السوكي : التردي البيئي وإنعدام الخدمات

السوكي : مصطفي أحمد:
تعتبر مدينة السوكي احدي المدن الرئيسية والكبيرة بولاية سنار وهي مدينة عريقة وقدمت للسودان الكثير وساهمت في الاقتصاد السوداني، ولكن المتابع لمستوي الخدمات والتنمية في المنطقة يلاحظ مستوي التدني الكبير للخدمات أو يكاد ينعدم . أي زائر للمدينة ينتابه تساؤل «هل في هذه البلد حكومة؟؟» وذلك للوضع السيئ التي تعيشه المنطقة . فهذا حال المدينة فما بالك في الريف!!
من أكبر الاشكاليات التي تواجه المدينة أنها تنعدم فيها الطرق المسفلتة والتي هي من أهم مشروعات البني التحتية التي يتركز عليها جل النشاط الاقتصادي، ومن المعلوم للجميع أنها خالية تماماً من الطرق المسفلتة داخلية كانت أو الطرق التي تربطها بالمدن المجاورة لها. كما أنها خالية من الكباري ومعابر التصريف ، لذلك تتحول المحلية في الخريف الي جثة هامدة . مما يصعب فيها التنقل والخروج من المحلية . والوسيلة الوحيدة المناسبة للتنقل هي التنقل راجلاً.
ومن المفارقات أن المسافة بين مدينة سنار والسوكي تقطعها في نصف ساعة في فترة الصيف علي الطريق الترابي وربع ساعة أو أقل اذا سفلت الطريق .هذا الوضع أعاق نمو المنطقة كثيراً وأقعد بها من النهوض وضيع مصالح أهلها بهدر الوقت في المواصلات حتي في غير الخريف. ساءت أوضاع المواطنين المعيشية الصعبة فلجأ الكثير منهم لفتح بعض المحال التجارية «الأكشاك» وذلك لمقاومة الأوضاع المعيشية ولكن المحلية قامت بازالة الأكشاك وربطت اعادتها بشرط أن يدفع المواطن مبلغ أربعة آلاف جنيه كرسوم للتمليك بالاضافة لتكاليف الانشاء بالمواد الثابتة والتي تقدر بثلاثة آلاف جنيه .فهذه أعباء جديدة للمواطن فمن أين له بهذا المبلغ ؟؟؟.
أما البيئة والتي لن يكون الانسان صحيحاً الا اذا كان في بيئة صحيحة فالأسواق وشوارع المدينة تتجمع بها الأوساخ دون الاهتمام بها . في الوقت نفسه أن المحلية تقطع ايصالا للمحال التجارية رسوم نفايات. وكذلك أصبح شاطئ النهر وأطرافه منطقة نتنة لرمي الأوساخ فيه والمخلفات بعدم رميها بالنهر وجوانبه مع العلم أن النهر يعبر المدينة وهو متاخم لسكن المواطنين . ومن المفترض أن تخصص مناطق للتخلص من النفايات عبر العربات الخاصة بها . وهذا ما تعانيه المدينة.ونجد في مجال الصحة أن السوكي بها مستشفى عاديا ليس به عمومي وأطفال ونساء وتوليد وتنقصه كثير من التخصصات الأساسية مثل الأنف والأذن والحنجرة والمسالك البولية والأمراض الجلدية والتناسلية وغيرها وهو بذلك مستشفى بسيط لا يفي بالطموح المذكور، ليس للمواطن سبيل سوى الالتجاء لمكان آخر طلباً للخدمة وذلك خارج الولاية حسب الوضع المادي للشخص، اما المواطنون الفقراء والذين يمثلون أكثر من 97% ينتظرون قدرهم .ناهيك عن التخصصات الأندر كما ليس به حتي وحدة تصوير بالأشعة فلا طمع اذن في المناظير ونحوها . المستشفيات الخاصة الموجودة بنفس المستوي من التخصصات والمعدات . نسبة لهذا الوضع تجد هجرة مستمرة للكوادر الطبية والعاملين في مجال الخدمات الطبية كفنيي المعمل طلباً للتأهل أو الوضع الأفضل . كما تعاني بيئة المستشفى من عدم الاهتمام بالنظافة وكذلك دورات المياه بها خلل اما كماً أو توزيعاً أو متابعة لحالها من حيث النظافة ونحوها .كما أن البعوض دائم الاقامة في مبانيها لا يكاد يختفي عنها ، وكثير من الأنقاض موجودة داخل سور المستشفى. التجديد والصيانة للمباني لا يأتي بالمواكبة المطلوبة ، التشجير غائب حيث أن الأشجار الموجودة عتيقة وفاقدة للظل والخضرة كما تنعدم المراحيض ودورات المياه والتي لا بد من توفرها في الأماكن العامة والمساكن كماً وكيفاً ومتابعة أمرها نظافة وتسليكاً والزام الناس بها وكثيراً ما تجد الفضلات مطروحة في العراء وهذا يلوث البيئة ويساعد علي انتشار الأمراض والأوبئة وهنالك أيضاً أماكن انفجار شبكات المياه بعضها يكون بصورة شبه مستديمة كلما تمت صيانتها تعود وتنفجر من جديد ولذلك تكون بيئة مستنقعية يتوالد فيها البعوض والحشرات ، وذلك لانعدام الرش الدوري لأن البعوض مثلاً وكثير من الحشرات صارت تجد بيئة صالحة لتكاثرها علي الدوام مثل دورات المياه والمراحيض وقنوات الري القريبة من أماكن السكن وأحواض الحمامات ولذلك فهي تحتاج لرش دوري بصورة مستمرة لأن الرش الدوري هنا أنجح في المحاربة اذ يقضي علي كثير من الحشرات في وقت واحد بيد أن الرش الفردي يؤثر في مكانه فقط ، مع ضرورة وجود الرش الفردي.
هذه بعض الجوانب التي سلطنا عليها الضوء في مدينة السوكي فهي من المناطق التي عانت التهميش المقصود وانعدمت فيها أبسط مقومات الحياة .

الصحافة

تعليق واحد

  1. يبدو ان اهل الإنقاذ (الافلاس) لم يعوا الدرس وانهم لا يستجيبون الا لمن يرفع السلاح عليهم كفاية عنصرية وتمييز ، ها هو الجنوب قد انفصل و قد انفتح الباب فإما سياسة رشيدة تحفظ ما تبقي واما دويلات عديدة تعيد الابتسامة الي المهمشين …. آمين

  2. السوكى هى واحدة من ضحايا الفدرالية والتقسيم الإدارى غير العادل الذى لعب فيه العامل السياسى الدور الاساسى ولم يراعى فيه العامل الاقتصادى ، حيث كانت السوكى تمثل مركزاً حضرياً متمدن على طول شرق النيل الازرق وتعتبر داعم قوى للسكة الحديد فى عصورها الذهبية حيث كان يصنع فيها فلنكات السك الحديد من اخشاب السنط الصلبة عندما تجف ، وكذلك كانت مركزاً إدارياً تجتمع فيه خدمات انسان الريف الممتد شمالاُ وجنوباً حيث مركز الشرطة برتبة المقدم بالاضافة الى اكبر نقطة إطفاء على طول الضفة الشرقية للنيل الازرق ، إضافة لمجلس مدينة ومجلس ريفى ، وكانت فى السبعينيات والثمانينات ذات ريادة رياضية فى مجال كرة القدم ورفدت فريق المريخ والهلال واهلى مدنى بلاعبين كبار اثروا الساحة الرياضية بعطائهم .
    الان نتباكى عليها بعد ان وارتها هذه الحكومة وشيعتها الى مثواها الاخير عندما توقفت حركة القطارات تماماً وتوقف اكبر منشار فى وسط السودان لتصنيع الاخشاب ، وكذلك عن تقسيم السودان الى بضعة وسبعون محافظة لتجد السوكى نفسها خارجة التشكيلة بالرغم ماكانت تملكه من مقومات كبيرة .
    لولا انسان السوكى الواعى والمثقف لما كان هناك مدينة اسمها السوكى ، فإنسان السوكى هو الذى بنى كل شئ فيها بجهده الذاتى من مدارس ومراكز خدمات طيلة العشرون عاماً المنصرمة ولازال يعطى دون كلل او ملل .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..