النكبة والذكرى الأليمة

كلما حل عام على حكومة الإنقاذ إلا وانبرت الأقلام والألسن تُعدِّد مساوئها التي تزيد ولا تنقص وتكبر ولا تصغر، أول أمس أكملت عامها الـ 29، وظَللت أتابع ما يكتبه الناس عنها ولم أجد أحداً يذكرها بخير أبداً حتى كوادرها، بعض يقول إنها انحرفت ويُطالب بالاعتراف والإصلاح، وآخر يقول إنّها فشلت ويُطالبها بالتنازل عن السلطة، وآخرون يشجعون على ثورة تسحقها، أما الذين ما زالوا تحت تأثير إدمان السلطة والثروة فهم لا يرون فيها عيباً ويبرِّرون وينكرون ويقولون أن الإنقاذ مازالت تتمسك بكتاب الله، مع أنّ سلوكها يثبت أنها لم تسمع به حتى، أما المواطنون فلا يرون فيها آلام اجتمعت عليهم.
العنوان أعلاه يمثل واحدا من عشرات العبارات التي اُستخدمت في ذكراها الـ 29 التي صادفت يوم 30 يونيو يوم مجيئها الذي اعتبره البعض نكبةً حقيقيةً ومشواراً طويلاً من الآلام والأحزان، أما اسم ثورة الإنقاذ فهو كلمة حق أُريد بها باطلٌ، فهي لم تدّخر جهداً لإغراقه في وحل الفقر والجوع والمرض والجهل والتّخلُّف والانكسار والعزلة والشتات.
السودان لم يكن بصحة جيدة حين جاءت الحكومة المُسماة الإنقاذ، وهو فعلاً كان يحتاج إلى إنقاذ وقليل من الجهد الصادق كان سَينقذه، فقد كانت الفُرصة مُناسبة جداً أن صدق من جاءوا بها رغم ما ارتكبوه من خطأٍ في انقلابهم على الديمقراطية، فقد وجدوا أمامهم تجارب فشل كبيرة وفرص نجاح أكبر ان استثمرت في بناء الدولة القوية، لكننا وجدنا لها العذر وقلنا إنها اتبعت نهج الرئيس التركي اردوغان رغم ديكتاتوريته لكنه تطوّر بلده ولما احتاجت لكل هذا الفساد ضد الشعب لتعيش وتتمكّن، ولذلك دائماً نقول انّ الحركة الإسلامية حين (سرقت) السُّلطة لم يكن لديها هدفٌ سامٍ، فقط كانت تريد الوصول إلى السلطة مهما كلفها الأمر، ولم تكن ترى في الدين والانقلاب غير غاية توصلها إلى الهدف، وهذه واحدة من التناقضات التي ميّزت مسيرتها خلال ثلاثة عُقُودٍ وكلنا شهود عليها، فهي تدعو إلى البر وتنسى نفسها، تدعو إلى الديمقراطية وتمارس الديكتاتورية، تدعو إلى الحق وتمارس الظلم، ترتكب الأخطاء وتصر عليها وتتظاهر بأنها غير مُخطئة، تستخدم الكذب والتضليل والإنكار والتبرير لتتجمّل ولكن دائماً ما يفضحها سلوكها.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو لماذا يصر طاقم الإنقاذ على اتباع نفس النهج السيئ ويرفضون التخلي عنه رغم علمهم التام بأنهم مضوا في الطريق الخَطأ ومُتأكِّدون من أنهم سيصلون إلى نتيجة سيئة؟ ولماذا لا يستمعون إلى النصائح التي تُقدّم لهم من قِبل المُواطنين والعالم؟ ولماذا القسوة على السودان وشعبه والسعي إلى الانتقام منه بحرمانه من التطور والتنمية، فهل هو حِقد وكَراهية له، أم أنهم ينفذون أجندات خارجية كما يحلو لهم اتهام الناس ليبعدوا عنهم التهمة، أم أنّهم فعلاً غير مُدركين لتصرفاتهم ويُعانون من انفصام في الشخصية. وأنا لا أجد تفسيراً منطقياً لما تفعله الإنقاذ بالسودان غير أن تُعاني من واحدة من هذه المشاكل.
لقد باءت كل المُحاولات لإصلاح الإنقاذ خلال 29 سنة خارجياً وداخلياً، هي حتى هذه اللحظة ورغم أنها دخلت عامها الثلاثين إلا أنها غير مُستعدة تماماً لمُجرّد التفكير في الإصلاح من أجل المصلحة العامّة .
التيار
رحم الله محمد وردي إذ يغني:
كبرتِ وليــــك تسعتـــاشر سنـــة
عمر الزهور عمر الغرام عمر المني
لقد كبرت الإنقاذ وليها تسعة وعشرين سنة فماذا نقول عنها؟
ولعل عمر البشير يردد في سره:
ذكراك ما ذكراك
غير العذاب ألوان
لو أستطيع أنساك
أو أعرف السلوان
يا أيها المؤتمر الوطني “ما قلنا ليك” ولكنك “ما رضيت كلامنا وجيت براك .. أهو دا العذاب اتحملوا”..
أهل الإنقاذ يريدون هبوطاً ناعماً من نوع عفا الله عما سلف، والشعب يعد المشانق وهو يقول: لو إنت نسيت أنا ما نسيت ….
ولكِ كل الود أيقونة راكوبتنا الأستاذة الموقرة أسماء..
رحم الله محمد وردي إذ يغني:
كبرتِ وليــــك تسعتـــاشر سنـــة
عمر الزهور عمر الغرام عمر المني
لقد كبرت الإنقاذ وليها تسعة وعشرين سنة فماذا نقول عنها؟
ولعل عمر البشير يردد في سره:
ذكراك ما ذكراك
غير العذاب ألوان
لو أستطيع أنساك
أو أعرف السلوان
يا أيها المؤتمر الوطني “ما قلنا ليك” ولكنك “ما رضيت كلامنا وجيت براك .. أهو دا العذاب اتحملوا”..
أهل الإنقاذ يريدون هبوطاً ناعماً من نوع عفا الله عما سلف، والشعب يعد المشانق وهو يقول: لو إنت نسيت أنا ما نسيت ….
ولكِ كل الود أيقونة راكوبتنا الأستاذة الموقرة أسماء..