(عشم)..ليس مجرد مسلسل..بل أقوى رسالة شبابية ثورية شاملة

(عشم)..ليس مجرد مسلسل..بل أقوى رسالة شبابية ثورية شاملة
عندما رحلت الفضائيات السودانية إلى الـ HD ، قلت (بركه الجات منكم) ، ولم تكن لي مساحة لشراء الجهاز. بالأمس وجدت نفسي محتاجاً إلى مشاهدة مسلسل عشم الذي يبث على سودانية 24بعد تحريكه لساكن. لجأت إلى يوتيوب وشهدت الأربعة حلقات الأولى . وتلقيت أهم رسائله على الإطلاق وسعدت بها أيما سعادة. ليس الأمر متعلقاً بموضوع المسلسل أو أي من الجوانب الفنية.فلم يحن الوقت بالنسبة لي لذلك . لكن فيما وراء المسلسل. ومغزى تحريكه للساحة.وإليكم ما بدا لي .
*أقوى رسائل المسلسل ، وإن كانت لكل الفئات ، فإنها لأجيال الآباء. الذين يقفون موقفاً سلبياً من شباب اليوم . وينظرون إليه من خلال قصات شعرهم التي لا تعجبهم وازيائهم واهتماماتهم وانشغالهم بجولاتهم.ويبنون ذلك على بؤس ما تلقوه من تعليم مقارنة بما نالوه هم في المدارس. وبالتالي اليأس الكامل من مستقبل البلاد التي سيتسلمها هؤلاء!! فقد فاجأهم شباب لم يعرفوه، بأداء تلقائي كانوا ينتقدون غيابه لدى كبار الممثلين السودانيين . ولا أدري لم استغرب الناس. فهم شباب السلفي واللايف واليوتيوب. الكاميرا في يد كل منهم طوال اليوم. يجربون ظهورهم عبرها متى شاءوا. فما الذي سيوترهم أمامها ؟ لكن الأهم من ذلك ، أنه في مجال اختاروه، و بعيداً عن وصاية الكبار ، أثبتوا جدارتهم باقتدار. فهل يعي الآباء مغزى ذلك؟ وهل سيظلون يعمهون في غيهم ، ولا يعتقدون أنهم يمكنهم الإتيان بذلك في كل مجال يردوه ؟ إن شبابنا في انشغالهم عن المطالعة في الكتب كما يظن الآباء.يعوضون ما فقدوه في المدارس ، بما أتيح لهم في الشبكة العنكبوتية .وهو أشمل وأوسع وأكثر ديمقراطية وحرية في الاختيار.وآلاف من المقتدرين منهم ، ينهلون من كتب لم تتح لكثير من آبائهم . فهل نستفيق ونمنحهم ثقتنا أم سيأتينا طوفانهم ونحن بعد في غفلة ؟
* الرسالة الثانية والمهمة ، كانت لأدعياء صياغة الشباب عبر ما أسموه بالمشروع الحضاري!! والذين استنوا قانون النظام العام ، ليختاروا له مظهره ، ويقهروه عبره. فظهر الممثلون والممثلات بازياء تعبر أمزجتهم وأذواقهم وثقافة عصرهم. لذلك لم يكن غريباً حديث بعضهم عن (التعري)!!!؟ لمجرد ظهورهن بلا خمارات.( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ). فقد اختار هؤلاء ، الحديث عن هموم العيش في الغربة ومشكلاته اليومية . وليس عن حمل السلاح ضد كفرة وهبوب رياح الجنة!!! فأي هزيمة لمشروعهم أكبر من ذلك ؟ ولا يتوقف الأمر هنا عند أدعياء المشروع الحضاري. ولكن لورثتهم من السلفيين.فقد رفد الفكر السلفي الجامعات بالمتأثرين بالمنهج السعودي . وها هو شباب مختلف يعبر عن واقع مختلف. وإذا قرئ ذلك بتخطي القيود السلفية من قادة المملكة الجدد. فلم يعد هنالك تخوف من استمرار هذا السيل على الإطلاق.والواقع أن تخطي ذلك لدى شبابنا ، قد ملأت صوره الحياة العامة في الشارع و الحفلات والمناسبات. وهاهو يقتحم الفضائيات. صرف النظر عن وجهات نظرنا.وتفضلوا بقراءة التعليقات على الحلقات على اليوتيوب . وكم منها يعبر عن أشواق هذا الجيل.
*هذا المسلسل في تقديري ، صورة من صور مراكمة العمل الثوري بلا تحفظ. فهو يعبر عن تجاوز للواقع الماثل تماماً.ورافض له ومتمرد عليه .واندهاشنا منه. يعادل اندهاشنا بظاهرة محمود عبد العزيز وصناعتها . وشباب العصيان في نوفمبر ونجاحهم بتحريك الساحة حين توقف الآخرون. وشباب مبادرة شارع الحوادث.وتكامل هذه العوامل وشبيهاتها، هو الباب الذي ستأتي منه رياح الثورة في السودان لا محالة.
* حتى في مجال العلاقات الاجتماعية والعاطفية على وجه أخص. أظهر المسلسل إلى أي مدى تخطى شبابنا لكل قيد يمكن أن نضعه أمامهم .فهو جيل لم يعد يسرق موعده من شقوق الباب كما نعى علينا ذلك نزار قباني. ولم يعد هنالك مجال إلا في الثقة فيه وفي وعيه وتحصينه لنفسه عبر خياراته وليس خياراتنا طال الزمن أم قصر. فشريك العاطفة على مكبس زر.
* مع كل ذلك. أظهر المسلسل أن شبابنا ليس نبتاً شيطانياً أتى من غريب عنا. ففي ذكاء فني ، كان الحوار عن الفنانين الذين تسمعهم الفتاة . فكانوا ابو عركي والحوت ووردي من كبار فنانينا وشباب المجددين للتراث. وحتى الحفلة مغنيها الشاب يردد ما جدده من التراث. فهل هنالك محال من التخوف من انفلات شبابنا عنا؟
لا أجد نفسي إلا محيياً هذا الاختراق في أكثر الجوانب التي غاب جيلنا عنه بأي من الأسباب .وتغلب الشباب على العوائق.وقدموا لنا هذا العمل الذي يمثل رسالة ثورية أكثر من كونه مسلسلاً تلفزيونياً . فلهم التحية مجدداً.
[email][email protected][/email]
دعني أحييك تحية كبيرة على هذا التحليل الرصين في تقييم هذا المسلسل الفلتة في تاريخ فنوننا المسرحية و التلفيزيونية و الذي لا شك انه سيحدث نقلة نوعية راديكالية في فهمنا لتقديم دراما معبرة عن واقع جديد و مختلف ..
هؤلاء الشباب رغم حداثة سنهم و ما أخاله تجربتهم و خبراتهم الفنية إلا أنهم إستطاعوا تقديم عمل مبهر كانت التلقائية في الاداء و الازياء حاضرة حضورا طاغيا انتقل بالعمل الي مصاف المنافسة الحفيفية في محيطه العربي الشرق أوسطي رغم حاجز الدارجية السودانية و التي اعتقد الكل أنها أحد أهم حواجز إنطلاف الدراما السودانية و إختراقها حجب التقافة الشرق أوسطية المحيطة .. و لكن الحقيقة أن ما كان يعيق الانطلاقة الحقيقية للدراما السودانية هو التلقائية في الاداء و تابوهات الثقافة السودانية التي تكبل العمل الدرامي من مختلف النواحي .. و الذي إستطاع هذا المسلسل كسر حواجزه باقتدار عجيب
دعني أحييك تحية كبيرة على هذا التحليل الرصين في تقييم هذا المسلسل الفلتة في تاريخ فنوننا المسرحية و التلفيزيونية و الذي لا شك انه سيحدث نقلة نوعية راديكالية في فهمنا لتقديم دراما معبرة عن واقع جديد و مختلف ..
هؤلاء الشباب رغم حداثة سنهم و ما أخاله تجربتهم و خبراتهم الفنية إلا أنهم إستطاعوا تقديم عمل مبهر كانت التلقائية في الاداء و الازياء حاضرة حضورا طاغيا انتقل بالعمل الي مصاف المنافسة الحفيفية في محيطه العربي الشرق أوسطي رغم حاجز الدارجية السودانية و التي اعتقد الكل أنها أحد أهم حواجز إنطلاف الدراما السودانية و إختراقها حجب التقافة الشرق أوسطية المحيطة .. و لكن الحقيقة أن ما كان يعيق الانطلاقة الحقيقية للدراما السودانية هو التلقائية في الاداء و تابوهات الثقافة السودانية التي تكبل العمل الدرامي من مختلف النواحي .. و الذي إستطاع هذا المسلسل كسر حواجزه باقتدار عجيب