المواطن يلم والحكومة تخم!!

فيض وانحسار

بعد أن أصبحت الحكاوى عن واقع المعيشة جزءاً من الروتين اليومي، فلا حديث للمواطنين إلا عن غلاء الأسعار وجشع التجار الذين يعملون على زيادة الأسعار بصورة مبالغ فيها؛ لأنهم على يقين تام بأن لا أحد يردعهم ولا يسألهم، فهم في المقابل يدفعون ضرائب وجبايات للحكومة، ففي السوق بينما يتجول المواطنون بحثاً عن أسعار مخفضة ومناسبة تتماشى مع مصاريفهم يتجول عمال المحلية أيضاً لينتزعون الغرامات والجبايات من أصحاب الدكاكين وخيم الملابس … ( كل زول في همو) المواطن يلم والحكومة تخم، فإذا احتج المواطن على التاجر بأن السعر عالٍ يرد التاجر بكل ثقة والله نحن ذاتنا بندفع كتير في الجمارك عشان نجيب ليكم البضاعة الحكومة (عاصرانا ومقرضاها معانا ) ..
المؤلم في الأمر أننا نصفق لتلك الشعوب التي تتخذ مواقف إزاء زيادة أسعار السلع وتقاطع الأسواق وتحتج على حكوماتها، وغير مسموح لنا بقول (بقم) حتى إذا اشتعل السوق أو ولع.. المطلوب من المواطن الصمت والشراء من (سكات) والمغالطة التي تحير المواطنين يشتكون من سوء الأوضاع وعدم قدرتهم على التماشي مع غلاء الأسعار ويتساءلون في مواقع التواصل الاجتماعي (الناس ساكتة لشنو؟) وكأنهم يتحدثون عن أناس من كوكب آخر وليس من هذا الوطن..
والحكومة استغلت صمت المواطن وفصلّت الأوضاع كما تشتهي وتحب فهي تيقن تماماً بأن المواطن استسلم مرغماً للأوضاع الراهنة التي فرضت عليه مستفيدة من سياسة الضغط بلقمة العيش، فحتى الاحتجاجات السلمية ليس مسموح بها، فكيف يوصل المواطن صوته ويحتج وهو محاصر ما بين الصمت والألم والمعاناة .
الشهور التي مضت خاض فيها المواطن معركة قوية مع غلاء الأسعار وانعدام الخدمات الضرورية وشكلت تلك الأزمة التي مازالت مستمرة ويتوقع لها الاستمرار تحدياً كبيراً أعجز الكثيرين عن التصالح مع الأوضاع إلا أنهم جازفوا ليستمروا في الحياة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل المحاولات التي تجريها الحكومة لإنقاذ الوضع الاقتصادي ستنجح وحتى اللحظة لم يحدث إي انفراج على مستوى الخدمات..
إن الطرق الجديدة التي فطن لها بعض النشطاء والمدونين والمتصفحين لمواقع التواصل الاجتماعي لرصد العديد من المخالفات والفضائح في المستشفيات والمدارس والأسواق والشوارع كفيلة بكشف كل مساوئ حكومة الإنقاذ طوال 29 عاماً الماضية، وهي كفيلة بتلخيص كل المعاناة التي يعانيها المواطن في حياته اليومية والتي خصمت من كل أنشطته وإبداعه جعلته لا يركز ولا يفكر في أكثر من لقمة العيش، فإن الحكومة التي تخصم من إبداع وقدرة المواطن على الإنتاج هي حكومة كساح وطني وليست إنقاذ كما تطلق على نفسها، فقد ظللنا نخرج من أزمة وندخل في أخرى.
وأدمنت هي سياسة التجريب متخذة من المواطن حقلاً لكل خططها الفاشلة التي لا تعترف بها بل تصر على مواصلتها .
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..