خسارة الضأن وبهدلة السودان

لا يمر علينا يوم دون أن نسمع بأنَّ هناك كارثة وقعت بسبب أخطاء ارتكبها مسؤولو الحكومة الفاشلون بتميز في إدارة مصالح البلاد والعباد، والخاسر الوحيد هو السودان وشعبه. ولنقف عند آخر حدث (صادر الضأن الذي نفق) الأسبوع الماضي، أرجعت سلطات الحجر الحيواني والنباتي بميناء جدة شحنة ضأن تحمل (10) آلاف و(885) رأساً قادمة من السودان، يعني 11 ألف وبررت الخطوة بظهور أعراض إكلينيكية لمرض التسمم الدموي بنسبة تفوق 10%، إضافة لوجود حالات نفوق وصفتها بالكبيرة جداً، تخيلوا ورغم هذه الخسارة الفادحة لم تعلق الحكومة ولا حتى صاحب المسؤولية وزير الثروة الحيوانية، لأن مثل هذه الأخطاء عادية بالنسبة لهم وتتكرر كثيراً نحن فقط من يندهش.
رئيس لجنة الزراعة والثروة الحيوانية ببرلمان (الخيبة) بشير آدم رحمة قال إن إرجاع صادر الضأن من السعودية يأتي في إطار مكايدات سياسية، أي أن الأمر ليس فيه شبهة فساد وفوضى، وطبعاً هو لا يقصد المكايدات داخل المؤتمر الوطني كتنظيم معروف بالحفر وتصفية الحسابات، بل يتهم السعودية رغم أنها هي تمارس حقها الطبيعي، وكامل المسؤولية تقع على حكومة السودان المهملة، ولا أعتقد أن هذه الكارثة كانت ستقع إذا كانت الحكومة لديها سياسة صارمة فيما يتعلق بأمر الصادر، ولما خسرت خروفاً واحداً حتى وإن كانت الخراف سليمة مئة بالمئة ورفضتها السعودية مكايدة منها عديل، فستعود الخراف سالمة والسوق السوداني محتاج لها .
مصدرو الماشية حملوا وزارة الثروة الحيوانية مسؤولية إرجاع شحنة الضان، واتهموا إدارة الحجر البيطري في السودان بالتقاعس والتلاعب بعدم إجراء عمليات التحجير وتصدير المواشي من الشاحنات إلى البواخر مباشرة دون إخضاعها للفحص، كما تم تحميل الباخرة فوق طاقتها، بزيادة4 آلاف ووصفوا إعادة الشحنة بـ(البهدلة)، وذكروا أن المملكة حظرت في وقت سابق دخول الإبل والإبقار الواردة إليها من السودان، أي أن الأمر ليس بجديد ودعوا الحكومة للاهتمام بعمليات صادر الماشية لتفادي الخسائر وسمعة السودان والأضرار بالصادر، ولن تسمع فهي إن كانت تهتم بسمعة السودان لما أوصلت السودان المحترم لمرحلة المكايدات السياسية مع جيرانه، ولما ظلت مثل هذه الكوارث تتكرر.
هذه البهدلة ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة في ظل الفوضى والعشوائية والإهمال والفساد والاستكانة، فقبل عشرات السنوات كان نفس هذا العمل يتم بكفاءة جعلت السودان واحداً من أكثر الدول التي تمتاز بسمعة طيبة فيما يتعلق بصادر الماشية بل وكل الصادر، ولكن في زمن وزراء الولاء المصلحي والتمكين الذي جاء بكل من هب ودب يحدث ما نراه اليوم، ولا أحد يحاسب أو يعاقب، وغداً نسمع بسفينة أخرى تقع في نفس المشكلة بنفس الغباء، وتنتهي الحكاية بطلب استدعاء البرلمان للوزير، ويسمع منه مثلما سمع حكاية عشرات الكوارث من عشرات الوزراء، ودفعنا نحن الثمن بهدلة من البسوى والما بسوى.
التيار