أنا في التلفزيون

أنا في التلفزيون

الصادق المهدي الشريف
[email protected]

(1)
?مدير أحد الإدرات الحكومية سافر في زيارة الى معسكرات النازحين بدارفور.. ومعه الكاميراء والمصورين.
?عاد الى الخرطوم وطلب من طاقم إعلامه بثَّ الزيارة في الفضائية السودانية.. بعد المونتاج (والذي مِنُّو).
?الزيارة لم تكن لخاطر عيون الدارفوريين النازحين بالمعسكرات، بل كانت رسالتها موجهه الى القيادات العُليا في الدولة والحزب.. (يا ايتها القيادة الحكيمة.. انظروا إليّ وأنا أزور معسكرات النازحين وألتقط الصور معهم.. أنا أمثلُ الحكومة.. إذن الحكومة كانت هناك.. مع النازحين).
?المدير إتصل باصدقائه المقربين.. ومدراء مكاتب المسؤولين الكبار للفت أنظار المسؤولين.. وبعض ندمائه بالخارج… لمتابعة تغطية الزيارة في التلفزيون… قضى الرجل نهار ذلك اليوم وجهاز الموبايل في إذنه.. يهاتف.. ويهتف (أنا في التلفزيون).
?ذهب طاقمه الإعلامي الى مباني الفضائية مبكراً في ذلك اليوم، وتمّ ترتيب الأمر (من مجاميعو)… وجلسوا في إنتظار النشرة الرئيسة.
?بكلِّ أسف.. كلّ القادة الكبار كانوا يشتاقون الى رؤية صورهم في الفضائية في ذلك اليوم، فقاموا بعددٍ من الأنشطة الروتينية ووثقوها عبر الكاميرات التي تتبع لمكاتبهم وتتابعهم ليلاً ونهاراً.
?والتلفزيون المسكين هو جهاز حكومي في نهاية المطاف.. يخضع للترتيب البروتوكولي، الذي يبدأ برئيس الجمهورية ثمّ نائبه الأول ونائبه الآخر، ومساعديه، ومستشاريه، ثمّ وزراء القطاع السيادي، ثمّ الإقتصادي، فالخدمي..
?وعندما بُثّتْ أنشطة كلّ هؤلاء كان الوقت الرسمي للنشرة الرئيسة قد إنتهي… ولم يسعفه الزمن لبثِّ خبر المدير الكبير وصوره مع نازحي المعسكرات، الذين كان في وسطهم ويمسك بأكتاف بعضهم (وسط الزهور متصوِّر/وجهو الصبوح منوِّر).
?ولم ينُم المدير ليلته تلك من الغضب..ثُمّ من الحرج.. فقد نشر الخبر عبر تلفونه بصورة أوسع مِمّا يمكن أن تفعله القناة الفضائية نفسها.
?بعد صلاة الصبح مباشرةً.. لبِس رداءه وتلبس غضبه، وذهب الى المكتب في إنتظار طاقمه الإعلامي المُكوّن من خمسة أفراد.
?طلب كشف باسمائهم، ونظر الى خارطة السودان من خلفه وبدأ يكتب (فلان يُنقل الى الجنينة بغرب دارفور ? علان ينقل الى نيالا بجنوب دارفور ? فرتكان الى وادي حلفا بالشمالية ? خزعبلان الى همشكويب بكسلا ? سجمان الى الكرمك بالنيل الأزرق).
?وبقى المدير في الخرطوم يعالج الحرج.
(2)
?أعضاء بالمجلس الوطني طالبوا بمثول وزير الإعلام أمامهم على وجه السرعة في طلب إحاطة.. يتعلق بالتغطية الإعلامية لجلسات البرلمان.
?النواب غاضبون من أنّ وسائل الإعلام تتجاهل تغطية أخبارهم ومداخلاتهم، لا سيَّما الصحف و… التلفزيون. قالوا أنّ التلفزيون يهتم بمداخلات الوزراء فقط، وحينما يأتي الدور على مداخلاتهم، لا يهتم بها المُخرِج ولا المُنتِج.
?أعضاء البرلمان على حق… ما يفعله التلفزيون عمل غير إنساني، فهؤلاء النواب لديهم نساء وأطفال يفرحون أيّما فرح حينما يرون صور آبائهم على شاشات الفضائيات، حتى لو كان الآباء يصفقون لزيادات الأسعار التي جاءت بها وزارة المالية.
?ياتلفزيون : كفاية وزراء.. يكفي مستشارين.. صوِّروا لنا النواب الذين يصفقون للزيادات.. وأولئك الذين يبكون لعدم سفلتة طريق بارا.. بل حتى أولئك الذين طالبت وزارة العدل برفع الحصانة عنهم لتنفيذ أوامر القبض عليهم وفق المادة 179/ج /صكوك مرتده.

التيار

تعليق واحد

  1. دا اغرب برلمان في العالم الي بصفق لي زيادة الاسعار واغتصاب الفتيات وبقول انو الفساد المالي مابأثر على الميزانية دا برلمان رهيب برلمان احمد ابراهيم الطاهر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..