الذكرى الاليمة

نبض المجالس

رغم ان الحقيقة بائنة بمعطيات الواقع بان الانقاذ “الثورة قد تلاشت وذهب بريقها وعنفوانها ..وربما اغتيلت وتبدد دمها بين الحزب والعسكر ..غير انه لم يصدر بيان رسمي ينعي الثورة ..فهل حقا اكلت الثورة بنيها ..ام ان بنيها هم الذين انقضوا عليها والتهموها ونهشوا لحمها واجهضوا مشروعها الفكري والسياسي ؟ .
فهل فعلا كان ذلك كذلك , حتى غدت الانقاذ كما “الجيفة ” ملقاة في العراء لم تجد من يقيم عليها “ماتما وعويلا ..؟
صحيح ان بريق الثورة قد خبأ وسقطت هى كفكرة من ضمير الشعب السوداني فترجلت من قمة المشهد السياسي الى سفحة كذكرى “اليمة” وموجعة وبات كل من شارك في صنعها او ناصرها بالحق او بالباطل يتوارى حياءا خلف الاستار ويتاسى على هذه التجربة ..كيف انتكست وتراجعت كونها مشروع سياسي فكري عالمي كما جاء في ديباجته يوم ميلاده , ولكن كما يبدو تفرق رموزها وصناعها ومفكريها ايدي سبأ تحت وطأة العاتيات والاستقطابات السياسية فحاصرتها معاول التعرية السياسية هدما وتقطيعا واغتيالا فسقط المشروع الكلي للثورة فلم يعد هناك من يحتفي به بذكراه , وربما شكلت هذه الذكرى محطة لاجترار المرارات وتوجه اللعنات لكل من اسهم في بناء هذا المشروع السياسي ليكن حاكما وسلطانا على السودانيين على مدى ثلاثين عاما عجافا .
ومنذ حوالي عشر سنوات غابت “البهارج” ومظاهر الاحتفاء وتوشحت “الساحة الخضراء (بالسواد) والتي لطالمات ظلت كل عام تحتضن على بساطها الاخضر مهرجانات مستمرة للتباري عبر الخطب السياسية وادبيات الثورة غزلا وفرحا ورقصا باضافة عام جديد للثورة لكننا الان نشهد بما هو اشبه بمرحلة “الافول” والتلاشي ليس لهذه الادبيات فقط وانما للمشروع الكلي الذي جاءت به الانقاذ .
لم نحتفل لانه لم يعد احد يحتمل بما جنته تجربة الثلاثين عاما الماضية من انتكاسات سواء كان ذلك على الصعيد السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي , كان الاوفق والانفع لتجربة الانقاذ ان تحاكم نفسها منذ ان جاءت للناس ببيانها الاول عشية 30/ يونيو من العام 1989حينما تحدثت لهذا الشعب عن مبررات الانقضاض على الديمقراطية “الموؤدة” ورسمت مساراتها واعلنت مشروعها الذي شغلت به نفسها والاخرين من حولها ..فعلى المستوي السياسي والفكري ظلت سفينة الانقاذ في حالة من الصعود والهبوط من مرحلة الى اخرى بحثا عن شواطي آمنة وفي سبيل ذلك ظلت تفقد الكثير من منطلقاتها الفكرية والسياسية اما اقتصاديا , لن نحتفل لان المسيرة ارتدت الى اسوا مما كان عليه الواقع قبل البيان الاول للانقاذ .. لن نحتفل لاننا فقدنا جزءا عزيزا من مكونات خارطة الدولة السودانية .. لن نحتفل لان سعر الدولار عشية 30 يونيو لم يتجاوز الجنيهين .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..