عباقرة الكهرباء … يخزنون الطمي (1)

ما وراء الخبر

هي المرة الأولى منذ نصف قرن، لا تفتح بوابات الخزانات في بداية الخريف (مايو) لإفراغ الطمي، وذلك حسب برنامج مكتوب تم وضعه منذ عشرات السنين (فتح البوابات في مايو وإغلاقها في أغسطس) وفقاً لرصد وتحليل لوارد المياه، ولتفادي تراكم الطمي وترسبات ما يحمله النيل الأزرق من مخلفات زراعية وحيوانية، وهي عملية مدروسة ومعروفة بـ(flushing) وهي أهم عمليات الصيانة الوقائية التي يجري تخطيطها وتنفيذها بعناية، وهي أحد أهم أسباب تقليل التكلفة لعملية إزالة الإطماء في بحيرة السد، و لعل خطل مثل هذا الرأي هو ما قاد وزارة الكهرباء الى التهاون في حقوق السودان في طريقة ملء سد النهضة، يأتي ذلك تأكيداً لسياسة وزارة الكهرباء المحدثة وهي تخزين المياه بغرض توليد الكهرباء بالدرجة الأساس وإتاحة ما فاض عن ذلك للزراعة، بينما الذي كان ثابتاً هو إتاحة إرواء المشاريع الزراعية وما فاض عن ذلك لإنتاج الكهرباء، واضح أن هذه السياسة ستكون ذات آثار كارثية على المخزون الفعلي للمياه خلف السد، يؤكد ذلك ما جاء في برنامج سبت أخضر بقناة النيل الأزرق والذي يقدمه الدكتور عبد اللطيف البوني في حلقته بتاريخ السبت 19 أغسطس 2017، كان ضيفه وزير الري والموارد المائية والكهرباء الأستاذ معتز موسى، رد الوزير على الطريقة المستحدثة لإدارة الخزانات ضمن مداخلة المهندس فضل حاج الطيب، ودون التعليق على أمر إدارة الخزانات وما سمي لاحقاً “المنشأة الواحدة” مخالفاً الوضع السابق والذي كانت تدار به السدود والخزانات لأكثر من (50) عاماً خالية من أي إشكالات حقيقية وبغض النظر إذا أنشئت هذه السدود لغرض واحد أم لا وهو ما أشار اليه الباشمهندس فضل.
ما يهمنا هو رد الوزير على المداخلة فيما يختص بنسبة التوليد المائي، فقد ذكر الوزير النص الآتي: (الليلة 60% من كهرباء السودان بتجي من السدود) أراد الوزير تبرير ما حدث في شأن إدارة الخزانات أو ما سمي بـ”المنشأة الواحدة” والذي وصفه الخبير فضل حاج الطيب بأنه قرار غير صائب.
لقد أفاد الباشمهندس فضل بأن صلاحيات وكيل الري تقلصت كثيراً، والسؤال هو كيف تم تعيين وكيل الري أولاً؟ وهل كانت لديه صلاحيات أصلاً حتى يتم تقليصها منذ توليه هذا المنصب؟ وهل نص قرار تعيينه على أنه وكيل لشؤون الري فقط أم إن نص قرار التعيين والذي صدر من أعلى جهة بالدولة يخالف ذلك تماماً؟ وهل صحيح أن قرار تعيينه نص على أنه وكيل وزارة الموارد المائية والري والكهرباء ليخلف الوكيل القديم (بمعنى إعفاء الوكيل القديم)؟، وهل تدخلت جهة لتعديل القرار؟، إذا افترضنا أن تكليف الوكيل الجديد بشؤون الري فقط هو أمر تنظيمي يخص الوزارة (وهو ليس كذلك) ويجوز للوزير إصدار قرار آخر يخالف قرار تعيين الوكيل الجديد الذي سمي وكيل الري، فهل هو وكيل تحت سلطة الوكيل القديم؟ وهل الوكيل القديم ما زال يوقع على أنه وكيل وزارة الموارد المائية والري والكهرباء؟
إن وجود وكيل للري تحت إدارة وزارة الكهرباء ليس له معنى الا تضليل للمسؤولين والرأي العام، بأن الكهرباء تعتمد على إرث وزارة الري وخبراتها في تصريف شؤون الخزانات وإدارة المياه، في وقت لا يستطيع وكيل شؤون الري (المهمش) إصدار أي قرار وليست لديه صلاحيات في مجاله وخاصة المالية.
إن عدم فتح الخزانات في مايو وخلق مخزون مياه متضخم بفعل ترسب الطمي يلقي بظلال من الشك وانعدام الشفافية في الغرض من ذلك، كم من المياه يتم تخزينها بالفعل؟ وما هي الأضرار المترتبة على تأخير تفريغ الخزانات ؟ نواصل.
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..