عيدٌ بأيِ لحنٍ حزينٍ عدت..!

مثلما تحتجب الصحف ليسترخي الورق و تصمت المطابع و ترتاح العيون قليلاً من كتابة المقال ..وقراءته ..وتتكي الأقلام مجهدةً على وسادة الإجازة ..كذلك يذهب الصحافيون والكتاب ليرتموا في أحضان العيد ويستنشقون أنفاس الأهل التي غابوا عنها ..البعض يرتمي منهكاًعلى أرائك العاصمة المشتتة عند تخومها المترامية..وآخرون يتبعون كلمات صلاح أحمدابراهيم ومحمدوردي في رحلة الطير المهاجر فيحثون ريشات الجناح لتتحدى التعب وصولا الى الريف مهما بعدت مسافاته هرباً من عيد المدن التي لا تفتح أبوابها مثل مصاريع حيشان القرى وهي تبتسم للقادم قبل أن يكلف متنه كلل الطرق عليها مستأذناً الدخول .
ولكنه في عمومياته يظل العيد عيداً برغم أحزان العوزالتي انطوت في قلوب الكثيرين ..واطفالهم يلبسون الجديد بنظرات العيون وهي ترمقه في أجساد الآخرين ..وقد سدت كف الأزمة الإقتصادية فوهات الصرافات وحجبت سياسات الإصرارعلى معاقرة العجز الفرحة عنهم .. وهي تستخف العقول بما لم يعد يقبله منطق الحكمة في زمان أصبح فيه قياد المال في يد الفساد ..و ميزان العدالة تحت إمرة الجلاد..!
وقنوات التجهيل تصدح بالحان عيدها الذي لم يغادر حناجر الذين لم يجدوا مهنة غير الصراخ وهو يؤذي المسامع و يزيد من حرقة نيران المدامع ..!
مضى عيد الفطر ..ليفتح المسار ضيقاً لأخيه الأكبر يوم النحر ..ولن تتوقف قاطرة الحياة بالطبع وستتدحرج ولو مع أصوات صرير كوابح الظروف القاسية..فالحاكمون يصرون على السير بها رغم صدأ القضيب والتوائه وتهتكه وخيباتهم في إعمال بوصلة الخلاص من فشل الرحلة ..فيرون الحل في القفز من عربات زمانهم الوحلة ليلحقوا بأجنحة الطائر الذي يحط بهم في منتجعات إراحة ادمغتهم من ضوضاء شكوى المظاليم ..أو يتخلصوا من رائحة تراب وعرق أهله الضائعين بسبب سياساتهم الرعناء ..ليتسربلوا باحرامات العمرة والحج من معين الشعب الناضب بمغاريفهم النهمة.. ومن ثم يرفعوا أكفهم عند طوافهم بالبيت العتيق بان يلهمهم المولى المزيد من القدرةعلى تمديد حبال صبرهم على شعب لم يفهم حتى الآن وبعدثلاثين سنة من مجاهداتهم في تعليمه اصول ومعاني وتذوق طعم الحكم الحضاري تقشفاً وتقرباً لله في المساجد التي غادروها هم لمكابدة عناء الأسواق .. وبأنهم ارتضوا بأن يبيعوا لشعبهم جنات عدن في الاخرة مقابل أخذهم بتواضع وايثار مكاسب وملذات الدنيا الرخيصة !
مضت أيام العيد و رعشات القلوب قد تلاقت مع ومضات العيون وهي تتوهم الفرح باللقياء وكفى ..ونعود من جديد ..لنوقظ الأقلام من إتكاءتها ..وهو عودٌ نرجوه أحمداً بما هوجديد ..وليس بما مضى من سوء الحال ..ولكن هذا لن يحصل إلا إذا ما تكاتفت السواعد لدفع قاطرة الوطن في مسارٍ جديد غير الذي تقطع بها في سبل تجريب المجرب..وكل عام والجميع بخيروسامحونا بالعفو والعافية .
[email][email protected][/email]