تقرير التنمية (1): (الطيش مشترك)!

يدور في الأثير وعلى الشبكات العالمية والميديا الاجتماعية تقرير يضع السودان في (ذيل الذيلية) من مصفوفة النمو وعتبات التنمية الاقتصادية والإجتماعية المرتبطة بإزدهار الدول! رأينا وقرأنا الكثير ثم أعرضنا وقلنا لعل ذلك نتيجة تجميع ما هو معلوم من تدهور لا يحتاج إلى تقرير ولا تحرير ولا تحبير! ولكن غلبنا الفضول واستبد بنا الغضب على حشر السودان في ذيل الأمم.. فذهبنا إلى الموقع الأصلي الذي صدر عنه التقرير.. فوجدنا أنه بالفعل من التقارير التي (يؤبه لها) والتي لا يمكن إغفالها؛ فهو يتكئ على بحوث مضنية واستقصاء حقيقي بالغ الدقة! وهو تقرير يخص العام 2017 وترتيبه الحادي عشر بداية من عام 2007، ويصدر من معهد عالمي مرموق عريض السمعة هو معهد (ليجاتوم) ومقره في لندن، وهو من أكثر التقارير العالمية علمية ومصداقية وموثوقية، وتستند معلوماته على مؤشرات محورية وأسئلة رئيسية تجيب عليها الدول المُدرجة في التقرير (ذات نفسها)!
التقرير يغطي (149) دولة، وترتيب السودان هو (147)! وخلف السودان دولتان فقط هما: (إفريقيا الوسطى واليمن).. نعم إفريقيا الوسطى التي تذهب إليها وفودنا جيئة وذهابا وتجئ وفودها إلينا، لتقوية التعاون المشترك و(التبادل الثنائي) ولنلتمس منهم ويلتمسون منّا الحكمة وفصل الخطاب! هذا التقرير يتناول بالتفصيل الطويل والأرقام والجداول التي لا أول لها ولا آخر المحاور الرئيسية وهي: رأس المال الاجتماعي، وتركيبة الاقتصاد، وبيئة الأعمال والاستثمار، والتعليم والصحة، والبيئة الطبيعية، وحرية التعبير والمعلومات والحريات الفردية، والسلامة والأمن والحوكمة، وذلك في مجمل أقاليم العالم وهي؛ أوروبا الغربية، وأمريكا الشمالية، وأوروبا الشرقية، وآسيا والباسفيك، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأمريكا اللاتينية ودول الكاريبي، وإفريقيا جنوب الصحراء..وكلها مصحوبة بجداول واحصاءات منضبطة (الكمدة بالرمدة)!
وبما أن إأنالمحاور الخاصة بدرجة أداء الدول في المجال الاقتصادي والإجتماعي هي التي تحدّد إزدهار الدول فإن تأخر ترتيبها في هذه المحاور المرصودة يعني (تعاسة مواطنيها) وانغلاق فرصها في النمو والتنمية في المستقبل المنظور؛ إلا إذا تغيرت معادلة الواقع الذي أوصل الدولة المعنية الى الدرك الأسفل (الذي إستحقته وأستحقها) في سلم التدهور والتكلّس والتشبُّث بالقاع.. مثل حالتنا التي جعلتنا في موقع (ثالث الطيش العالمي) أو (الطيش مشترك) مع إفريقيا الوسطى واليمن…ومعلوم حال اليمن اليوم وأوجاعها الراهنة!
ولكن ليس هذا هو الحال في جميع دول إفريقيا التي نحن منها؛ فقد أشار التقرير – ويا للأسى- إلى استثناء السودان من حالة النهضة التي شهدتها القارة حيث يقول التقرير بالنص: الدول الإفريقية تطوّرت بدرجة ملحوظة وبصورة واعدة عام 2017 في مجالين رئيسيين هما: بيئة الأعمال والحوكمة وبنسبة 22% عن العام التأسيسي 2007..وحققت دول الإقليم جميعها هذا التحسّن (عدا السودان)!
الكلام عن التقرير لم ينته! لكن على كل من يرى فيه (إستهدافاً للسودان) أو يملك أدلة ينقض بها غزل هذا التقرير و(يكضب شينته) أن يتقدم بالحيثيات البديلة؛ فالشينه منكورة عند كثيرين.. دعك من المؤتمر الوطني!
[email][email protected][/email]