حينما تشبع البلد “لعنات”

في أوقات كثيرة ، ونتيجة مواقف سياسية بعينها ، نصب جام الغضب على البلد ونشبعه لعنات ، ونحن بذلك نؤسس من حيث ندري أو لا ندري ، للقول بأن السودان بلد ،” فاشل” في كل مناحي الحياة ، بشهادة أهله ، وتبعا لذلك يتعامل معنا الاخرين وفقا لهذا التوصيف إن كنا في الداخل أو الخارج .
نحن حينما نكيل الشتائم للسودان ، نكون في حالة غضب وضجر من موقف حكومي عابر ، وهي حالة يجب فيها أن نوجه سهامنا بشكل دقيق نحو السياسات الحكومية التي نعارضها ، عوضا عن مهاجمة السودان بأكمله .. فالحكومات تتبدل والمواقف السياسية تتغير ، ويبقى السودان الى أن تقوم الساعة ، وهو طن جدير أن نفخر به ، وبإنسانه الذي عرفته شعوب الدنيا منذ زمان بعيد ، وسُجلت باسمه أرفع المعاني التي حملها “الزول” أينما حل .
من أقبح ماجنينا من سخريتنا من السودان أن أصبح التعامل معنا في كثير من دول العالم حين العمل والتوظيف أو حتى العبور من المطارات والموانئ ، متدنيا ، مدفوعا بالكم الهائل من السخرية التي صببنا أعمدتها نحن وليس أحد غيرنا .. ونجد غير السودانيين من الذين يفاخرون بأوطانهم ويصفوها بصفات لم تكتسبها يوما ، هم عند الاخرين أعلى قيمة ، لأنهم ببساطة قدموا أوطانهم على أنها جنان ، يتعجلون العودة اليها ، في حين أن من بين هذه البلدان التي يتفاخرون بها من يسكن إنسانها في أطراف ” المقابر”!.
يتوجب علينا جميعا أن نُعلي من شأن الوطن ، وأن نعزل مواقفنا السياسة تماما حينما نتحدث عن الوطن ، الحكومات هي وحدها مسئولة عن السياسات التي نرفضها ونعارضها ، أو نتقبلها ونمتدحها ، وليس للوطن السودان ذنب فيما يأتي به أهل السياسة .
أذا ظللنا نرمي السودان بكل قبح ، ينبغي أن لا نشعر بأذى الاخرين اذا سخروا منا ، أو نظروا الينا بأننا أقل قامة من الاخرين ، الذين ،أغلب أدواتهم “مسعول الكلام” و” التفاخر الزائد بأوطانهم” ، وهذه حقائق يدركها كل شخص عاش خارج السودان ، مهاجرا أو مغتربا .
قد يقول قائل “نحن” لسنا بحاجة لدروس في الوطنية ، ولكن القصة ليست دروسا تمنح للأخرين ، بل حالة ماثلة ، أصبح الجميع يتلمس نتائجها الكارثية التي نجنيها نتيجة التسابق في شتم السودان ، للحد الذي كأننا نريد أن نقع شعوب الدنيا بهذا الفشل.
مصطفى محكر .
مصطفـى محكـر
[email][email protected][/email]