إنهم ينشدون التغيير !!

فيض وانحسار

أحياناً هنالك أشياء تدخلك في حيرة من أمرك حينما تفكر فيها بعمق… تتوقف عن التأمل وتبدأ تتساءل لماذا وكيف ومتى (وليه) ؟ ولا تجد إجابة.. في السنوات الأخيرة شهدت عدد من البلدان العربية الغنية بالموارد الطبيعية والبشرية انتفاضة وانقلابات غيرت أنظمتها وقلب الحياة رأساً على عقب… بالرغم من إدعاء الكثيرين بأنها انتفاضات.. وتطلع تلك الشعوب للتغيير ناتج عن تدخل أيدٍ خفيه لا تريد الاستقرار لتلك البلدان… إلا أن الواقع كان يترجم عكس ذلك، فتطلعات بعض الشعوب للتغيير والانفكاك من أنظمة قارب عمرها عمر الديناصور المنقرض وتجاوزت أعمار قادتها سن الإدراك والوعي كان صائباً، فاستطاعوا أن يتخلصوا من الكنكشة الشيطانية تلك . .
قد تكون تلك الدول بالرغم من الفساد والدكتاتورية حققت نتائج في التنمية ووفرت خدمات لشعوبها وعبرت بها نحو آفاق التنمية، فكان حراك التغيير مكسباً لشعوبها لاكتساب مزيد من الحريات والاستقرار . ..

ولكن (المغصة) التى تحرق الأحشاء أن يبقى نظام لـ30 عاماً دون أن يحقق تنمية على الأرض ولا يوفر خدمات لمواطنيه.. ويبدأ يمارس عليهم سياسة التعذيب والترهيب ليستمر في نظام الحكم… إن واقع الشعب السوداني اليوم الذي إذا ذهبت إلى أقرب ولاياتها لا تجد مستشفى مجهز بل دعك من المشفى قد لا تجد مركزاً صحياً.. ويعاني المرضى من البحث عن علاج، فيهاجرون إلى العاصمة الخرطوم بحثاً عن مشفى حكومي لتلقي العلاج، ولكنهم يتفاجأون بتجفيف المستشفيات ولا يوجد علاج إلا في المستشفيات الخاصة ولا يمكن لك أن تتلقى العلاج إن لم تكن تملك مبلغاً من المال.. وهكذا هي الدوامة…
أما عن التعليم فحدث ولا حرج ففي ولايات كثيرة لا توجد مدارس مؤسسة ببعض القرى وفي الفرقان البعيدة يجلس التلاميذ تحت فروع الشجر لتلقي التعليم… أما بداخل العاصمة فإن نسبة التسرب المدرسي كبيرة نظراً لعجز كثير من الأسر دفع تكاليف التعليم، كما أن الحاجة المادية دفعت كثيراً من الأسر لإخراج أبنائهم من المدارس لمساعدتهم في توفير مصاريف المعيشة.. فضاعوا ما بين الشارع والبيت، ولم يجدوا طريقاً نحو المستقبل… والحكومة التي تدعي في خطبها الجماهيرية بأنها وفرت العلاج والتعليم ولم يخرج يوماً مسؤول من الوزارات المعنية إلى الشارع ليسأل عن حال التلاميذ الذين تركوا مقاعد الدراسة ولم يخرج وزير الصحة لينظر تلك الروشتات (الحايمة ) أمام المستشفيات يسأل أصحابها عن حق الدواء .

نظام يحكم لسنوات عجاف ولا يزيد مواطنيه إلا عذاباً وجهجهة ومرارات عديدة، وفوق ذلك يصر على الاستمرار والبقاء في السلطة، وهو يسمع أنين شعبه الذي يتطلع إلى التغيير والخروج من حالة الاختناق التي يعيشها منذ سنوات، فالأوضاع الراهنة لا يمكن التماشي معها في ظل الأجور المتدهورة التي لا تغني ولا تسمن من جوع .
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..