أصبروا شوية.. الجماعة شغالين ليكم في الثورة

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد سنوات من التعامل مع بعض من كبرى مؤسساتنا الاقتصادية، من مواقع مختلفة ..توصلت إلى مدى عظم المسافة بين كلمتي (تصدق) و(نفذ)!!. وإن كان موقعك أو معرفتك بكبار المسئولين في هكذا مواقع،تعني تفهماً واضحاً للغرض العام الذي ذهبت إليه،وبالتالي سهولة التصديق به، فإن الأمر سيأخذ منك وقتاً أطول مما توقعت، أياً كان المستوى الوظيفي الذي يقع على عاتقه التنفيذ .مع إختلاف في مسببات التأخير عند كل منها. فالوظائف الوسيطة، ستبرع في خلق بعض الإشكالات اللائحية أو كشوف الانتظار أو الميزانية المصدقة، أو عدم وروده بعد في المخازن أو شيئاً من هذا القبيل. والموظف الصغير، سيتفنن في إقناعك بحجم العمل الملقى على عاتقه، ليدخلك في النهاية في سلسلة من التاجيلات والتسويفات بأي من الأسباب التي لن يعدمها. أما العرض الحقيقي، فتبدأ مشاهده المثيرة، إن كان التنفيذ لدى فني في أسفل السلم. وقد يكون عامل مياه أو كهرباء أونجاراً أو غيره.فهؤلاء، هم الفاعلون الحقيقيون . فالموظف الكبير يعتبر أن دوره انتهى بتحويل الأمر،وليس في الإمكان أبدع من ذلك . لذا، فستجد نفسك تحت رحمة الفني أو العامل، الذي لن يتم الأمر إلا إذا عملت يداه. وهي هنا قد تخضع لمزاجه أو أي شئ آخر ذاتي يخصه.وأي محاولة للضغط عليه، يمكن يبتدع بها فنوناً من العوائق التي يضعها أمامك.لكل ما سبق، تيقنت أن الكبار وحدهم لا يكفون. ويجب أن تكسب ثقة وود وتعاطف من هو اسفل السلم ليتم تفعيله. لذا تعودت ان أكون لطيفاً معهم، وعلى الأقل بالتواجد قربه عند العمل حتى إن كان يسلك دورات المياه. في كل هذا التعطيل، إن اتصلت بالمسئول الأول، ستنشأ سلسلة اتصالات داخلية، لتاتيك الإجابة (أصبر شوية ..الجماعة شغالين ليك). والواقع أن المسئول الأول، لن يتمكن من الضغط لسبب من ضعف الرواتب أو قلة الإمكانات أو أي شئ من هذا القبيل.ويشعر أسفل السلم بالضيم وعدم إحساس الكبار بوضعه، فيقرر أن يحل المسألة بنفسه بالزوغان لزيادة دخله بعد أن يقدم الحجة المقنعة لاستحالة إتمام الأمر.
دعونا نحاول مطابقة هذه المتلازمة على واقعنا السياسي حكومة ومعارضة.ففي الحكومة، قد يجيز البرلمان ورئيس الجمهورية دستوراً ويستفتى عليه الشعب. لكن أصغر رجل شرطة، قد يجعل بنداً منه، حبراً على ورق. وقد يصدر مجلس الوزراء قراراً بعدم تحصيل اي رسوم من الطلاب، لكن التحصيل والرسوم يزيدان بمتوالية هندسية.لأن هنالك سلسلة من المستفيدين من وجودها.
أما من ناحية المعارضة، فإن الأمر أسوأ. ببساطة لأن الموجود والظاهر، هم من أعلى السلم. ثم بعض القيادات الوسيطة المتطلعة.. أما أسفل السلم، فيوجد غياب تام. لأن العلية لم يتمكنوا من مخاطبتهم ليتعللوا بالتضييق على النشاط من النظام. لذا سيكتفون بالتواجد في وسائل الاعلام ومواقع التواصل. ليدعوا الجماهير إلى تكوين لجانهم القاعدية.وإلى الثورة. عند لقاء الداعمين الإقليميين أو الدوليين، سيقولون (أصبروا شوية، الجماعة شغالين ليكم في الثورة) حتى ييأس الداعمون لهم ويتحولوا إلى دعم النظام.ومع سلسلة المصالحات التحاصصية، سيقتنع أسفل السلم بأن هؤلاء إنما يعملون لصالحهم. وقد انتقل المرض حتى إلى المجموعات الشبابية، وما أسهل الكتابة، وما أبدع اللايف، وتكوين المجموعات وإدمان ( الأدمنة). والدعوات للثورة. لكن الكل له موبايله، فلا أحد أقل من غيره.
ونسوا أن أنجح عصيان مدني هز النظام، لم يتم نتيجة الدعوات فقط، ولكن بتواجد لجان الأحياء، وتوزيع القصاصات والملصقات.ولكن لغياب الرؤية المقنعة لبديلهم المختلف عن غيرهم، قل التجاوب في المرات الأخرى.
ختاماً، هل سيقتنع القادة في المعارضة، بضرورة النزول إلى القواعد ؟ أم أنهم سيقولون لهذه القواعد عندالسؤال عن تاخر التغيير (أصبروا شوية …….الخ) ؟

معمر حسن محمد نور
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..