاع عادل امام فى الزعيم قالوا ليه وقع الاتفاقية قام رماها فى الواطة وقال ليهم ادينى وقعتها اهو!

  6. المقال خفيف وجميل بعدين ياخوانا يعنى الكاتب قصد يعمل شغل زى بتاع عادل امام فى الزعيم قالوا ليه وقع الاتفاقية قام رماها فى الواطة وقال ليهم ادينى وقعتها اهو!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..